لم تمحى من ذاكرة العلم والفلك والفضاء ، ما نشرته الصحيفة الأميركية ذا صن ، في 25 أغسطس عام 1835م ، عن اكتشاف عظيم سوف يغير العالم بأسره ، وهو وجود حياة كاملة على سطح القمر ، حتى أن الجريدة نشرت 6 مقالات حول تلك الحياة المزعومة.

ففي المقالات التي نشرت الاكتشاف شملت أنه يوجد كائنات حية تعيش على سطح القمر ، من إنسان وحيوان وطيور ، وقد ادعى العالم الفلكي الشهير السير جون هيرشل ، أنه من خلال النظر من تلسكوبه المعظم شاهد تلك الحياة.

لدرجة أن العالم الفلكي هيرشل زاد على خدعة القمر العظيمة ، تأسيس نظرية جديدة حول ما يسمى بظاهرة المذنب ، واكتشاف العديد من كواكب مجموعات شمسية أخرى ، وتصحيح لكل ما هو معقد في علم الفلك الرياضي.

سلسلة مقالات خدعة القمر العظيمة

وقد قدمت سلسة المقالات تصور كامل للحياة فوق سطح القمر ، كما صورها السير هيرشيل وفق ما شاهده بتلسكوبه المعظم ، حيث بدأ بوصف تضاريس كاملة للقمر ، شبيهة بحد كبير لتضاريس الكرة الأرضية بما عليها من مساحات خضراء شاسعة ، وغابات ، وبحار ومحيطات ، و سلاسل الجبال وسهول ووديان ، حتى ما بناه الإنسان من أهرامات لم تسلم من تلك الخدعة.

كما أكد العالم الفلكي الشهير السير جون هرشل أنه شاهد أهرام كوارتزية اللون فوق سطح القمر ، وقطعان كبيرة الحجم من الثور الأميريكي تتجول بحرية تامة ، عبر السهول فوق سطح القمر ، وزاد أكثر من ذلك على قراءه حينما أكد على وجود كائنات برمائية دائرية الشكل مبعثرة على شواطئ سطح القمر.

مفاجآت عن خدعة القمر 

كما أكد السير جون هرشل أيضًا بوجود أدلة على ما شاهده من حياة كاملة فوق سطح القمر ، وقد استدل على وجود تلك الحياة عبر اكتشافه لقنادس تسكن بأكواخ بدائية جدًا ، ووجود جنس بشري طائر ، وقد لقبهم باسم الإنسان الخفاش ، ووجود معبد ذهبي ذو شكل غريب وغامض.

خدعة القمر العظيمة مكتملة الأركان

وفي الواقع فإن السير جون هرشل ، كان على دراية كاملة بما يفعله ، وكان على دراية كاملة بأنه يخدع ليس فقط آلاف من القراء ، بل ملايين حول العالم أثار اهتمامهم اكتشافه العظيم كما ادعى ، حتى صحيفة ذا صن الأميركية ، حينما نشرت سلسلة المقالات بشكل حصري ، وباعت الآلاف من النسخ ، قدمت اعتذار فيما بعد أنها تعرضت للخدعة الكبرى.

فالسير جون هيرشل لم يشاهد من الأساس أي حياة على سطح القمر ، ولم يرى بمنظاره الفلكي المعظم ما قام بسرده في مقالاته الستة حول الحياة على سطح القمر ، فقط استغل السير جون هيرشيل علمه الفلكي ، ومكانته لإتقان تلك الخدعة ، التي لم تكن سوى قصص ملفقة ، من بنات خياله ، وقد تمادى العالم الفلكي بسبب الشهرة والأرباح التي عادت عليه من تلك الأكذوبة.

شركاء خدعة القمر العظيمة

ويقال أن تأليف خدعة القمر العظيمة ، في الأساس كانت فكرة شخص يدعى ريتشارد أدامز لوك ، وكان يشغل وظيفة مراسل صحفي لجريدة ذا صن آنذاك ، ولكنه لم يقم بالاعتراف رسميًا أنه صاحب تلك الكذبة ، حتى أن الأقاويل زادت حول وجود أشخاص آخرين منهم ، لويس غايلورد كلارك يعمل هو الآخر محرر في جريدة أميركية أخرى ، والعالم الفلكي الفرنسي الجنسية جين نيكولاس نيكوليت.

ولكن لم يتم الاعتراف من قبل أي شخص من الأشخاص المذكورة بشكل رسمي ، أنهم مشاركون في خدعة القمر العظيمة ، ولا يوجد أدنى دليل إدانة ضدهم أيضًا ، رغم المزاعم وأصابع الاتهام التي وجهت كثيرًا حول ريتشارد أدامز لوك بالأخص.

 اعتراف جريدة ذا صن بخدعة القمر

في عام 1835 في 16 من شهر سبتمبر ، وبعد حالة من الغضب العام سادت الشارع الأميريكي ، وحالة الاستياء التي واجه بها علماء الفلك خدعة القمر ، إضافة لضغط الرأي العام الذي راودته أحلام حول إمكانية السفر لسطح القمر ، والإقامة به مع السكان الجدد ، في تلك الحياة المزعومة.

قامت جريدة ذا صن ، بنشر مقالة تناقش فيه تشككها ، حول وجود حياة فوق سطح القمر ، بل واحتمالية تعرضها لخدعة كبرى ، ولكنها لم تعترف بذلك بشكل رسمي ، بل هو ما اعتبرته الجريدة تقديم اعتذار لقراءها وجموع الجماهير ، بل وشعور بالذنب ، وجزء من نص المقالة التي نشرت آنذاك : ( بعـض المراسليـن يحثوننـا للخـروج والاعتراف ، بأنها كانت خدعـة ، لكن لا يمكن أبدًا فعل ذلك ، حتى نحصل على شهادة من المجـلات العلميـة الإنجليزية ، أو الإسكتلندية ، لتأييـد بـأن ذلك لـم يحدث).

الرد العلمي على جريدة ذا صن

ولا أحد يعلم حتى الآن ، هل كان تقديم مقالة من قبل ذا صن حول خدعة القمر العظيمة ، ردًا بالفعل على اكتشاف الخديعة من قبل علماء الفلك الإنجليز أو الإسكتلنديين ، أم لم يصلهم ردًا من الأساس لكن تم كشف تلك الخدعة من قبل الجريدة بالفعل ، بسبب اشتراك أحد العاملين بها في تلك الخدعة.

ولكن ظل كل ما يكتب حول القمر ، في نظر العامة هو خيال خصب فقط ، حتى أنه فتح الباب لتخيل العديد من الأساطير ، حتى 20 يوليو عام 1969م ، عندما قام العالم الأمريكي الجليل نيل آرم سترونج ، بالهبوط على سطح القمر بالفعل ، وإغلاق جميع الأبواب في وجه تلك الأكاذيب.

تحليلات علمية حول خدعة القمر العظيمة

وقد أكد أحد الباحثين بالمعهد القومي للبحوث الفلكية ، أن بمجرد هبوط العالم الأمريكي الجليل نيل آرمسترونج ، على سطح القمر وتقديمه وصفًا دقيقًا للقمر وما عليه ، انتهت كل الأساطير حول الحياة على سطح القمر ، وأهم تلك الأساطير هي خدعة القمر العظيمة ، والأساطير الأخرى التي كان يظنها الفلكيون العرب أن القمر يوجد به بحار مثل الأرض.

بحار القمر وعلاقتها بخدعة القمر العظيمة

ولطالما كان ظن الفلكيون العرب ، بأن القمر به بحار ، بسبب الخداع البصري ، حيث أن دورة القمر حول الأرض ، تدخله في منطقة مظلمة ، فيعطي ضوء خافت على عكس المعتاد ، فتظهر بصريًا أن القمر على سطحه حفر غير مستوية ، أسماها العرب ببحار القمر ، ولكنها فيما بعد اكتشف أن تلك الحفر ، كانت نتيجة ارتطام النيازك بسطح القمر.

معلومات مبسطة للعامة عن القمر

وبالرغم من التقدم العلمي الهائل ، إلا أن جمهور العلماء اعتاد استخدام مصطلحات مبسطة عن القمر ، لتصل للجمهور ولعامة الناس بسهولة ، ومنها على سبيل المثال ما يقال عنه (القمر السوبر) ، ذلك المصطلح الدارج بين العامة المقصود به هو ظهور القمر في حجم أكبر من المعتاد ، ولكن علميًا بسبب وصول نصف القمر لنقطة قريبة جدًا من الكرة الأرضية ، فيبدو للعين المجردة بحجم كبير.

كذلك المصطلح الدارج ( القمر القزم ) ، وهو يعني ظهور القمر بحجم ضئيل جدًا عن المعتاد ، وعلميًا يحدث ذلك بسبب وصول نصف القمر لنقطة بعيدة جدًا عن الكرة الأرضية ، مما يبدو ضئيل الحجم ، والحقيقة العلمية المجردة ، أن لا حجم ولا شكل ولا كتلة القمر تتغير أساسًا ، بل ثابتة وكل ذلك يحدث بسبب دورته حول الأرض.