البنسلين ذلك العلاج السحري – هكذا كان يقال عنه عقب اختراعه- كان صاحب مساهمة في إنقاذ حياة ملايين البشر حول العالم في القرن الماضي يعود الفضل اكتشافه للسير ألكسندر فلمنج، عالم النباتات صاحب الجنسية الاسكتلندية والحاصل على جائزة نوبل في الطب.

سيرته: ولد فلمنج في مزرعة بسكتلندا بتاريخ 6 أغسطس 1881، حيث كان الطفل الثالث ضمن 4 أطفال لفلاح أسكتلندي فقير توفي حينما بلغ ألكسندر السابعة من عمره.

بداية ألكسندر فى التعليم كانت في عمر الخامسة وحتى الثامنة بمدرسة صغيرة يحضر بها 12 طالبا فقط من مختلف الاعمار في فصل دراسي واحد، وكان يسير للمدرسة يوميا مسافة 8 أميال.

في عمر 11 التحق فلمنج بمنحة كيلمارنوك اكاديمي والتى استمر بها لمدة عامين قبل ان يغادر إلى لندن ليبدأ رحلته التعليمية، حيث أقام في منزل شقيقه توم هناك.

بداية الطريق العلمي: بدأ ألكسندر حياته التعلمية في لندن بالالتحاق بمدرسة العلوم التطبيقية حيث درس التجارة والأقتصاد، وكان يدرس إلى جوار طلاب يكبرونه من العمر بعامين، وتخرج من المدرسة وهو في السادسة عشر من عمره.

بدأ الكسندر لاحقا العمل فى احد شركات الشحن لمدة 4 سنوات، إلا انها لم تكن مرضية لطموحه مما دفعه لاقتراض مبلغ من المال من عمه وأخيه ليبدأ فى دراسة الطب، فقد كان أخيه توم قدوة له كما أنه كان طبيبا نابغا.

وبعد سنوات قرر فليلمنغ أن يغير مساره قليلا، فقرر أن يكون باحثا ضمن مجموعة في علم البكتريا بمستشفى سانت ماري الطبي، واثناء ابحاثه حصل على الميدالية الذهبية للطالب النابغة، وتم ترشحيه لاعطاء محاضرات في علم البكتريا.

 

المطهر يقتل أكثر من الاصابة

أثناء الحرب العلمية الاولي التحق فليلمنغ وهو في عمر 33 بالفريق الطبي للجيش الملكي وعمل في أحد مستشفيات فرنسا، وهناك اكتشف أن المطهرات التى تقي من العدوي كانت تتسبب في قتل الجنود أكثر من العدوى نفسها، حيث أنها كانت تقضي على خلايا الدم البيضاء مما يؤثر على مقاومة الجنود المصابين للعدوى.

وكشفت تجارب فلمينج أن المطهر مفيد للجروح السطحية فقط وليست العميقة، والتى يناسبها أكثر المحلول الملحي حيث أنه يدعم ويقوي الخلايا البيضاء.

ابحاث فلمنج لم تكن مقنعة لباقي الاطباء الميدانين، والذين فضلوا الاستمرار في استعمال المطهر مما تسبب فى زيادة الوفيات بين الجنود المصابين.

البنسلين هو العلاج المثالي

في عمر 41 اكتشف الكسندر علاجا بالبكتريا حيث كان قد استخدمه عند اصابته بالانفلونزا، وكان هذا العلاج يستطيع تدمير البكتريا الضارة بسرعة كبيرة.

وفي عام 1928 أخذ فلمينج اجازة طويلة مع زوجته وابنه وبعد رجوعه وجد كومة من الاطباق المعملية موجودة وبها مستعمرات من البكتريا، وقد تلوثت نتيجة تعرضها للهواء.

واثناء غضبه من هذا الاهمال، لاحظ نمو فطر تسبب في مقتل كل البكتريا التى حوله، وكانت هذه بداية لمضاد حيوي جديد وقوي قاتل للبكتريا أطلق عليه اسم البنسلين.

وقد ظهرت عظمة هذا العلاج في مواجهة، الحمى القرمزية، والالتهاب الرئوي والالتهاب السحاقي، كما ان البنسلين غير سام ولا يهاجم الخلايا البيضاء للدم.

تطوير البنسلين ونوبل

واجه الكسندر فلمنج بعض الانتقادات فى اكتشافه ابرزها صعوبة فصل البنسلين عن الفطر، ولا يمكن انتاج البنسلين بكميات مركزة، حتى جاء في عام 1940 فريق طبي من جامعة أكسفورد وتمكن من تطوير البنسلين واستخراجه من الفطر ليصبح على الشكل الذي نعرفه عليه الآن.

في عام 1945 حصل ألكسندر فلمينج على جائزة نوبل، وقد حذر في كلمته اثناء استلام الجائزة ان تتمحور البكتريا لتكون مضادة للبنسلين والمضادات الحيوية، عن طريق ان يصبح البنسلين متاح لاي شخص وان يباع فى المتاجر.

كذبة إنقاذ تشرشل

ومن الشائع عن حياة ألكسندر فلمنج ان والده الفلاح قام بانقاذ أبن احد اللوردات، وكان المقابل ان اللورد تكفل بنفقة تعليم ألكسندر فلمنج كجزء من رد الجميل، وتشاء الصدف أن الطفل الذي تم إنقاذ يصاب بمرض خطير ولا يشفيه إلا البنسلين الذي ابتكره فلمنج، وتلعب الصدفة الدور الأكبر فى هذه القصة حيث ان هذا الطفل هو تشرتشل رئيس وزراء بريطانيا.

إلا انه لا توجد مصادر محددة لهذه القصة الشهيرة، فضلا عن مصادر أخرى تقول أن شفاء تشرشل جاء على يد اللورد موران والذي لم يكن معروف عنه استخدام البنسلين، ومن الأكثر احتمالا أن تشرتشل تم علاجه باستخدام سلفابيردين.

وفاة فلمنج

في 11 مارس 1955 توفي ألكسندر فلمينج نتيجة أزمة قلبية، وقد تم دفنه في كاتدرائية سانت بول.