مع التطور و الأنفتاح والتطوير والتنمية التي نشهدها في المملكة العربية السعودية في العقود الأخيرة ، ومع ظهور الكثير من المخترعين والمبدعين من النساء بالمملكة فلم يعد شيئا غريبا أن نجد عالمة وطبيبة ومثقفة ومبدعة تبهر المنطقة العربية بعملها بل و تيهر الغرب أيضا ، فأصبح تأثير المرأة ملموسا في كثير من جوانب الحياة داخل المجتمع السعودي وفي هذه المقالة نتناول نبذة عن المبدعة فاطمة الألمعي التي حققت حلمها بإنشاء متحف للفن العسيري وخاصة فن القط ، و قد أختارت أن يكون بإسم فطمة نسبة إلى الفاطمات قاصدة بذلك جميع النساء . 

متحف فاطمة الذي يبوح بعبق التراث

قامت فاطمة الألمعي بإفتتاح متحف صغير في منزلها يخص فقط فنون النقش التراثي المحلي والذي يعرف بإسم فن القط و تضمن هذا المتحف ما يقرب من أربعمائة قطعة فنية متنوعة ما بين جدران و أواني فخارية مزخرفة  و لوحات فنية و غيرها من فنون القط الذي تمتاز به محافظة عسير والذي يختلف من حيث اللون والمحتوى من منطقة لأخرى داخل محافظة عسير .

الهدف من إنشاء متحف فاطمة الألمعي

قامت فاطمة الألمعي بتسمية المتحف بهذا الإسم نسبة إلى الفاطمات وكانت تقصد به كل النساء ، و ما أرادته المبدعة فاطمة الألمعي من وراء إنشاء هذا المتحف هو عملية التأصيل و الإحياء للفنون التاريخية والتراثية  حتى يعاد إنباتها في المجتمع من جديد ليصبح لها مستقبل في هذا الزمن والتي يتاح لأي فنان محترف بهذه الفنون الإضافة إليها لتواكب التطور العصري الذي نحن فيه الآن ، فقد تضمن متحف فاطمة قطع منقوشة بفن القط رائعة الجمال ولم يقتصر المتحف على الفنون العسيرية فقط بل ضم ايضا الثوب المكمم من نجران ، الميل من جيزان ، والعديد من المنقوشات الأخرى التي لها أثر تراثي خالد .

كيف كانت البداية بالنسبة لفاطمة الألمعي ؟
نسبت فاطمة الألمعي سر إبداعها وتفوقها في هذا المجال إلى معلمتها فاطمة أبو قحاص التي كانت من رواد فن القط العسيري ، ولقد لازمتها الألمعي عندما إفتتحت فاطمة أبو قحاص متحفها الخاص و تعلمت منها كل شئ عن النقش حتى إنتقلت فاطمة القحاص إلى السماوات العلى ، الأمر الذي دفع فاطمة الألمعي إتباع معلمتها و إنشاء متحفها الخاص حيث دأبت معلمتها على حرس الحب للتراث وشجعتها على إعادة إحيائه حتى لا يندثر ، فخططت للمشروع وساعدها ودعمها زوجها حيث أنه أيضا كان يهتم بالأمور التراثية  و كان له دورا كبيرا بالمتحف حيث أدخل عليه لمسات العصر الحديث فأصبح المتحف قطعة فنية نادرة  ، و أيضا مما دفع فاطمة الألمعي إلى الإقدام على هذا العمل الإبداعي هو أنها تربت في أسرة مطلعة على التراث ومحبة له وأيضا العادات والتقاليد في المجتمع العسيري حيث التمسك بالزي التراثي للمرأة العسيرية حتى أنه مازالت كبار قبائل عسير تتزين مجالسها بالنقوش وفن القط التراثي الشعبي .

مميزات فن النقش العسيري “القط

أكثر ما يميز فن القط عن غيره من الفنون هو أنه عبارة عن مجموعة من الخطوط والنقوش والزخرفة الجمالية الخاصة التي يقوم بها نساء محترفات في مجال فن القط ، ويمتاز الفن العسيري بألوانه الطبيعية الزاهية حيث كان يتم تلوين النقوش قديما بألوان طبيعية وهذا يدل علي حب الفن منذ زمن الأجداد .

وصف متحف فاطمة الألمعي من الداخل

يضم المتحف بداخله ثلاثة قطاعات رئيسية وهي : قطاع مختص بفن القط لرجال ألمع ، قطاع يوضح فن القط  بعسير السراة وقحطان ، و قطاع مختص بعرض الملابس التقليدية في كل من نجران ، جيزان ، و عسير ، و تعبر المعروضات من الملابس عن الزي التقليدي للفلاحة والرعي ، كما يوجد معروضات نسائية من المشغولات الفضية وغير ذلك ، كما يتضمن المتحف ركنا خاصا لعدة كتب عن التراث الشعبي العسيري ، وتعتبر فاطمة العسيري هذه مجرد بداية وأنها تأمل إضافة كافة التفاصيل التي تخص المرأة في جميع أنحاء المملكة ليس في عسير فقط ، ومن أجل تحقيق حلمها تبذل فاطمة الألمعي كل جهدها لتطوير عملها حيث تستعمل في نقوشها أقدم ما يمكن إيجاده من البويات ، وتتسارع مع الوقت لزيادة معروضاتها بالمتحف بإستمرار.