القراءة من أفضل الهوايات والوسائل التي يمكن أداؤها بكل سهولة، لكي يصبح الإنسان مثقفًا، حيث أن الإنسان عندما يقرأ لشخص آخر أو لعدة أشخاص أو مؤسسات، فأنه يضيف عقلًا إضافيًا إلى عقله، ومعلومات جديدة إلى معلوماته، فيختلف كل إنسان عن الآخر في مستوى تعليمه وثقافته، وتُعرف القراءة بأنه تبادل بين وجهات الأفراد حيث أن الشخص يحصل على معلومات لم يكن يعرفها من شخص آخر كاتب الرواية أو الكاتب الذي يقرأه، وشخص غيره يحصل على معلومات منه لم يكن يسمع عنها من قبل وهكذا.

القراءة التحليلية

يوجد عدة أنواع للقراءة ومن أهمها القراءة التحليلية الناقدة، وهي أفضل أنواع القراءة حسب آراء العديد من الخبراء، وتُعرف بأنها القراءة التي يقوم على أساسها مهارة التحليل واكتشاف المحتوى بالعقل والقلب لا بالعين فقط، حيث يقوم القارئ بالغوص ما بين أغوار السطور واكتشاف مضامين الألفاظ وما خلفها من أفكار، عن طريق ملاحظة الدقائق والأشياء الصغيرة، بالإضافة إلى تصور التساؤلات التي قد تنتج عن نتاج الأفكار المقروءة والقدرة على تفكيك المفاهيم وهضمها بمهارة بصورة تدل على اكتساب معلومة جديدة، يمكن للأفراد أن يحققوا من خلالها الانتفاع سواء في الموضوع ذاته أو في موضوع غيره.

استراتيجية القراءة التحليلية

تعتبر القراءة التحليلية مهارة من المهارات التي تتعلق بالتفكير، وهي لا تقل أهمية عن المهارات اليدوية، حيث كانت المهارات اليدوية تفيد الإنسان في تسهيل حياته وطريقة معيشته، وهذا ما يحدث مع القراءة التحليلية حيث تفيد الإنسان في تطوير ذاته والارتقاء بانسانيته كما يجب أن تكون، حيث أنها تتكون من عدة مهارات ينبغي أن تكون متواجدة في الفرد القارئ، لكي تكون قراءته فعالة ومؤثرة ومفيدة له ولغيره، وتلك المهارات هي :

ـ التمييز بين الحقيقي وغيره من المعلومات، وبين المعلومات التي تفيد في الموضوع والتي لا تفيد فيه.

ـ إدراك ما يريد الكاتب إدخاله من مفاهيم إلى القارئ، بالإضافة إلى تشخيص المقبول منها وغير المقبول، وفقًا لإيمان القارئ.

ـ القدرة على اكتشاف ما وقع فيه القارئ من أخطاء لا تتفق مع أساسيات الموضوع، أو مع أساسيات أخرى عامة.

ـ اكتساب الملكة النقدية أو تطويرها، والقدرة على نقد ما وقع فيه الكاتب من خطأ أو ما يريد إيصاله من أفكار، بالإضافة إلى إظهار نقاط القوة التي تميز بها محتوى الكاتب.

ـ إعطاء القارئ إمكانية التفريق بين الحقائق وبين الآراء وبين المسلمات والفرضيات.

ـ التحقق من قيمة المصدر المأخوذ منه المادة المقروءة، حتى يتم الوصول إلى المعلومة في شكلها المثالي أو الأصلي.

خطوات القراءة الناقدة

هناك بعض الخطوات التي يجب أن يعلمها الإنسان من أجل القيام بالقراءة التحليلية وهي :

الخطوة الأولى، وهي بداية اللقاء بين القارئ والكاتب وبين القارئ والمحتوى والأفكار، وفيها يتم التعرف على نوع النص ورؤية الشكل الخارجي له والإحاطة به ومعرفة النصوص المصاحبة له، وتعرف المرحلة باسم المرحلة الاستكشافية، ويفضل فيها إتباع المفاجأة في التعرف على النص.

الخطوة الثانية، وفي تلك المرحلة يتم الإنتقال من ملاحظة الشكل الخارجي إلى القراءة الأولى التي تصحح الإنطباعات الأولية حول النص أو الأفكار المكتوبة، فيمكن للقارئ في تلك المرحلة القيام بكتابة النص بأسلوبه أو وصف وتوقع ما قام الكاتب بكتابته، وفي تلك المرحلة قد يواجه القارئ بعض التفاصيل المضللة التي لا تفيد، ويمكن تسمية هذه المرحلة بداية التعرف على النص أو الصورة، ويتم من خلالها النظر إلى النص، وهي مرحلة مكملة للمرحلة الأولى.

الخطوة الثالثة، وهي مرحلة القراءة المنهجية، ويتم من خلالها دراسة ما يتم قراءته من حيث علاقته العلمية واللغوية بكل ما سبقه، بالإضافة إلى استخراج الأفكار المتواجدة خلف الألفاظ وربطها بالأفكار السابقة، وهي المرحلة الأساسية في عملية القراءة الناقدة.

المرحلة الرابعة، وهي مرحلة ما بعد القراءة أو مرحلة إعادة القراءة، حيث يتم في تلك المرحلة إعادة المراحل السابقة ولكن في صورة أوسع، ويتم عن طريقها دراسة النص مع نصوص أخرى مشابهة يمكن أن تكون لنفس المؤلف، مع اكتشاف أفكار جديدة ورؤية الأفكار التي تم اكتشافها من خلال منظور جديد، واكتشاف أفكار تحتاج إلى المزيد من البحث والقراءة.

وفي النهاية فأن القراءة التحليلية والمهارات التي ينبغي أن تشملها القراءة التحليلية لابد أن تكون متواجدة لدى الفرد، فينبغي على لجميع إتباع خطوات معينة من أجل إجادة القراءة التحليلية واكتشاف الأفكار والنصوص والحقائق حول النص الذي يتم قراءته، ولكن في النهاية لابد أن يعلم القارئ أن الهدف من القراءة هو الوصول إلى التحليل والفهم والإبداع مهما كانت الوسيلة والطريقة المتبعة في القراءة، ولابد  أن يكون للإبداع مكان داخل نفس القارئ لكي يتمكن من أن يصل إلى ما يريد.