تلسكوب هابل الفضائيّ:

هو مقراب يدور حول الأرض مانحًا للفلكيين صورة واضحة عن الكون، تمّ إطلاقه لللمدار الأرضيّ المنخفض خارج الغلاف الجويّ على بعد 593 كم فوق مستوى سطح البحر، ويُحلّق بسرعة 28 ألف كيلو متر في السّاعة. يبلغ قُطر بؤرة التلسكوب 2.4 متر، وله أربعة أجهزة رصديّة تقوم بالرّصد باستخدام الأشعّة الفوق بنفسجيّة، وتحت الحمراء، والطّيف المرئيّ.

يسمح التلسكوب بالتقاط صور عالية الوضوح بدون تشتيت من أضواء الأجرام الكونيّة، وهو يعدّ أفضل وأكبر المراصد الفضائيّة تنوّعًا عمل على إنتاجه كلًا من ناسا ووكالة الفضاء الأوروبّية وعمل معهد مراصد علوم الفضاء على تشغيله. أدّت الكثير من الصّور التي التُقِطت بواسطته إلى تطوّر عظيم في الفيزياء الفلكيّة مثل قانون تحديد نسبة اتّساع الكون.

 

نشاته:

وُلِد في 20 نوفمبر عام 1889 لأبويين أمريكيين هما فرجينيا لي هابل، وجون بويل هابل. وُلِد هابل في مدينة مارشفيلد في ولاية ميزوري وانتقل مع أبوية لمدينة ويتون في مدينة إلينوي في عام 1900 م ثم انتقل لمدينة شيلبيفيل في ولاية كنتاكي بعدها بتسع سنوات. لم يبد هابل في بداية حياته مهتمًّا بالفلك أو علوم الفيزياء الفلكيّة، فقد انتسب حين انتقل إلى ولاية شيكاغو إلى مدرسة ثانويّة حصل بعدها على منحة دراسيّة في جامعة الولاية وذلك لكونه طالبًا مجتهدًا ورياضيًّا ممتازًا.

حينما انتقل إلى الجامعة، تعرّف على الفلك وتعمّق فيه وذلك على يد العالم الفيزيائيّ روبرت ميلكان الذي حصل على جائزة نوبل، والعالم الفلكيّ جورج هيل وتأثّر بهما كثيرًا واستقى منهما علمًا غزيرًا في مجال الفلك والفيزياء والرّياضيّات. كان هذا متزامنًا مع كونه ماضيًا  في حصد المراتب والمراكز الرّياضيّة العليا في كثير من الرّياضات، فحصل على المركز السّابع في سباق المضمار، والمرتبة الثّالثة في سباق الميدان، وقاد فريق جامعة أكسفورد في كرة السلّة وحصلوا على لقبهم الأوّل، بالإضافة لكونه كان ملاكمًا ماهرًا وكان يوشك أن يمضي على طريقه في ممارسة هذه اللعبة حتّى حصل على منحة لاستكمال دراسته في جامعة أوكسفورد الملكيّة.

درس القانون في الجامعة الملكيّة لأنّه كان يريد تطوير النّظام التشريعيّ في أمريكا، فامتهن هذه الوظيفة حين عودته لأمريكا لكنّه شعر بصعوبة بالغة في تطبيق نظريات دراسته الأكاديميّة على الواقع القانونيّ، وشعر حينها أنّ هذا لم يكن شغفه الحقيقيّ فعاد لدراسة العلوم من جديد.

دراسته العلميّة للفلك:

عندما عاد هابل للدراسة في مرصد يركس شيكاغو، قدّم هناك بحثًا في تصنيف السّدُم أعجب الفلكيّ جورج هيل. فعرض عليه الانضمام لمرصد جبل ويلسون معه. فقبل هابل عرضه لأنّ هذا المرصد كان يمتلك مرصادًا قيد البناء له 100 بوصة، ممّا سيمكّنه من التوسّع في نيل العلم واكتشاف الكثير عن الفضاء. كان هذا متزامنًا مع دخول أمريكا في الحرب العالميّة الأولى، فقضى عامين مجنّدًا ثم عاد لمرصد الجبل.

وحدث أن أندلعت الحرب الثّانية، فابتعد عن المرصد مدّة سبعة أعوام ثم عاد مجددًا ليباشر إشرافه على صنع التلسكوب العاكس ذي الـ 200 بوصة، وتمّ الانتهاء من هذا التلسكوب عام 1949 وكان هابل أوّل من استخدمه وبه استنتج حقيقة اتّساع الكون وتوسيع حجم الكون المُشاهد والمرئيّ حتّى ألف مرّة.

برغم ديانته وتربيته وانتمائه المسيحيّ، فإنّه صار لاجنوستيًا قبل وفاته (أيّ لا يدري هل يوجد إله أم لا).

اسهاماته العلميّة في مجال الفلك:

كان لإدوين هابل دور كبير في التوسّع في معرفة واكتشاف الفضاء الخارجيّ. ويُعتبر من أكبر المساهمين في تطوير علم فيزياء الكون، وقد استطاع اثبات أنّ المجرّات ليست ثابتة بل متحرّكة وتتباعد عننا بسرعة متناسبة مع ابتعادها، وسُمّيت هذه العلاقة بقانون هابل واعتُمِدت عام 1929م وساهم بذلك في إعتماد واثبات صحّة نظريّة الإنفجار الأكبر المعروفة بـ the big bang theory.

أثبت إدوين هابل وجود مجرّاد وسُدم أخرى غير مجرّتنا في الكون، وسُمّي المرصد أو المرقاب الذي اخترعه باسمه تكريمًا له، ويوجد نموذج مصغّر لهذا التليسكوب في مسقط رأسه في ولاية ميزوري.

وفاته:

تعرّض لنوبة قلبيّة في أثناء عطلته، واعتنت به زوجته وسار بقيّة حياته على حمية غذائيّة معيّنة، حتّى أصابته جلطة في المخ تُوفِّي على إثرها في كاليفورنيا. ولم تُقم له جنازة ولم يُعلن عن قبره.