إقناع الاخرين بأي فكرة أو رأي جديد ليس أمرًا سهلًا على الإطلاق ؛ بل إنه يحتاج إلى قدر كبير من الذكاء والقدرة على توصيل الرأي أو المعلومة بطريقة منطقية ومقنعة تمامًا ولا سيما أن بعض الأشخاص دائمًا ما يحبون الدخول في جدال ونقاشات طويلة من أجل إثبات أنهم دائمًا على صواب وهؤلاء هم الفئة الأصعب دائمًا في الإقناع .

فن الإقناع

إن الإقناع هو مهارة أو يُمكننا أن نُطلق عليه أنه فن ودرجة من الذكاء الاجتماعي والحكمة التي تؤهل صاحبها إلى أن يُقنع الاخرين بارائه دائمًا ويفوز بأي جدال يُشارك به ولا سيما إذا كان موضوع الجدال يدور حول قضية يعيها ويفهمها جيدًا أكثر من الطرف الثاني أو الأطراف الأخرى المشتركة في الحوار ؛ والإقناع يُعني أن يقوم الفرد بطرح ما يجول في خاطره ويدور في ذهنه من أفكار أو اراء تجاه أي قضية أو موضوع بطريقة جذابة ومنطقية مبنية على العقل والتفكير حتى تصل إلى الاخرين بسلاسة ويقتنعون بصحتها .

كيف تقنع شخص بفكرتك

على مر التاريخ ؛ كان هناك عدد كبير جدًا من الأفكار الهامة والأكثر من رائعة ولكنها لم ترى النور نظرًا إلى أن أصحابها لم يتمكنوا من أن يقوموا بتوضيحها ونقلها وإقناع الاخرين بها ، في حين أن بعض الأفكار الأخرى الأقل أهمية أصبحت منتشرة بشكل كبير جدًا نتية أن أصحابها يتقنون فن ومهارة الإقناع .

ومن أهم الأمثلة على ذلك ؛ هو توصل الباحث إلى أفكار بحثية ودراسية جيدة ولكنه يخفق في توصيلها إلى لجنة التحكيم والإشراف ، ومن ثَم يتم رفض الفكرة وهكذا ، وينتج ذلك بالطبع نتيجة عدم الإلمام الجيد بكل جوانب هذه الفكرة ، وعدم التمكن من الإجابة على الأسئلة المطروحة حولها .

وهذا يقودنا إلى العامل الأول والأساسي في إقناع الاخرين وهو دراسة جميع جوانب هذه الفكرة بشكل قوي ومتعمق جدًا والإلمام بها إلمام كامل وشامل وتام ؛ لأن هذا من شأنه أن يعزز من درجة قبول هذه الفكرة وإيمان الاخرين بها أيضًا .

طريقة إقناع الناس بما تريده بسرعة

كما يوجد مجموعة من العوامل الهامة والأساسية أيضًا التي تُساعد على إقناع الاخرين بسهولة وبكل سريع ، مثل :

أسلوب حوار مفهوم وراقي

لا شك أن أسلوب الحوار هو الذي يجذب أي مستمع إلى استكمال الاستماع إلى المتحدث ، وبالتالي إذا كان هذا الحوار راقي ومنمق ومتناسق ويطرح الأفكار بطريقة واضحة خالية من التعقيد ؛ فهذا من شأنه أن يجذب الاخرين ويقنعهم بكلام المتحدث ، في حين أن اتباع أسلوب سيء وغير راقي يُنفر المستمعين ويجعلهم رافضين لأي فكرة أو رأي يطرحها المتحدث حتى وإن كانت صحيحة وجيدة .

استخدام مفردات لغوية سهلة

حتى تتمكن من إقناع الشخص الذي تتحدث معه ؛ يجب أن تتعرف أولًا على مدى ثقافته وطبيعة تفكيره ؛ فإذا كان شخص مثقف ذو علم ومعرفة ؛ فهنا يجب أن تحرص على استخدام المفردات والمصطلحات اللغوية التي تُساعد على إيصال الرأي أو المعنى أو الفكرة بشكل بليغ وعميق في نفس الوقت ، أما إذا كنت تتحدث إلى شخص ذو مستوى ثقافي منخفض ؛ فهنا عليك أن تستخدم لغة حوار مناسبة ومفهومة له وأن تبتعد تمامًا عن استخدام المصطلحات المعقدة أو مصطلحات بلغات أخرى لا يفهمها المستمع .

اتباع أسلوب حوار إيجابي

كما يجب أن يكون أسلوب الحوار إيجابي أيضًا وبعيد تمامًا عن بث الطاقة السلبية أو توجيه الاتهام إلى الاخرين ، ومن الأمثلة على ذلك والأخطاء التي يقع بها عدد كبير من الأشخاص هو توجيه عبارة (أنت مخطئ) ، (أنت على خطأ) ، (هذا كلام خاطئ تمامًا) ؛ حيث أن بدء الحوار بمثل هذه العبارات يُثير حفيظة الطرف الثاني ويجعله مُصرًا على إثبات صحة وجهة نظره دون الاكتراث هل هي بالفعل صحيحة أو خاطئة .

وبالتالي ؛ يجب الابتعاد عن استخدام هذه العبارات والحرص بدلًا من ذلك على استخدام بعض العبارات الأخرى الإيجابية مثل : (نعم هذه فكرة تستحق النقاش ، ولكن ما رأيك إذا أضفنا هذا الجزء أو قمنا بتعديل هذا الجزء ) ، أو يقول (أتفق معك في الكثير من النقاط ولكننى أرى أن … ) وهكذا ، حيث أن هذا النوع من العبارات الإيجابية من شأنه أن يخلق نوعًا من الود أثناء النقاش .

النقاش المزدوج

كما أن إتاحة الفرصة للطرف الثاني في الحوار للتعبير عن رأيه يُعد من أهم مفاتيح القدرة على إقناعه ؛ حيث أن الانفراد بالحوار طوال الوقت واستخدام الصوت العالي أو طريقة النقاش الحادة سوف يؤدي إلى انسحاب الطرف الثاني من الحوار دون اقتناع بارائك أو أفكارك ؛ ومن هنا فإنه لا بُد من إعطاء الطرف الثاني حقه في الرد والتعبير والاستفسار عن كل ما يدور في ذهنه حتى تصل معه في نهاية الأمر إلى تمام الاقتناع .

الإيماءات الجسدية ولغة الجسد

كما أن لغة الجسد تلعب دورًا هامًا وأساسيًا في إقناع اخرين وهي تشمل حركة اليدين والميل بالجسد ونظرة العين والحركة بوجه عام ؛ حيث أن الطرف الثاني في الحوار إذا رأى في عين المتحدث الجدية والإصرار فسوف ينتقل إليه هذا المقدار من الاهتمام والجدية بشكل تلقائي وسوف يكون حريصًا أكثر على الاستماع إلى ما يقوله ، كما أن حركة اليدين المحسوبة والمتوافقة مع رتم الكلمات تؤثر بشكل كبير أيضًا على المستمع وتجذب انتباهه  .

الإقناع التدريجي

وكذلك الإقناع التدريجي الجزئي أو كما يُشير إليه البعض بأنه إقناع يجذب إقناع يُعد من أهم النظريات واستراتيجيات المتبعة في إتقان فن إقناع الاخرين ؛ وهو يعني أن يقوم المتحدث بتقسي أفكاره أو ارائه إلى عدة أقسام ، ويبدأ في إقناع الطرف الثاني بالجزء الأسهل منها ثم ينتقل تدريجيًا إلى إقناعه بالأجزاء الهامة والكبيرة من الأفكار أو الاراء التي يحملها ، حيث أن هذا الأسلوب من شأنه أن يهييء المستمع إلى تلقي بعض الأفكار أو الاراء الجديدة تدريجيًا وهذا ما يُسهل من عملية إقناعه أيضًا خصوصًا في الأمور الشائكة التي تحتاج إلى اتخاذ قرارات مصيرية .

إدعم فكرتك بالمصادر

إن الاستناد دائمًا إلى مصادر ومراجع ودراسات وأبحاث موثوقة ؛ يُدعم الفكرة أو الرأي الذي يذكره المتحدث بشكل كبير ؛ ولذلك ، إذا كان هناك ما يُعزز من صحة أفكارك أو ارائك من مصادر أو مراجع أو أقوال أو غير ذلك ؛ فعليك أن تقوم بذكرها أثناء حديثك مع الشخص الذي تريد إقناعه ومن أفضل الأمثلة على ذلك الاستناد إلى بعض الايات القرانية أو الأحاديث النبوية الشريفة التي تدعم الرأي وتؤكده وهكذا .

وأخيرًا ؛ فإن إقناع الاخرين يحتاج أولًا إلى اتباع أسلوب حوار راقي ومميز وجذاب والحفاظ على ابتسامة هادئة وليست ساخرة أو زائدة عن اللازم وعدم التجهم أيضًا بشكل أكثر من اللازم ؛ حيث أن احتراف تلك المهارات سوف يؤدي لا محالة إلى القدرة على إقناع الاخرين والفوز بأي مناقشة تكون طرفًا بها .