كان قد أمر الله جل شأنه الإنسان بضرورة محاسبة نفسه ، وكبح جماحها فالمعروف أن النفس البشرية في بعض الأحيان قد توسوس للإنسان بل أنها قد تستطيع من خلال وسوستها له إقناعه بفعل ، وعمل المعاصي ، و الذنوب ، ولكن عند ما يعرف الإنسان أنه كلما أجتهد في محاسبة نفسه على أي عمل يقوم به أستراح وأطمأن من محاسبة الله عز وجل في الأخرة .

تعريف محاسبة النفس

:– هو مفهوم يعني القيام بتصفية وتنقية النفس البشرية من ذنوبها ومعاصيها ، وذلك حتى تلقى الله جل شأنه خالية من المعاصي والأثام ، حيث أنه لابد للشخص العاقل أن يقوم بتخصيص وقتاً يومياً يقوم به بالاختلاء بنفسه ليحاسبها عما قدمت في ذلك اليوم من أعمال أو من ذنوب فإذا كانت الأعمال الصالحة قام بزيادتها و التأكيد عليها في أيامه القادمة إلى المولى عز وجل منها وأستغفره بل ، و عاهد ربه ألا يرجع لها مرة ثانية ، فمن المعروف أن إهمال الإنسان لمتابعة أعماله ولحساب نفسه سيؤدي به إلى التمادي في الذنوب والأثام ، حيث كان السلف الصالح من أكثر أولئك الناس الذين لا يفوتون مناسبة أو فرصة لمحاسبة أنفسهم وتذكيرها بالله عز وجل وبحسابه يوم القيامة ، و لعل قول الله عز وجل من أبرز الدلائل على ضرورة قيام الإنسان بمحاسبة نفسه ومراقبتها ، وذلك في قوله تعالى ( بل الإنسان على بصيرة ) ، فلو أستطاع أن يكون بصيراً على نفسه محاسباً لها قبل أن يحاسب يوم القيامة لنجأ وأستطاع الفوز برضوان الله عز وجل عليه .

فوائد محاسبة النفس

يوجد العديد من الفوائد لقيام الإنسان بمحاسبة نفسه ، ومنها :-

أولاً : – تمكنه من الإكثار من فعل الطاعات والأعمال الصالحة والابتعاد عن المعاصي والذنوب .

ثانياً :- القيام بالإطلاع ، وذلك بشكلاً دائماً على عيوب النفس ، ومن ثم كبح جماحها ، وعدم السماح لها بالتحكم بالإنسان ، وبتصرفاته ، وبالتالي منعها من التمكن منه وإيقاعه بالمعاصي .

ثالثاً :- معرفة حق الله تعالى على الإنسان ، و الحرص الشديد منه على القيام به وأدائه.

رابعاً :- وجود الاستعداد الدائم لدى الإنسان للموت ، وما سيأتي بعده ، حيث أن الفرد المسلم الذي يقوم بالمداومة على محاسبة نفسه فإنه بذلك سوف يتمكن من الإقلال من معاصيه ، وذنوبه بل يقوم بالتوبة منها ، ويزيد من الطاعات والأعمال الصالحة ، و التي تسهل عليه المحاسبة بعد موته ، مما سيخلق لديه الشعور بعدم الخوف من الموت ، ولقاء الله عز وجل .

خامساً :- تمكن الفرد من مشاهدة عفو الله وكرمه وحلمه الشديد على الإنسان في عدم التعجيل بالعقوبات رغماً عن كل ما يقوم به من ذنوب أو معاصي .

سادساً :- جعلها للإنسان وبشكل دائم مداوماً وحريصاً على القيام بإعادة الحقوق إلى أهلها وعدم أخذ ما ليس له علاوة على أنه سوف يحاول باستمرار القيام بتصحيح ما فات من أجل تقليل أثامه وذنوبه .

سابعاً :- تمكن الإنسان من التخلص من الكبر والغرور الذاتي لديه وذلك بعد إطلاعه على عيوب نفسه .

ثامناً :– تعظيم المولى عز وجل ، حيث أن مفهوم محاسبة النفس هو ذلك المفهوم الذي يدعو الإنسان إلى استشعار عظمة حق الله تعالى عليه .

تاسعاً :- شعور الفرد بالانكسار والذل إلى الله جل شأنه وعدم التعنت أو التعصب للنفس علاوة على تمكن الفرد من مبدأ الزهد في الحياة الدنيا وما فيها من متع وشهوات ورغبات .

أهم الوسائل التي تعين الفرد على القيام بمحاسبة نفسه :- يوجد عدد من تلك الوسائل التي يتمكن الفرد المسلم من خلالها على القيام بمحاسبة نفسه ومنها :-

أولاً :– استعانته بالله عز وجل والدعاء الدائم إليه .

ثانياً :– الإكثار من الذكر والقيام بتلاوة القرآن الكريم وقيام الليل والإكثار من الطاعات .

ثالثاً :- إدراك الفرد لثمرة المحاسبة للنفس في الدنيا والأخرة والتفكر في العاقبة السيئة في حالة الغفلة عنها .

رابعاً :- الإكثار من الإطلاع على أهل المحاسبة من السلف الصالح .

خامساً :– التفكر الدائم من جانب الفرد لشئون وأحوال الدنيا وما يحدث فيها من شئون تدل على عدم أهميتها مما سيجعله مع الوقت شديد الارتباط بالأخرة وبالتالي سيكون حريصاً على العمل الصالح .

أنواع محاسبة النفس

يوجد نوعان أساسيان لمحاسبة النفس من جانب الإنسان وهما :-

محاسبة النفس قبل العمل

وهو يكون عن طريق نية العبد الداخلية لما سيقوم به من أعمال فإن كانت خالصة لله عز وجل فعلها ، وإن كانت من أجل الدنيا أو رضا الناس أعاد النظر فيها ، وصحح نيته أولاً ثم فعل العمل بعد ذلك علاوة على قيام الإنسان بالنظر في نوعية العمل فإن كان عملاً صالحاً أقبل عليه وغن كان سيئاً ابتعد عنه ونجا من الوقوع فيه .

محاسبة النفس بعد القيام بالعمل

وذلك يكون بقيام الإنسان الدائم بسؤال نفسه ومحاسبتها بعد قيامه بالعمل وهل كان ذلك العمل صالحاً أم أن عملاً سيئاً يوجب عليه التوبة والاستغفار إلى الله عز وجل والتذلل إليه لكي يقبل توبته مع قيامه بعقد النية على عدم فعله مرة أخرى .