منذ أن خلق الله تعالى الإنسان على الأرض وهو في تفاعل دائم مع البيئة التي يعيش فيها ولذا فقد شكلت هذه البيئة الإطار الحياتي للإنسان الذي يستمد منه كل احتياجاته الأساسية من ملبس وغذاء وشراب ، كما أن البيئة شكلت مصدر رخاء للإنسان ورفاهيته من خلال استغلال مواردها وطاقاتها وخيرتها وتسخيرها جميعًا من أجل خدمته وكذا تحسين ظروف معيشته ، فالأكسجين الذي يتنفسه الإنسان وأشعة الشمس التي نستنير بها والماء الذي نروي به ظمئنا  ونزيل به أوساخنا والتربة التي نقتات منها كلها من المقومات التي لا يمكن للإنسان الاستغناء عنها أو يعيش بدونها فهي أساسيات لحياة الكائنات الحية والإنسان على حد سواء .

ولكن الإفراط في استغلال واستنزاف الموارد البيئية وانتهاك أنظمتها والعبث بها في العصر الحالي تسبب في حدوث تدهور البيئة وإحداث اختلال في عناصرها ، حيث زاد الطلب على موارد البيئة نتج للنمو الديموغرافي الهائل لسكان العالم مع زيادة نسبة التحضر لم يشهد لها العالم مثيل من قبل ، فقد أصبح نصف السكان يعيشون في أوساط حضرية ففي ظرف وجيز تحولت القرى الريفية إلى مدن وأصبحت المدن الصغيرة مدن عملاقة وزاد نسبة السكان الحضريين وتغيرت خريطة العالم .

التلوث البيئي

ولذلك يبدو أن الملوثات هي المتسبب الرئيس في مشكلة التلوث البيئي التي برزت بوضوح على مسرح الأحداث العالمية ، كما أن التلوث ليس وليد العصر الحالي ولكنه وليد الثورة الصناعية وهناك من يصف التلوث البيئي على أنه الوريث الذي حل محل الكوارث الطبيعية والمجاعات والأوبئة الفتاكة كالطاعون والكوليرا والتيفود وغيرها ، وأصبح التلوث البيئي تهديدًا للشعوب ولحقها في العيش في ظروف ملائمة وحسنة .

كما أن التلوث البيئي من المشكلات الخطيرة التي حظيت باهتمام العلماء والباحثين والمسئولين في كل دول العالم ، ووضعت القيود للحد من تأثيرات التلوث البيئي .

ويعرف التلوث بأنه حدوث تغيرات نوعية وكمية في الخصائص البيولوجية والفيزيقية والكيميائية لمكونات البيئة المختلفة كالماء والهواء والتربة ، ويقصد بالتغير الكمي في هذا التعريف زيادة نسبة بعض المكونات الطبيعية للبيئة كزيادة نسبة ثاني أكسيد الكربون عن نسبته المعتادة نتيجة للحرائق الهائلة التي تحدث أحيانًا في مناطق الغابات أو الأعشاب أو زيادة حرارة المياه في منطقة ما نتيجة لما تلقيه فيه المصانع من مياه ساخنة ، وقد يكون بإضافة كم قليل من مادة في موقع حساس كما هو الحال بالنسبة إلى تسرب مياه النفط في مياه البحار نتيجة لعطب في بعض حاملات النفط أو الحوادث ، كما ينتج التغير الكمي من إضافة مواد سامة أو قاتلة في تركيزاته الطبيعية كالزئبق وأكاسيد الكربون المشعة

الأسباب الرئيسية للتلوث البيئي

–ملوثات البيئة متعددة من حيث نشأتها كالملوثات الطبيعية (الميكروبات، والمخلفات والبراكين وغيرها )
-المعامل والمصانع وتحتل نسبة 52%  ومخلفات صناعية ناتجة عن الأنشطة والتجارب النووية.
-ووسائل النقل وتحتل نسبة 27% ، ويعتبر ثاني أكسيد الكربون وأول أكسيد الكربون وثاني أكسيد الكبريت ، وأكاسيد النتروجين ، وغاز الأوزون من أكثر الملوثات المتواجدة في الهواء .

فارتفاع نسبة أول أكسيد الكبريت في الهواء يتسبب في حدوث تقلصات بالشعب الهوائية داخل الرئتين مما يتسبب في صعوبة بالتنفس وخاصة في الجو الرطب ، أما بالنسبة لغاز أول أكسيد الكربون فقد أثبتت الفحوصات العلمية أن له القابلية على الاتحاد مع الهيموكلوبين 200 مرة أكثر من قابلية اتحاد الأوكسجين عند استنشاق غاز أول أكسيد الكربون مما يؤدي إلى تشبع الرئتين بمكون مركب يدعى كاربوأمينوهيموكلوبين وهذا المركب ممكن أن يتسبب في الوفاة بسبب عدم وصول كمية كافية من الأوكسجين بالدم.

كما أن زيادة الملوثات في الجو تؤدي إلى تحطيم طبقة الأوزون مما يؤدي لوصول أشعة الشمس إلى الأرض أكثر من الطبيعي أي يعني وصول الأشعة فوق البنفسجية أكثر إلى سطح الأرض وبالنتيجة عند تعرض الإنسان إلى هذه الأشعة يزداد احتمال الإصابة بسرطان الجلد.

الخاتمة

إن التلوث هو مشكلة بيئية زاد تفاقمها مع تطور أنشطة الإنسان كالتصنيع ، والأنشطة النووية وتصنيع الأجهزة التكنولوجية الحديثة والتجارب العلمية التي خلفت ورائها الكثير من النفايات المشعة حيث أدي كل ذلك إلى نضوب موارد وطاقات البيئة  الموجود فيها وهو ما نتج عنه خلل في التوازن البيئي مما ينتج عن أخطار على حياة الإنسان ، وهنا نعرف التلوث بأنه الحالة القائمة في البيئة والناتجة عن التغيرات المستحدثة فيها والتي تسبب للإنسان الإزعاج والأضرار والأمراض والوفاة بطريقة غير مباشرة أو عن طريق الإخلال بالأنظمة البيئية ، ويتضح لنا في الأخير أن التلوث يؤثر على جميع عناصر البيئة الحية من نبات وحيوان وإنسان وكذلك كل ما يؤثر في تركيب العناصر الطبيعية غير الحية كالهواء والبحيرات والأنهار والمحيطات والتربة.