كثيرًا ما يتسائل الناس حول كيفية تحمل الجسم عدم وجود أكسجين بينما يظل هناك حياة لبعض الوقت ، وحين يمارس الإنسان الرياضات الشاقة وتنخفض جزيئات الأكسجين فكيف يستمر في ممارسة نشاطه دون تعب؟ تلك الأسئلة تجيبها عملية التنفس اللاهوائي ، التي تحدث تلقائيًا داخل الجسم ، نتعرف عليها في هذا المقال .

ما هو التنفس اللاهوائي

عندما لا يتوفر الأكسجين ، يعتمد الجسم على خلاياه ، وهي ما تسمى بعملية التنفس الخلوية ، والناتجة من تحلل الجلوكوز ” السكر ” حيث يعد السكر أبسط مصدر يدر طاقة للجسم ، ومن خلال حدوث عدة تفاعلات يتم إنتاج جزيئات ATP وتعتبر هي مخزن الطاقة الذي يتم إطلاقها عند الحاجة ، تلك الجزيئات عبارة عن حمض البيروفيك و الـ NADH ، في حالة التنفس اللاهوائي يتحول حمض البيروفيك وفقًا لنوع الخلية:

في حالة الخلايا النباتية أي الخميرة الموجودة في أنسجة النبات يتحول البيروفيك إلى كحول أثيلي .

أما الخلايا الحيوانية وعند ممارسة مجهود شاق مثل الرياضة أو الأعمال التي تطلب مجهود عضلي عالي ، فإن العضلات العضلات تستنفد كم هائل من الأكسجين وتطلب كمية أكبر لإنتاج الطاقة المطلوبة ، وهنا تلجأ العضلات للكمية التي تم تخزينها من حمض البيروفيك .

يحدث الإرهاق العضلي أو المعروف بالتيبس العضلي عندما تحصل العضلات على كمية أقل من الأكسجين فإن حمض البيروفيك يتفاعل مع إلكترونات NADH ويتحول إلى لاكتيك ، وعندما تحصل على الكمية المطلوبة من O2 يتحول لاكتيك مرة أخرى إلى بروفيك وينتج إنزيم مساعد A .

في حالة التنفس اللاهوائي للبكتيريا فإن حمض البيروفيك يتحول إلى حمض لاكتليك .

طرق التنفس اللاهوائي ” التخمير “

هو طريقة للتنفس اللاهوائي يعمل على تفكيك جزيئات الجلوكوز ، وهو الطريقة الأكثر شيوعًا في الكائنات الحية والخلايا ، ويعتمد كليًا على تحلل السكر بالإضافة إلى بعض التفاعلات ، وفي التخمير لا تستمر البيروفات الناتجة من تحلل السكر خلال تعرضها لعملية الأكسدة ودورة حمض الستريك ، حيث لا يمكن أن تعمل سلسلة نقل الإلكترون NAD ، ونتيجة لذلك لا يمكن لـ NADH أن يحلل الجلوكوز .

إذن الهدف من عملية التخمير هو إعادة بناء حامل الإلكترون NAD ، وفي حالة إنتاج تحلل الجولوكوز نسبة مرتفعة من الـ NAD والتي تتفاعل بدورها مع NADH لتقوم بإسقاط إلكتروناتها من خلال جزئ عضوي مثل ” البيروفات ” هذه التفاعلات تعمل على تحلل السكر بشكل مستمر وتوفر إمدادات ثابتة من الـ NAD .

تخمير حمض اللبنيك

في هذه الطريقة يقوم NADH بنقل الإلكترون مباشرة إلى البيروفات ، وينتج عنه حمض اللاكتاك ، وهو مجرد شكل منقوص من حمض اللبنيك ، تعمل البكتيريا المتواجدة في اللبن بتخمير حمض اللبنيك وتصنع خلايا الدم الحمراء في الجسم وهي لا تحتوي على الميتوكوندريا مما يجعلها غير قادرة على القيام بعملية التنفس اللاهوائي .

وبالرغم من عدم احتواء العضلات على كمية كافية من الاكسجين فإنها تقوم بتخمير حمض اللبنيك ، حيث كان يعتقد قديمًا أن تعب العضلات الذي ينتج عن مجهود عضلي شاق ناتج من حمض اللاكتاك ، ولكن الدراسات الحديثة أثبتت أن يتم نقل حمض اللبنيك الذي تم إنتاجه في العضلات عبر مجرى الدم إلى الكبد والذي يقوم بتحويله مرة ثانية إلى بيروفات ويمارس دوره في التنفس اللاهوائي أو الخلوي .

تخمير الكحول

تلك الطريقة الثالثة من التخمير ” تخمير الكحول ” وهي حين يحول الـ NADH إلكتروناته إلى بيروفات ثم تنتج الإيثانول ، تلك العملية التي تحول البيروفات إلى إيثانول تتم على خطوتين ، أولًا تتم إزالة الكربوكسيل من البيروفات وإطلاقها في شكل ثاني أكسيد الكربون ، وينتج عن ذلك جزئ ثنائي الكربون يسمى ” الأسيتالديهيد ” ثم في الخطوة الثانية يقوم الـ NADH بتمرير إلكتروناته إلى الأسيتالديهيد مما ينتج نسبة مرتفعة من الـ NAD الذي يتحول إلى أيثانول .

أما تخمير الكحول من خلال استخدام الخميرة كما يحدث مع المشروبات الكحولية مثل ” البيرة والنبيذ ” فهو ينتج الإيثانول ، مما يجعله سامًا كما هو الحال مع البشر ، ولذلك يتم تحديد حد أقصى لنسبة الكحول في المشروبات ، حيث يتراوح معدل تحمل الإيثانول من الخميرة بين 555% إلى 212121% ، ويتوقف ذلك على الظروف البيئية ونوع الخميرة .

كائنات تختار التنفس اللاهوائي

غالبية البكتيريا والعتائق هم لاهوائيات اختيارية ، مما يعني أنها تتمكن من التنفس الهوائي واللاهوائي ، وتنتقل بينهم باختيارها وفقًا لتوفر الأكسجين ، تقوم هذه الكائنات بعملية التنفس اللاهوائي من أجل الحصول على مزيد من الـ ATP التي تنتجها جزيئات الجلوكوز لديهم ، وذلك من أجل الحفاظ على عملية الأيض والبقاء على قيد الحياة عندما يتعرضون لنقص في كمية الأكسجين .

كذلك هناك أنواع من البكتيريا والعتائق لاهوائية فقط ، وهي تعيش وتنمو بشكل طبيعي في بيئة لا تحتوي على الاكسجين ، بل يعتبر الاكسجين سامًا بالنسبة لهم يعرض حياتهم للخطر وأجسادهم الدقيقة للجروح ، وليس الكائنات الدقيقة فقط ، بل تم مؤخرًا اكتشاف حيوانات متعددة الخلايا تعيش في أعماق البحار ليس بها اكسجين نهائيًا .

الكائنات الحية التي تستخدم التنفس اللاهوائي

تعتمد بعض الكائنات الحية بدائية النوى على التنفس الخلوي أو اللاهوائي مثل البكتيريا والعتيقة التي تعيش في بيئات منخفضة الأكسجين مما يجعلها تحصل على الطاقة من التنفس اللاهوائي ، وذلك مثل الميثانوجين التي تعتمد على ثاني أكسيد الكربون كمسار للإلكترون الطرفي ، ونتيجة لذلك فهي تقوم بإنتاج غاز الميثان ، أيضًا هناك الميثانوجينات الموجودة في التربة وفي الجهاز الهضمي للحيوانات مثل الأبقار والأغنام .