صلح الحديبية هو بمثابة أشهر العهود التي عرفت في تاريخ الإسلام ، فقد مر التاريخ الإسلامي بالكثير من الحروب و الغزوات ، و التي كانت بهدف نشر الدين الإسلامي ، و في ظل كل هذه الحروب ، كان يعاني دائما سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم من اضطهاد الكفار له ، و معاملته السيئة تجاهه و تجاه كل من يتبعه من الصحابة و المسلمين ، و لذلك فإنه كان يلجأ معظم الأوقات لعقد هدنة أو صلح بين المسلمين و الكفار ، و من ضمنها كان صلح الحديبية .

ما هو صلح الحديبية
كان صلح الحديبية في شهر ذي القعدة في السنة السادسة من الهجرة النبوية الشريفة ، و التي كانت نتيجة لإعلان النبي محمد صلى الله عليه و سلم عن غرضه في أداء العمرة ، و زيارة بيت الله الحرام و مكة المكرمة ، و لكنه كان يخشى بطش الكفار و خاصة قبيلة قريش أن تتعرض له في الطريق ، و تقتله هو و من معه من المسلمين ، و قد قرر نبي الله محمد صلى الله عليه و سلم أن يقوم بزيارة بيت الله الحرام .

و كان معه حوالي ألف و أربعمائة رجل من أهل المهاجرين و الأنصار سويا ، و كانوا يرتدون ملابس الإحرام ذات اللون الأبيض ، و التي تعني عدم رغبتهم في الحرب أو العدوان ، و كانوا يحملون سيوفهم فقط لحماية أنفسهم خلال الطريق ، و ظلوا في طريقهم للبيت الحرام حتى منطقة ذي خليفة و التي بدئوا من خلالها الإحرام .

أسباب صلح الحديبية
و بعد وصول المسلمين بالقرب من مكة المكرمة ، عرف أسياد قبيلة قريش بهذا الخبر ، و لذلك فقد أعدوا مجموعة من أمهر المقاتلين الموجودين في القبيلة ، ليقفوا أمام المسلمون و منعهم من دخول مكة المكرمة ، و عندما وصل رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى منطقة الحديبية ، بعث لقبيلة قريش سيدنا عثمان بن عفان ، و ذلك ليخبر قبيلة قريش برغبة المسلمين في العمرة و عدم رغبتهم في إثارة الحرب و الدماء .

و بدلا من ذلك فقد قام المشركين باعتقال و سجن الصحابي الجليل عثمان بن عفان ، و وصل بعدها خبر وفاة سيدنا عثمان إلى النبي صلى الله عليه و سلم و المسلمين ، مما قد جعل قريش ترسل عروة بن مسعود الثقفي إلى المسلمين و عندما عاد قال للمشركين ” أي قوم، والله لقد وفدت على الملوك كسرى وقيصر والنجاشيّ والله ما رأيت ملكاً يعظمه أصحابه كما يعظّم أصحاب محمدٍ محمداً. والله ما انتخم نخامة إلّا وقعت في كفّ رجلٍ منهم، فدلك بها وجهه وجلده، وإذا أمر ابتدروا أمره، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه، وإذا تكلّم خفضوا أصواتهم، وما يحدون إليه النظر تعظيماً له، ثمّ قال: وقد عرض عليكم خطة رشد فاقبلوها ” .

و عندما علم أهل قريش بهذا الكلام فزعوا و أسرعوا بإرسال شهيل بن عمرو ليقوم بعقد صلح مع المسلمين ، و ذلك ليتقوا بطش المسلمين ، و لتفادي حدوث أي حروب بين المسلمين و المشركين عندما سمعوا كلام عروة بن مسعود .

شروط صلح الحديبية
و بعد ما وصل شهيل بن عمرو إلى المسلمين لعقد صلح الحديبية بينهم و بين المشركين ، و ذلك خوفا من إندلاع الحروب بينهم ، و بعد أن تشاور المسلمون في شروط الصلح و الهدنة مع نبي الله محمد صلى الله عليه و سلم ، قد جلس الرسول مع شهيل و كلف علي بن أبي طالب أن يقوم بكتابة هذا الصلح و الذي عرف بنجاحه بعد ذلك و من أهم نتائجه :
1- نزول الخوف و الرهبة في قلوب المشركين و خاصة أهل قريش و خشيهم من المسلمين .
2- التعرف على الدين الإسلامي من قبل العديد من الناس و التعرف على تشريعاته و تعاليمه .
3- الاعتراف بكيان الدولة الإسلامية .
4- تجهيز المسلمين و بطريقة صحيحة من أجل غزوة مؤتة .

نص صلح الحديبية
1- منع الحرب لمدة تصل إلى عشر سنوات ، منذ عقد الصلح ، و دخول قبيلة خزاعة في عهد سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم ، و دخلت قبيلة بنو بكر في عهد قريش .
2- من أراد أن يصبح من أتباع محمد يدخل ، و من أراد أن يصبح من أتباع قبيلة قريش يدخل أيضا .
3- رجوع المسلمين إلى ديارهم في هذا العام ، و في العام التالي يأتون مرة أخرى لأداء مناسك العمرة .
4- أن يرد المسلمين كل من يأتي إليهم من قبيلة قريش مسلما دون إذن وليه ، و أن لا ترد قريش من يأتي لها من المسلمين .
5- عدم الاعتداء على أي من القبائل مهما حدث .