مارس البشر التأمل منذ آلاف السنين ففي القدم كان واحد من الطقوس الدينية التي تعمق فهم المرء للكون وعظم الخالق في إبداعه ولم يقتصر على ديانة بعينها ، فجميع الديانات السماوية دعت للتأمل في الكون بشكل أو بآخر، حتى الديانات الغير سماوية كنات على وعي بأهمية التأمل ومارسته كطقس أساسي من طقوسها الدينية .

أما اليوم فالتأمل والهدف منه يختلف عن الماضي كثيراً فصار فسحة يهرب المبعض إليها بحثاً عن الراحة والاستقرار النفسي فيلجأ له الكثيرين هذه الأيام للاسترخاء والتخلص من الضغوط النفسية ، لذا فيما يلي من خلال هذا المقال سنسلط الضوء على تعريف التأمل، وأنواعه المختلفة، بالإضافة للتطرق بالتفصيل لفوائده وتأثيره على الحالة النفسية والصحية للجسم.

الفرق بين اليوجا و الميديتشن

للوهلة الأولى عندما يذكر التأمل فأول ما يقفز لأذهان الكثير من الأشخاص هو تمارين اليوجا، هناك عامل مشترك بينهما بالفعل لكن هناك العديد من الاختلافات أيضاً التي تجعل لكل منهما فوائده وتأثيره المختلف من شخص لآخر لذا نستعرض فيما يلي الفارق بينما بالتفصيل.

التأمل أو الميديتيشن
  • التأمل يعد تدريبياً عقلياً في المقام الأول يركز على تصفية الذهن والوعي والتركيز.
  • تتم تمارين بشكل فردي حتى وغن تمت ممارستها وسط مجموعة.
  • عادةً تتم ممارسة التأمل مع إغماض العينين.
  • أيضاً التأمل يتضمن حالة من السكون الجسدي، لكن في بعض أنواعه قد يتضمن المشي.
اليوجا
  • أما اليوجا فهي تختلف قليلاً عن التأمل كونها تعد تدريبياً عقلياً وبدنياً في آن واحد.
  • تتضمن اليوجا ممارسة بعض التمارين البدنية، مثل تمارين القوة والإطالة والمرونة.
  • تركز اليوجا على تمرين العقل من خلال التركيز على النفس مما يساعد على تصفية الذهن، وتمرين الجسد من خلال ممارسة التمارين البدنية التي تساعد على تقويته.
اليوجا أفضل أم التأمل

بالطبع الأمر سيسبب حيرة لدى البعض هل يختار اليوجا ويمرن عقله وجسده في آن واحد؟ أم يختار التأمل ويمرن عقله فقط؟، وفي الحقيقة الإجابة على هذه السؤال هي نسبية فلا يمكننا أن نجزم بشكل قاطع أيهما ستكون أفضل بالنسبة لك فكلاهما مفيد، لذا ينصح بتجربة كل منهما لمدة من الوقت ثم تقارن بنفسك أيها جلب لك الشعور بالراحة وكان مفيداً لك أكثر من الآخر، وعندها ستعرف أيهما أفضل.

أيضاً هذا الأمر يتوقف على الهدف الذي تسعى لتحقيقه من ممارسة أي منهما، فهل تريد تصفية ذهنك والتنبه بشكل أكبر؟ إذاً عليك ممارسة التأمل، وإن كنت تهتم أكثر بجسدك مع تطوير قدراتك العقلية إذاً عليك ممارسة اليوجا.

فوائد التأمل أو الميديتيشن

يتمتع التأمل بالعديد من الفوائد النفسية والصحية التي تبدو واضحة على من يمارسه بانتظام، فتأثيره الإيجابي لا يتوقف عند منحك حالة من الهدوء المؤقت خلال ممارسته فالراحة والهدوء سيلازمانك طوال الوقت، كذلك فإنه يمكن المرضى من السيطرة على أعراض بعض الحالات الصحية، لذا ففوائد التأمل تنقسم إلى:

فوائد التأمل النفسية

التأمل يساعدك بشكل خاص على التخلص من كل الأفكار والمعلومات التي تتراكم في ذهنك يومياً بلا فائدة بل وتسبب ضغطاً نفسياً، لذا من فوائد التأمل النفسية:

  • يتمكن المرء من تطوير مهاراته في التعامل مع الضغوط.
  • تساعد على التخلص من المشاعر والطاقة السلبية.
  • تزيد من القدرة على التركيز على الحاضر بدلاً من الماضي.
  • تساهم في تطوير ملكة الإبداع.
  • تجعل مساحة التخيل أكبر.
  • اكتساب قدرة أكبر على مسامحة الآخرين.
  • اكتساب منظور جديد للمواقف العصيبة
  • تزيد من قدرة المرء على الصبر.
  • تنمية الوعي الذاتي.
فوائد التأمل الصحية

في بعض الحالات الصحية خاصةً تلك التي تسوء بتدهور الحالة النفسية يعد التأمل مفيداً للغاية، وفي هذا الصدد أجريت العديد من الأبحاث العلمية التي انتهى بعض منها بتحديد عدد من الفوائد الصحية للتأمل في السيطرة على أعراض عدد من الحالات المرضية منها:

  • أمراض السرطان.
  • الآلام المزمنة.
  • أمراض القلب.
  • اضطرابات النوم.
  • القلق.
  • الاكتئاب.
  • الربو.
  • ضغط الدم المرتفع.
  • آلام الرأس الناتجة عن التوتر.
  • متلازمة القولون العصبي.

يجب التنويه لأن التأمل لا يعد بديلاً يمكن الاعتماد عليه في السيطرة على أعراض الحالات السابقة والاستغناء عن الدواء الذي وصفه الطبيب فلابد من الالتزام بجرعات الدواء كما حددها الطبيب، كذلك في بعض الأحيان قد يؤدي التأمل لتدهور الأعراض التي ترتبط بالحالات الصحية العقلية لذا يجب استشارة الطبيب قبل البدء بممارستها للتأكد من مدى سلامة ذلك بالنسبة إليكم.

طريقة ممارسة الميديتيشن

ممارسة التأمل لا تتطلب الكثير من الجهد والتحضير كذلك يمكنكم ممارستها في أي وقت وأي مكان، الطرق البسيطة التي يمكنكم البدء بها لممارسة التأمل تتبع النفس وحتى تتمكنوا من تطبيقه عليكم اتباع الخطوات التالية:

  • اجلسوا في مكان مريح وهادئ بالنسبة إليكم حيث يمنكم إيجاد راحتكم، يمكنكم الاستلقاء كذلك.
  • اغلقوا أعينكم وللحصول على نتيجة أفضل ننصح بتغطيتها بأحد أقنعة العينين.
  • تنفسوا بشكل طبيعي للغاية ولا تبذلوا جهوداً في محاولة السيطرة على التنفس فقط تنفسوا.
  • ركزوا انتباهكم بأكمله على التنفس وكيف يتفاعل الجسم مع حركة الشهيق والزفير، بمعنى أدق راقبوا كيف يتحرك الجسم مع الشهيق والزفير، وكلما فقدتم التركيز عودوا مجدداً للتركيز على التنفس ببساطة.
  • كبداية يمكنكم ممارسة هذا التمرين لبعض دقائق، ثم كرروا هذا الأمر لفترات أطول حتى تلمسوا نتائجه.

أنواع التأمل أو الميديتيشن

هناك العديد من الطرق المختلفة التي يمكنكم ممارسة التخيل من خلالها أبسطها وأكثرها شهرة ما عرضناه لكم سابقاً، وباختلاف طرق ممارسة التأمل تبقى نتيجته ثابتة وهي الاسترخاء والهدوء، وتشمل طرق ممارسة التأمل ما يلي:

  • تأمل تجاوزي: من الطرق البسيطة التي يتم من خلالها ممارسة التأمل فيعتمد على تكرار كلمة أو صوت معين لكن دون ترديدها بصوت عالي تحديداً ترديدها ذهنياً فقط، يساعد هذا النوع من التأمل على الحصول على السلام الداخلي والراحة البدنية بأقل قدر من الجهد والتركيز.
  • تأمل موجه: يعتمد هذا النوع من التأمل على الخيال في المقام الأول من خلال محاولاتكم لرسم صور في في أذهانكم لمكان أو مواقف تجعلكم أكثر استرخاءً،ويتم توظيف العديد من الحواس الجسدية في هذه الحالة مثل الشم والبصر واللمس والسمع، وفي العادة تتم ممارسة هذا الطريقة بتوجيه من معلم خاص.
  • تأمل تاي تشي: تاي تشي هو فن من فنون القتال الصينية لكنه يعتمد على تنفيذ مجموعة من الحركات ببطء ورشاقة مع التنفس بشكل عميق.
  • تأمل الحكمة: يعتمد هذا النوع من التأمل على  الوعي الكامل بالحاضر وتقبل التعايش مع اللحظة الحالية، خلال هذا التأمل عليك الانتباه لهوية شعورك خلال ممارسته ومراقبة ما يجول في رأسك من أفكار ومشاعر لكن عليك أن تتركها تمر دون أن تصدر أي نوع من الأحكام عليها.
  • تأمل تشي كونغ: في ها النوع من التأمل يتم الجميع بين التمارين العقلية التي تستهدف الاسترخاء والتركز والتمارين البدنية والتنفس وذلك للعمل على استعادة التوازن والمحافظة عليه، وهي جزء من أنظمة العلاج الشعبية في الصين.

التأمل عادة صحية تخلصكم من الضغوط النفسية العصيبة التي قد تؤثر على شخصيتكم وجودة حياتكم بشكل كبير، لذا يتوجب على الجميع تضمينها في روتينه اليومي وإن كانت لدقائق معدودة.