سيام ريب (Siem Reap)، كانت الوجهة السابعة التي زرتها هذا العام، الرحلة التي لم أرتّب لها أبداً ولم تكن من ضمن قائمة الأماكن التي أريد زيارتها. كان أسرع قرار اتخذته بشأن السفر إلى وجهة ما، على طاولة عشاء مساء الجمعة لألتقي الأصدقاء المسافرين وآخرين، كنا نتحدث عن خطط ما بعد كمبوديا والتي كان المفترض أن ألتقيهم في بلد/جزيرة ما. انتهى الأمر بحجز تذكرة لي بوجهة واحدة حتى نحدد وجهتنا التالية أثناء الرحلة.. وهو بالطبع ما لم أفعلهم من قبل.
أحكم غالباً بناءً على الانطباع الأول لأي بلد جديد أزوره حيث المطار والأماكن المحيطة به. مطار صغير بطابقين أو ثلاثة، نظيف ومرتب على ما يبدو. تحيطه مساكن تبدو صغيرة من الخارج وكأن المطار بمرفقاته جزء من المنطقة السكنية، عكس مطار كوالالمبور الذي يبعد ساعة ونصف عن المدينة.
معبد أنغكور وات (Angkor Wat)
يقال – وربما كان ذلك صحيحاً- أنه أكبر نُصب ديني في العالم حيث يقع على مساحة ١٦٢.٦ هكتاراً. هو بالفعل كبير لغاية أننا قضينا ٣ ساعات نتجول في أروقته. لم ننهِ زيارة بعض قنواته وغرفه ومبانيه الأخرى خاصة بعد أن ملّ الأطفال الذين معنا من المشي. شُيد في الأصل كمعبد هندوسي للإله فيشنو لإمبراطورية الخمير. وتحول تدريجياً إلى معبد بوذي نحو نهاية القرن الثاني عشر. تم بناؤه من قبل ملك الخمير سوريافارمان الثاني Khmer King Suryavarman II في أوائل القرن الثاني عشر في يهودهارابورا، عاصمة الإمبراطورية. كما تحولت إلى معبد الدولة وضريح في نهاية المطاف.
ستدهشك مباني المعبد وجدرانه المزيّنة بالنقوش اليدوية القديمة. أو على الأقل هذا ما حدث لي وأنا أذكّر نفسي أنها بنيت في القرن الثاني عشر. هناك تفاصيل دقيقة لوجوه أشخاص وأجسادهم حتى على الأعمدة. المدهش أكثر أن المعبد محاط بقنوات مائية، وبناءاته من الأحجار الثقيلة. كنت أسير وألتفت وألمس كل جزء من المعبد، متمنية أنني قرأت عن تاريخه مسبقاً.
أو كما نسميه “معبد الوجوه”. بُني في أواخر القرن الثاني عشر وأوائل القرن الثالث عشر كمعبد رسمي للدولة خلال حكم للملك البوذي ماهايانا جايافارمان السابع King Jayavarman VII، وقد تم تعديله والزيادة عليه من قبل الملوك البوذيين والثيرفادا الهندوسيين في وقت لاحق وفقاً لتفضيلاتهم الدينية الخاصة. هذا المعبد آسِر هو الآخر، حيث يتميز بالعديد من الوجوه الحجرية بابتساماتها الهادئة على العديد من الأبراج التي تخرج من الشرفة العليا وتجتمع حول دائرتها المركزية. على الرغم من صغر مساحته مقارنة بالأول، إلا أننا قضينا ساعة ونصف تقريباً في أروقته والحديقة الملحقة به والمتميزة بأشجارها الضخمة الفارعة، وربما كانت معمّرة هي الأخرى. تم ترميم المعبد قبل عشر سنوات ومازالت الأعمال قائمة على أجزاء منه.
أنهينا رحلتنا بجولة قصيرة إليها. لم تكن كما توقّعناها حقيقة، لكنها جيدة قياساً على الموارد البسيطة التي تعرف بها كمبوديا. بُنيت القرية على بحيرة تصلها المياه من الصين وفيتنام ولاوس. وبطبيعة الحال ليست صالحة لأي شيء بشري هنا. لكنك ستشاهِد أطفال يستحمّون في مائها وربما أمهات يطبخون منها. رحلتنا كانت في قارب خشبي. ومن الطبيعي في عُرفهم أن تتلاقى القوارب أو تحتكّ ببعضها البعض. رأينا مدرسة ومعبداً للقرية، ومرافق حكومية بنيت على مستوىً أعلى من بقية المنازل القروية الفقيرة جداً.
توقّفنا خلال الجولة في مطعم صغير يقدّم وجبات قِوامها لحوم التماسيح. كانوا يعرضون الحيّ منها قفص صغير قرب المطعم. لم يكن طعمه سيئاً في الحقيقة. من ذلك المطعم تنطلق رحلات فردية على قوارب صغيرة لا تتحمل أكثر من ٣ أشخاص. تشمل جولة على السوق العائم وأجزاء أخرى من القرية دعماً لسيدات القرية وتنشيطاً لأعمالهم. ربما كانت هذه التجربة المختلفة في سيام ريب التي طبعت في ذهني كثيراً. ولا أعرف لمَ.
ما الذي عليك توقعه عند زيارة سيام ريب أو كمبوديا بشكل عام؟