عند دراسة علوم اللغة العربية نجد أن العلماء قاموا بتقسيم العلوم التي اشتملت عليها اللغة العربية إلى 12 قسم وهو تصنيف قديم يندرج تحته علوم أخرى أصبحت ذات شأن في عصرنا الحديث واستقلت تماماً عن هذه العلوم القديمة ، ولقد تعددت العلوم وتنوعت الاختصاصات فيها ، فنجد أن هناك عدة أنواع من العلوم كل نوع على حده ، بينما على الجانب الأخر نجد أن بعض العلوم تحتوي على فروع علمية متعددة داخل العلم الرئيسي ، وفي اللغة العربية نجد عدة مصطلحات ومنها مصطلح التضمين والذي نجده في علوم متعددة في اللغة العربية مثل النحو، البلاغة ، علم القافية ، الصوتيات بل وأيضاً في علم البلاغة .

مفهوم التضمين في اللغة العربية

عند دراسة اللغة العربية نجد أن مفهوم التضمين في اللغة العربية هو جعل الشيء في باطن شيء آخر، وإيداعه بداخله ، حيث يقال ضمن فلان ماله خزانته فتضمنته هي وبالتالي تكون الخزانة مضمن فيها وهـي أيضًا متضمنة والمال متضمن .

إن للتضمين في اللغة العربية مجموعة من التعريفات أهمها هو أن يـؤدي أو يتوسع في استعمال لفظ توسعًا يجعله مؤديًا معنى لفظ آخر مناسب له ، فيعطي الأول حكم الثاني في التعدي واللزوم ، وهو عند بعضهم يعني إعطاء لفظ معنى لفظ آخر بالإضافة إلى إعطاؤه حكمه وهكذا فإن التضمين هو أن تؤدي الكلمة معنى الكلمتين حيث أن الغرض من التضمين إعطاء مجموع معنيين وذلك أقوى من إعطاء معنى واحد .

يعتبر التضمين مصدر قياسي على وزن التفعيل ، وفعله الماضي هو ضمّن على وزن فعل حيث يُقال ضمّن يضمّن تضمينا ، وبالتالي فإن التضمين هو جعل الشيء داخل شيء أخر ، علي سبيل المثال يُقال ضمنت الشيء أي جعلته في وعائه ، ويقال أيضاً أن التضمين هو استوعاب ذمة الشيء ، على سبيل المثال عندا يقال هذا الرجل ضمن فلان وبالتالي فهو الضمان ومعناه أن يلزم الشيء أو الشخص مكانه كما يلزم الكفيل العهدة .

أنواع التضمين في اللغة

إن التضمين في اللغة العربية هو مصطلح دال لخمسة مفاهيم وهي التضمين في علم النحو وعلم البيان ، التضمين في علم العروض ، التضمين المزدوج ، التضمين في علم الصوتيات ، بالإضافة إلى التضمين في علم البديع .

التضمين في علم النحو

إن التضمين في علم النحو وعلم البيان هو إعطاء كلمة معنى أخرى لتتعدى تعديتها على سبيل المثال الآية عينا يشرب بها المقربون ، فنجد أن الفعل شرب تعدى بالباء لتضمينه معنى ارتوى ، وأيضاً في الآية والله يعلم المفسد من المصلح ، حيث ضمّن يعلم معنى يميز .

التضمين في علم النحو هو إعطاء الشيء معنى الشيء في الأسماء والأفعال وفي الحروف ، في الأسماء فهو أن تضمن أسم معنى أسم لإفادة معنى الاسمين جميعاً كقوله تعالى حقيق على أن لا أقول على الله إلا الحق ، وهنا ضمن حقيق معنى حريص ليفيد أنه محقوق بقول الحق وحريص عليه ، أما الأفعال فأن تضمن فعلا معنى فعل آخر ويكون فيه معنى الفعلين جميعاً وذلك بأن يكون الفعل يتعدى بحرف فيأتي متعدي بحرف آخر ليس من عادته التعدي به فيحتاج إما لتأويله أو تأويل الفعل ليصح تعديه به مثل قول الله تعالى عينا يشرب بها عباد الله فضمن يشرب معنى يروي ، وهنا عمل الشرب والري معاً فجمع بين الحقيقة والمجاز في لفظ واحد ، أما تضمين الحرف فهو كما رأينا في الآية السابقة في تضمين الباء معنى من أو كما في قول الله تعالى فقل هل لك إلى أن تزّكى ، وإنما يقال هل لك في كذا ، لكن المعنى أدعوك إلى أن تزكى ، وهنا ضمن حرف إلى معنى حرف في .

التضمين في علم العروض

إن التضمين في علم العروض متصل بعلم القافية وهو عيب من عيوب القافية حيث أن التضمين يعلق قافية البيت بما بعده بأن يكون السابق غير مستقل بنفسه ، ويسمى تضمينا لأن الشاعر ضمن البيت الثّاني معنى الأّول لأنه لا يتم الكلام إلا بالثّاني ، أو هو افتقار القافية إلى البيت الذي بعدها في إفادة معناها أي ربط البيت السابق بالبيت الّذي تلاها بأن تفتقر إليه في الإفادة .

يكون التضمين قبيح وجائز فالأول القبيح إذا اشتملت قافية البيت الأول على شرط أو قسم أو مبتدأ أو فعل موصول وكان جواب الشرط أو جواب القسم أو الخبر أو فاعل الفعل أو صلة الموصول فيما بعده بحيث لا يتم الكلام إلا به .

أما الثّاني الجائز وذلك إذا تم الكلام بدون ما في البيت الثّاني والحاجة إليه تكميل المعنى فقط كالتفسير والنعت وغيره أما إذا ربط بشيء من البيت السابق غير كلمة رويه بالبيت اللاحق فليس تضميناً .

التضمين المزدوج

التضمين المزدوج هو من المحسنات البديعية اللفظية ، ويكون بأن يورد الشاعر أو الكاتب في عباراته أو أبياته لفظين أو أكثر مزدوجين وذلك بمراعاته لحدود السجع والقوافي ، وتم تعريفه أيضاً بأنه هو أن يتكلم المتكلّم بعد رعايته السجع يجمع في أثناء القرائن بين لفظتين متشابهتي الوزن كقوله تعالى وجئتك من سبإ بنبإ يقين ، وقد عرفه ابن قيم الجوزية بقوله هو أن يقع في الفقرات لفظان مسجوعان بعد مراعاة حدود السجع والقوافي الأصلية مثل قول الشاعر تعود رسم الرهب والنهب في العلا وهذان وقت اللطف والعنف دأبه .

وقد عرف ابن الزملكاني التضمين وهو أن يقع في أثناء قرائن النثر أو النظم لفظان مسجعان مع مراعاة حدود الأسجاع الأصلية كقول بعض البلغاء فلان رفع دعامة الحمد والمجد بإحسانه وبرز بالجِد والجَد على أقرانه ، ونلاحظ وجود تقارب لفظي أو تشابه في الوزن والروي بين سبأ ونبأ وكذلك بين الرهب والنهب ، واللطف والعنف ، والحمد والمجد والجدّ وهي ألفاظ مسجوعة ليس على حدود السّجع ولا يوجد بينها فاصل وهذا ما يعرف بالتضمين المزدوج .

التضمين في علم الصوتيات

التضمين في علم الصوتيات والمُضَمن من الأصوات حيث يقال هذا صوت مُضمن لا يُستطاع الوقوف عليه ، والتضمين من هذه الجهة ذكر في كتب اللغويين القدامى ولا نجد له أي أثر في كتب اللغويين المحدثين وهذا يدخل في باب أن التراث اللغوي العربي القديم به كنوز علمية وجب التنبه لها وتناولها بالدراسة .

التضمين في علم البديع

التضمين في علم البديع هو فن من المحسنات اللفظية البديعية مثل السجع ، الجناس ، الاقتباس ، وعرفه كثير من العلماء والبلغاء بعدة تعاريف وسموه بعدة أسماء حيث سماه الحاتمي بالاجتلاب والاستلحاق فقال وبعض العلماء لا يراهما عيبا ، ووجدت يونس بن الحبيب وغيره من علماء الشعر يسمي البيت يأخذه الشاعر على طريق التمثيل فيدخله في شعره اجتلاباً واستلحاقاً ، وقد عرفه ابن رشيق فيقول عنه أمّا التّضمين فهو قصدك إلى البيت من الشعر أو القسيم فتأتي به في آخر شعرك أو في وسطه كالمتمثّل .