وسط عاصمة المملكة العربية السعودية الرياض يقع مسجد المدي إلي جوار المركز العريق مركز الملك عبدالعزيز آل سعود من جهة الشرق في حي المربع ، ويمكن إعتباره أول مبني معماري تم إنشائه بالطين المضغوط وهو من المواد الطينية المحلية حيث أن هذه المادة ( الطين المضغوط ) أظهرت كفاءه تشغيلية وإقتصادية في البناء وهذا كان مربحا لمجال الإنشاءات وكان دعما للتطور الحضاري بالمملكة.

نبذة عن مسجد المدي

تم إنشاء المسجد بأسلوب معماري معين ليضاهي المستوى المعماري لمنشآت المركز الحضاري للملك عبدالعزيز الذي يكمن جواره ، حيث تم تصميمه ليضمن تحقيق العمارة الإسلامية للمساجد وأضيف إليه لمسة جمالية عن العمارة المحلية في ذلك الوقت ، بحيث تم المحافظة على المعالم الأساسية من حيث وجود الفناء المعتاد والمئذنة التي نعهدها في المساجد ، وتم تصميمه ليستوعب حوالي خمسمائة مصلى ، وجاءت تسميته بالمدي بسبب موقعه بمبرة السقاية التي تتألف من عدة آبار للمياه أمر الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود رحمه الله بحفرها لتمد سكان العاصمة الرياض بإحتياجاتهم من المياه ، حيث أن الرياض لم تكن أسست بها في هذا التوقيت شبكة مياه فكان سكانها يعتمدون على المبرات الخيرية للسقاية .

موقع مسجد المدي

يقع مسجد المدي في الجانب الشرقي من طريق الملك فيصل ، وعلى حافة طريق المربع وهو طريق مرصوف بالحجارة تحيط به الأراضي الزراعية حيث ينبت بها الشعير والبر ، و يقع حي الشمسية في شماله الغربي ، ويوجد شرقه قصر المربع ، وجنوبه قصر خزام الذي يئول للأمير فيصل بن سعد رحمه الله  وكان إلى جواره أرض فسيحة تقام بها الحفلات والندوات ويتم بها إستقبال ضيوف المملكة من الأمراء والملوك.

الإستغناء عنه

ومع التطور الذي لحق بالمملكة وبالأخص عاصمتها الرياض تعددت مصادر المياه لتغطي إحتياجات سكان الرياض من السقاية وبقي المسجد في موقعه حتى تطوير مركز الملك عبدالعزيز حيث تم هدم المسجد وإعادة بنائه على الجانب الغربي لشارع الملك فيصل بمساحة ومرافق أكبر لخدمة المواطنين ويعتبر ثاني أكبر مساجد المركز وكان هذا في عام 1419 هجريا.

وصف المسجد المادي من الخارج والداخل

طغى على المسجد المدي السمات التقليدية لعمارة المساجد ، بداية من مظهره الخارجي الذي تم تكسيته بمادة الطين إلى تخطيطه حيث إختلف بناء المسجد عن البنايات الحديثة لعدم الإعتماد على الأعمدة الخراسانية ، فقد تم الإعتماد على الخشب والعقود والقباب لمنح المسجد مظهرا مختلفا عن المساجد الحديثة ، وتبلغ أبعاد المصلى بالمسجد 25 متر طوليا و14 متر عرضيا ويبلغ إرتفاع المصلى عن الأرض حوال 6 أمتار ، ولقد تم تشكيل المصلى من أربعة أروقة وقبلة الصلاة مع مجموعة من الأعمدة المبنية بالطوب المضغوط المحلي ويربطها معا اقواس مصنوعة من الطين في مظهر جمالي تاريخي يرسم ملامح المصلى ، وتم تمييز مكان إمام المسجد بحيث تعلوه قبة عالية ترتفع عن الأرض بحوالي تسعة أمتار إضافة إلى عدد ثلاث قباب أخريات داخل المسجد عند مداخله الثلاثة ، بينما تظهر عشرة قباب داخل أروقة المسجد مصممة بطريقة معمارية لإدخال الضوء الطبيعي بداخل قاعات المسجد ، و أما عن مئذنة المسجد فقد بنيت بنفس المادة التي بني بها المسجد  و يصل إرتفاعها إلي حوالي ثمانية عشر مترا ، ويقارب وزنها على المائة والثمانون طنا ، وبالنسبة إلى أبواب المسجد فالمسجد ثلاثة أبواب موزعة حول محيط المسجد بحيث يقع بابها الرئيسي في الجهة الشرقية مطلا على شارع الملك فيصل ، والباب الثاني يقع جنوب المسجد أسفل المئذنة و يطل على حديقة ملحقة بالمسجد ، أما الباب الثالث والأخير يقع في شمال المسجد ، ولتحقيق سمة المظهر التقليدي والطبيعي للمسجد معماريا فتم إستخدام جميع العناصر المحلية في التصميم المعماري لهذا المسجد من مواد بناء محلية ومن صنع الأبواب والمنافذ الخشبية المزخرفة يدويا وإستعمال الزخارف الجبسية بالداخل حتى تأخذ الطابع الأصيل للعمارة الإسلامية للمساجد .

وختاما … يجب علينا الحفاظ على التراث الإسلامي والعمارة الإسلامية حيث أنها تحمل بين طياتها عبق التاريخ الإسلامي والحضارة العريقة التي هي فخرا لنا جميعا فالطابع الإسلامي المميز تجده في كل ركن من أركان مسجد المدي ليس هذا فقط بل يعطيك مناخا روحانيا رائعا حين تجلس وتتأمل بداخله.