يعاني العالم من أزمة الكثافة السكانية بشكل كبير للغاية؛ إذ أنها تأكل الاخضر واليابس وتحجم كثيرا من ثروات البلاد ولا تكفي لتوزيع دخول مناسبة على المواطنين، ولذلك تلجا العديد من الدول لتحديد النسل.

الدول التي قررت تحديد النسل

1- الولايات المتحدة الأمريكية
في بدايات القرن العشرين ظهرت حركة تحديد النسل في الولايات المتحدة على يد بعض السياسيين ودعاة التغيير الذين لاحظوا وجود مصاعب كبيرة تسببها عمليات الولادة، أو عملية الإجهاض المتعمد بالنسبة لهؤلاء النساء من ذوي الدخل المتوسط، وتعتبر من ضمن حركات الإصلاح الاجتماعي، وقد استمرت تلك الحملة حتى عام عام 1945 م، وقد كان هدفه الحملة إتاحة وسائل منع الحمل بشكل كبير من أجل تحديد النسل، وتكون الإتاحة تلك من خلال التعريف بها، وإباحتها قانونا.

والتاريخ الأمريكي يوثق لنا أن مناقشة وسائل منع الحمل كانت تُعد في ذلك الوقت مسألة مخالفة للآداب العامة، ولذلك عمل هؤلاء النشطاء على مهاجمة قوانين “كومستوك”؛ التي تحظر بيع أي من هذه الوسائل “المخلة بالآداب، والداعرة، والمثيرة للشهوات”.

أما في العام 1916، فقد تم تدشين أول عيادة في أمريكا لتحديد النسل ولكن الشرطة الأمريكية سارعت بإغلاقها، وتعرضت صاحبة العيادة لحكم بالحبس لمدة 30 يومًا، وظلا لوضع هكذا إلى أن وقعت الحرب العالمية الأولى وكانت كنقطة تحول، حيث أسفر تم الكشف على عدد كبير من الجنود الأمريكيين قبل دخولهم في الحرب وتبين أنهم مصابون بأمراض تناسلية، وعليه بدأت الحكومة في شن حملة لمكافحة الأمراض التناسلية، واتبعت في حملتها شعارات تنادي بأن الجماع ووسائل منع الحمل أمور ترتبط بالصحة العامة، وبدأت الحكومة تدخل في مناقشات حول وسائل منع الحمل، وأخذت تسمح بنشر موضوعات البحث العلمي المتعلقة بهذا الشأن؛ وبناء عليه تحولت وسائل منع الحمل من مسألة تمس الأخلاق إلى مسألة محورها الصحة العامة.

وفي عام 1937 لجأت الجمعية الطبية الأمريكية للنظر إلى وسائل منع الحمل باعتبارها جزءا لا يتجزأ من المناهج الدراسية الطبية، وأخذت بعد ذلك تتشكل اتحادات تنظيم الأسرة الأمريكية، والذي كان له دور كبير في إنشاء شبكة وطنية من عيادات تنظيم النسل، ثم وقعت الحرب العالمية الثانية، وبعدها مباشرة اعترفت الأوساط الطبية الامريكية بتحديد النسل بشكل نهائي.

2- الصين
كانت السلطات الصينية فيما بعد منتصف القرن العشرين بسنوات قد أصدرت قرارا يحد من النسل بوجوب أن تنجب كل أسرة طفلا واحدا فقط؛ حيث كان عدد السكان قد زاد من حوالي 600 مليون نسمة في خمسينيات القرن الماضي إلى حوالي 800 مليون نسمة في عام 1970، وبذلك هدد الانفجار السكاني بامتصاص النمو الاقتصادي للبلاد، وكانت الصين قد منعت الأسر التي تعيش في المدن من أن تنجب أكثر من طفل واحد، بينما سمحت للأسر التي تعيش في الأرياف أن تنجب طفلا ثانيا، لا سيما إذا كان الطفل الأول أنثى.

ومن عدة سنوات فقط، بدأت السلطات الصينية بالتخفيف تدريجيا من تلك السياسة؛ حيث سمحت للزوجين الوحيدين بإنجاب طفل ثان؛ وفي عام 2013، سمحت للأسرة بإنجاب طفل ثانٍ إذا كان أحد الزوجين فقط وحيداً.

وبالفعل كان لهذا القرار أثره الفعال حيث منع حدوث نحو 400 مليون من الولادات، منذ تطبيقها، وكانت السلطات الصينية قد طبقت هذه السياسة عبر تقديم حوافز مالية وتوظيفية لمن يلتزم بها، كما غرمت من يخالفها، وسمحت بنشر وتوفير وسائل منع الحمل على نطاق واسع، كما لجأت في كثير من الأحيان لاتخاذ إجراءات إكراهية، كعمليات الإجهاض الإجبارية.

ولكن لمن يتابع الأمر مؤخرا سيجد أن الصين قررت أن تلغي سياسة الطفل الواحد التي كانت قد فرضتها في سبعينيات القرن الماضي؛ حيث أعلنت الصين مؤخرا سماحها لجميع الأسر بإنجاب طفلين.