عندما يبحث الناس عن كبير المستكشفين ، فإنهم يجدوا الأسماء الشهيرة والمعتادة على مسامعنا ، مثل : ماركو بولو ، وابن بطوطة ، وأوليا جلبي ، وكريستوفر كولومبوس ، وما إلى ذلك ، ولكن الكثير من البشر لا يعلمون الكثير عن واحدة من أكثر المستكشفي إثارة للاهتمام والمميزين بتأثيرهم في كل العصور وبخاصة في الصين مثل تشنغ خه . تشنغ خه ، هو المسلم الذي أصبح أكبر أميرال في الصين ، والمستكشف ، والدبلوماسي .

معلومات عن تشنغ خه
أزدهر تشنغ خه خلال عام “1371-1433 أو 1435” ، وهو من أستطاع إجادة اللغة الإنجليزية ، بالإضافة إلى هوايته ليكون ضمن البحارة ، والمستكشفين ، والدبلوماسيين خلال عهد اسرة مينغ في وقت مبكر في الصين .

بدأ تشنغ بالرحلات الاستكشافية إلى جنوب شرق آسيا ، وجنوب آسيا وغرب آسيا ، وشرق أفريقيا منذ عام 1405 الى 1433 ، وهو صاحب أكبر سفن أمتدت إلى 120 مترا في الطول ، بينما جاءت سفن كولومبس سانتا ماريا ، على سبيل المقارنة ، التي كانت 26 مترا ” ، وعلي هذه السفن قام مئات من البحارة على أربعة مستويات من الطوابق .

الأصول :
ولد تشنغ خه في عام 1371 وسط عائلة مسلمة ، وسافر إلى مكة المكرمة لإتمام فريضة الحج .
وفي سن مبكرة ، داهمت البلدة على يد الجيش لاسرة مينغ ، وألقي القبض عليه وتم نقله إلى العاصمة ، نانجينغ ، حيث خدم في اسرة الامبراطورية ، وعلى الرغم من الظروف القمعية والصعبة كان في الواقع تشنغ خه هو الصديق الواحد من الأمراء ، وعندما أصبح الإمبراطور تشو دي ، ارتفع شأن تشنغ خه إلى أعلى المناصب في الحكومة ، وفي هذا الوقت ، كان “تشنغ” ، يعرف باسم تشنغ خه .

البعثات :
في عام 1405 ، عندما قرر الإمبراطور تشو دي إرسال أسطول ضخم من السفن لاستكشاف طرق التجارة مع بقية العالم ، تم اختار تشنغ خه لقيادة الحملة ، وكانت هذه الحملة ضخمة في كل شيء ، بإحتوائها على ما يقرب من 30000 من البحارة في كل رحلة ، ليرافقوا تشنغ خه القائد .

وخلال عام 1405 و 1433 ، قاد تشنغ 7 بعثات أبحرت إلى ماليزيا ، واندونيسيا ، وتايلاند ، والهند ، وسريلانكا ، وإيران ، وعمان ، واليمن ، والسعودية ، والصومال ، وكينيا ، والعديد من البلدان الأخرى ، وتمكن تشنغ خه من الذهاب إلى مكة لأداء فريضة الحج .

لم يكن تشنغ خه هو المسلم الوحيد الذي قاد هذه الحملات ، بينما كان هناك العديد من مستشاريه الذين كانوا أيضا من المسلمين الصينيين ، مثل ما هوان ، وهو المترجم الذي يجيد التحدث باللغة العربية والذي كان قادرا على التحدث مع الشعوب المسلمة الذين يزورونها في رحلاتهم .

هذه الحملات لم تكن أمراً سهلا ، حيث كانت سفن تشنغ خه طويلة الحجم لتصل الى 400 قدم ، وبذلك تكون أكبر بمرات عديدة من حجم سفن كولومبوس التي أبحرت عبر المحيط الأطلسي ، منذ مئات السنين . ومن مبالغات الناس أنهم أعتقدوا أن هذه السفن هي السفن العملاقة .

ومع ذلك ، جاءت الأدلة الأثرية لأحواض بناء السفن ، والتي بنيت في حوض نهر اليانغتسى لإثبات هذه السفن التي كانت في الواقع هي الأكبر من بين ملاعب كرة القدم الحديثة . وفي كل مكان أبحروا فيه ، أمروا بإحترام وإحسان معاملة السكان المحليين ، الذين قدموا التحية الى الامبراطور الصيني ، بسبب هذا التكريم والتجارة مع جميع الشعوب التي واجهتها ، فإن تشنغ خه قد أبحر الى الصين حاملاً معه السلع الغريبة مثل العاج والإبل ، والذهب ، وحتى زرافة من افريقيا . وبذلك أرسلت البعثات رسالة واحدة إلى العالم : الصين هي القوة العظمى الاقتصادية والسياسية .

نشر الإسلام :
ليس للاقتصاد والسياسة لهما الآثار الوحيدة من هذا الأسطول الكبير الذي قادة تشنغ خه . ولكنه هو ومستشاريه المسلمين كانوا من قاموا بالترويج بانتظام للإسلام أينما سافر ، في الجزر الاندونيسية جاوا وسومطرة وبورنيو وغيرها ، حيث وجد تشنغ خه للجاليات الصغيرة من المسلمين هناك بالفعل ، وبدأ الإسلام في الإنتشار بالفعل في جنوب شرق آسيا من قبل بضع مئات من السنين من خلال التجارة مع الجزيرة العربية والهند ، وقد ساندهم تشنغ بقوة لاستمرار نمو الإسلام في هذه المناطق .

أسس تشنغ المجتمعات الإسلامية الصينية في باليمبانج ، وعلى طول جاوا ، وشبه جزيرة الملايو ، والفلبين ، وبشر هذه المجتمعات بالإسلام للسكان المحليين ، وكانت مهمة الكبيرة في نشر الإسلام في هذه المناطق ، وساعده أسطوله علي بناء المساجد وتوفير الخدمات الاجتماعية الأخرى التي يحتاجها المجتمع المسلم المحلي .

حتى بعد وفاة تشنغ خه في عام 1433 ، واصل المسلمين الصينيين الآخرين عملهم في جنوب شرق آسيا ، لنشر الإسلام ، وهذا شجع التجار المسلمين الصينيين في جنوب شرق آسيا للتزاوج منهم واستيعاب السكان المحليين في الجزر وشبه جزيرة الملايو . وهذا جلب المزيد من الناس إلى الإسلام في جنوب شرق آسيا ، فضلا عن تعزيز وتنويع المجتمع الإسلامي المتنامي .

الإرث :
كان الأميرال تشنغ ، هو الدبلوماسي ، والجندي ، والتاجر ، والذي عرف بأنه عملاق التاريخ الصيني والإسلامي ، وينظر إليه باعتباره واحدا من أعظم وأبرز من قاموا بانتشار الإسلام في جنوب شرق آسيا ، وللأسف ، بعد وفاته ، غيرت الحكومة الصينية فلسفتها إلى الكونفوشيوسية التي لا تدعم مثل هذه الحملات مثل تشنغ خه ، ونتيجة لذلك ، تم نسيان معظم إنجازاته ومساهماته أو إغفالها لمئات السنين في الصين .

ومع ذلك فهو يختلف تماما ، فإرثه موجود في جنوب شرق آسيا ، وتتم تسمية العديد من المساجد في المنطقة من بعده بأسمه لإحياء إسهاماته .

وانتشر الإسلام في جنوب شرق آسيا من خلال العديد من الأشكال ، بما في ذلك التجارة والدعاة للسفر ، والهجرة ، وكان للأدميرال تشنغ خه أيضا جزء كبير من انتشاره في تلك المنطقة واليوم ، تعد اندونيسيا بها اكبر عدد من السكان المسلمين عن أي دولة في العالم ، ويمكن أن يعزى جزء كبير من ذلك إلى أنشطة تشنغ خه في المنطقة .