نسبه: هو خالد بن زيد بن كليب بن ثعلبة بن عبد بن عوف بن غنم، خزرجيّ ومن أهل المدينة، وأمّه هي زهراء بنت سعد بن قيس بن عمرو بن امرئ القيس. آخى النّبيّ بينه وبين مصعب بن عمير. توفّي عنه ابنه، ومات وليس له من الأولاد من يورثه.

إسلامه وتبرّكه بالنبيّ عليه السلام

كان من أوائل المسلمين قبل الهجرة، وبايع النّبي في بيعة العقبة الثّانيّة على الجهاد في سبيل الله والذود عن النبيّ. خصّه النبيّ بالنزول عليه في بني النّجار لمدّة شهر. حتّى بنى خالد بن زيد المسجد النبويّ الشريف وبيوت النّبيّ.

لمّا دخل النبيّ عليه السّلام المدينة المنورّة، خرج النّاس يتلاهفون على أن تحطّ ناقة النبيّ عند بيت أحدهم فجعلوا يتهاتفون: يا رسول الله، هاهنا. فيقول: دعوها، إنّها مأمورة..وسارت النّاقة حتى بلغب بيت أبي أيّوب، وبَرَكت عنده.

وكان أبو أيّوب يتتبّع يد النّبي على الطّعام، فيأكل منها.

تكريمه للنبيّ عليه السلام

نزل النّبي على أبي أيّوب في بيتٍ من طابقين، فشاء إنزال النّبي في الطّابق الثاني لكراهته أن يكون هو فوقه والنّبي أسفل منه، لكن اختار النّبي الأرضيّ ليحرص على راحة من يأتي لزيارته، لذا كان أبو أيّوب وزوجته حريصين على ألّا يُزعجا نبيّ الله عليه السّلام، فكانا يتوخيّان الحذر في خطواتهما وإراقاتهما للماء مُبالغةً في إكرام النّبي.

وقد حكى أبو أيّوب أنّه لما اختار النّبي النزول في الطّابق الأوّل، انكسرت جرّة كانت ملآى بالماء، فهرع هو وزوجه يمسحان الماء بقطعة قماش لحاف لم يكن عندهم سواها خشيةً أن يصل الماء للنبيّ فيؤذيه.

كان أبو أيّوب يتبرّك بالنّبي في كل ما استطاع إليه التبرُّك به. فكان يأكل من بقيّة الطّعام العالق على لحية الرّسول عليه السّلام، ويتتبع آثار أصابعه، فيأكل مما لامسته من الطّعام، ويطعم من نفس القصعة التي أكل منها النّبيّ.

روايته عن النبي

روى عن النبيّ الأحاديث الكثيرة، وله مائة وخمسة وخمسون حديثًا. سبعة في مسلم، وواحد في بخاري، وخمسة في مسلم.

حدّث عنه كثيرون منهم جابر بن سمرة، والبراء بن عازب، والمقدام بن معديكرب، وعبد الله بن يزيدي الخطمي، وجبير بن نفير، وسعيد بن المسيّب، وموسى بن طلحة، وعروة بن الزّبيرة، ومحمد بن كعب، وآخرون.

وعن محمد بن كعب، أنّ أبا أيوب كان يخالف مروان، فقال: ما حملك على ذلك؟، فأجاب أبو مروان: إنّي رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم يصلي الصّلوات. فإن وافقته، وافقناك. وإن خالفته، خالفناك.

وقد قال لما احتدم الأمر بين عليّ ومعاوية: إذا متّ، احملوني. فإذا صاففتم العدوّ، فارموني تحت أقدامكم. فإنّي سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: ” من مات لا يُشرك بالله شيئًا دخل الجنّة”.

مقته للمنافقين

وكان شديد المقت للمنافقين، مُحاربًا لهم ما استطاع، فكان يتتبّع الآيات التي تنزل بهم وينفّذها ويطبّقها. فحدث أن جماعةً من المنافقين كانوا بمسجد رسول الله وهو فيه، وكانوا جلوسًا متلاصقين يتهامسون ويتهامزون، فأمر النّبي بإخراجهم. فقام أبو أيّوب وسحب أحدهم وكان اسمه عمرو بن قيس وجرّه من قدميه جرًّا خارج المسجد هاتفًا فيه: أفٍ لك، ادراجك من مسجد رسول الله.

وحينما روّج المنافقون في المدينة بحادثة الإفك، متّهمين بها زورًا السّيدة عائشة أمّ المؤمنين، صدح أبو أيّوب برفضه ومقته لما قيل. فلمّا سألته زوجه عن الخبر وقالت: يا أبا أيّوب، أما تسمع ما يقول النّاس عن أم المؤمين؟ أجابها: إنّ هذا والله لكذب. فهل كنتِ أنت بفاعلته؟. قالت: لا والله لا أفعل. قال: فإنّ عائشة خيرٌ منك.

جهاده في سبيل الله

لم يتخلف عن غزوات الرّسول. وشهد مع النّبي عليه السّلام غزوة بدر، وأُحد، وبني قريظة، وبني قينقاع، ويني النّضير، والأحزاب، وكثير غيرها.

وخاض بعد النّبي جهاد المسلمين وفتوحهم للقسطنطينيّة في عهد معاوية بن أبي سفيان، ولم يتخلّف غير عام واحد حين استُعمل على الجيش رجلٌ شاب.

موقفه من الفتنة

كان في صفّ عليّ لمّا وقعت الفتنة بينه وبين معاوية، لأنّه رأى أن عليّ كان الإمام الذي أعطى بيعةً للمسلمين، فلما توفّي عليّ، زهد أبو أيّوب في الدّنيا لا يرجو منها سوى أن يموت في سبيل الله.

استشهاده

أُصيب في فتح القسطنطينيّة، وطلب أن يحمل جثمانه فوق فرسه حتّى يُوغَل في أرض المعركة، ويُدفن هناك.