اللغة العربية مليئة بالقواعد المختلفة التي تتفاوت بين النحو والصرف، كل منها يضفي قيمة معينة ودلالة على معنى الجملة وتشكيل نطقها ودلالتها الجمالية، وبالدراسة نجد أن الشعر العربي والنثر لا يخلو من أحكام الاستعارة بأنواعها والتشبيه والكناية، وغيرها ما يضيف معنى وقيمة فنية جمالية للمحتوى المكتوب، وإذا نظرنا نظرة ثاقبة بأحكام الاستعارة سنجد لها أمثلة عدة بكتاب الله عز وجلَ وبأبيات الشعر والنثر المتوارثة عبر الأجيال بالمعلقات والقصائد المختلفة، فما هي الاستعارة وما قيمتها اللغوية التي تضيفها إلى النصوص العربية؟ 

تعريف الاستعارة بقواعد اللغة العربية 

تحمل الإستعارة العديد من التعريفات لدى الأدباء على مر العصور ومنهم الجاحظ الذي عرفها في كتابه فقال إن الإستعارة هي استعمال مصطلح ما أو معنى في غير وضعه المعتاد عليه، فنضع المصطلح لشبه ما يربطه بمعنى الجملة الذي تعنيه، بهدف التوسع في مدلول الفكرة، ويعرفها آخرون بأنها نوع من أنواع التشبيه تم حذف أحد أركانه. 

الإستعارة هي نوع من أنواع المجاز اللغوي، وهذا يعتبر بمثابة قنطرة أو مشابهة بين المعنى المجازي والمعنى الحقيقي. 

أركان تكوين الإستعارة 

تتكون الإستعارة من كل من:
-المستعار
-المستعار منه
-المستعار له
-القرينة

آيات قرآنية بها استعارة 

قال الله تعالى في كتابه العزيز: بسم الله الرحمن الرحيم 

-سورة الأعراف (154): “ولما سكت عن موسى الغضب أخذ الألواح وفي نسختها هدى ورحمة للذين هم لربهم يرهبون”
-سورة مريم (4): “قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا” 

أبيات شعرية بها استعارة 

-رصد المتنبي دخول الروم لمقابلة سيف الدولة فقال في شعره:
وَأقْبَلَ يَمشِي في البِساطِ فَما درَى … إلى البَحرِ يَسعَى أمْ إلى البَدْرِ يرْتَقي 

-يقول بن المعتز في قصيدته: 
وَأقْبَلَ يَمشِي في البِساطِ فَما درَى … إلى البَحرِ يَسعَى أمْ إلى البَدْرِ يرْتَقي 

-في ذوم القوم قال الأعرابي في شعره:
أولئك قوم يصومون عن المعروف ويُفطرون على الفحشاء. 

-يقول الشاعر:
ورد إذا ورد البحيرة شاربا…ورد الفرات زئيره والنيلا 

-عندما قابل المتنبي ممدوحه وصفه في شعره فقال:
فلم أرَ قَبلي مَن مَشَى البحرُ نحوَه … ولا رَجُلاً قامَتْ تُعانِقُهُ الأُسْدُ 

-قال الشاعر دعبل الخزاعي:
لا تَعجَبي يا سَلمُ مِنْ رَجُلٍ … ضحكَ المشيبُ برأسهِ فبكى 

-في وصف القلم قال المتنبي ذلك البيت:
يمج ظلاما في نهارٍ لسانُه…ويفهم عمَّن قال ما ليس يسمع 

-لمدح سيف الدولة يقول المتنبي هذا البيت:
مَا تَرَى ظَفَراً حُلْواً سِوَى ظَفَرٍ … تَصافَحَتْ فيهِ بِيضُ الهِنْدِ وَاللِّممُ 

-في قصيدة المتنبي وجدت تلك الإستعارة:
ولمّا قَلّتِ الإبْلُ امْتَطَيْنَا … إلى ابنِ أبي سُلَيْمانَ الخُطُوبَا 

وفي بيت آخر:
ألمَجْدُ عُوفيَ إذْ عُوفيتَ وَالكَرَمُ … وَزَالَ عَنكَ إلى أعدائِكَ الألَمُ 

-عندما احتاج الأعرابي أن يصف أخاه، قال فيه ذلك البيت:
كان أخِي يَقْري العينَ جَمالا والأُذنَ بيانا 

-وفي المدح يقول الأعرابي:
فُلانٌ يَرمي بِطَرْفِهِ حَيْثُ أَشَارَ الكَرمُ 

وفي آخر يقول:
تَطَلَّعتْ عيونُ الفضلِ لكَ، وأَصغتْ آذانُ المجدِ إليك. 

ولمدح القوم بالشجاعة سرد هذا:
أَقْسمتْ سيوفُهمْ ألا تُضيع حقًّا لهم 

-في قصيدة السري الرفاء الموصلي رصدنا تلك الإستعارة:
كلُّ زَنْجيَّة كأَنَّ سوَادَ الْـ … لَيْل أَهْدى لها سَوادَ الإِهَابِ 

وفي بيت آخر لنفس الشاعر:
إذا لمعَ البرقُ في كَفِّهِ … أفاضَ على الوجهِ ماءَ النَّعيمِ
له راحَة ٌ سَيرُها راحة ٌ… تَمُرُّ على الوَجْهِ مَرَّ النَّسيمِ 

-شعر الذم لم يخلو هو الآخر من الاستعارة، فقال الشاعر فيه:
إِنه سمينُ المال مهزولُ المعروف. 

-في شعر الرثاء نُقل عن البحتري وهو يرثي المتوكل بعد قتله فقال ذلك البيت:
فَمَا قَاتَلَتْ عَنْهُ المَنَايَا جُنُودُهُ … وَلاَ دَافَعَتْ أمْلاَكُهُ وَذَخَائِرُهْ 

-في وصف السعادة:
وإِذا السعادةُ لاحظتْك عيونُها …نَمْ فالمخاوِفُ كلُّهُنَّ أَمانُ 

-في تهنئة المهدي بالخلافة يقول أبو العتاهية بقصيدته ذلك البيت:
أتتْهُ الخِلاَفَةُ مُنْقادَةً … إلَيْهِ تُجَرِّرُ أذْيالَها 

-في وصف سقوط الثلوج من على الجبال، يقول الشاعر:
أُلِمُّ برَبعِها حَذِر اًفألقَى … مُلِمَّ الشَّيبِ في لِمَمِ الجِبالِ   

-في وصف القلم، قال أحدهم: 
وأهيفُ إنْ زعزعتهُ البنا … نُ أمطَرَ في الطّرْسِ لَيلاً أحَمّ 

-وفي فخر حسان بن ثابت بقوله وشعره، يقول ذلك البيت:
لساني صارم لا عيب فيه…وبحري لا تكدره الدلاء