من الأمور المُسلَّم بها لدى كافة الأشخاص هو أن اكتساب المهارات ولا سيما المهارات المهنية هو أكثر ما يسعى إليه كل فرد ؛ بل إن اكتساب الخبرة والمهارة في العمل في الكثير من الأحيان لا يكون عن قصد ؛ وإنما يحصل عليها الموظف من خلال الممارسة والاستمرار في العمل، ومن هنا جاء مفهوم الممارسة العامة وأهميته والذي قد أصبح مفهومًا عامًا تحرص على تطبيقه كافة مؤسسات العمل

تعريف الممارسة العامة

يُمكننا تعريف الممارسة العامة على أنها عبارة عن الأداء أو الممارسة الذي يقوم على وجود أسس من المعرفة والمهارات العامة ولا سيما المهارات المرتبطة بالخدمات التي تُقدمها الخدمة ، وفي هذا الصدد ؛ فإن الأخصائيين الاجتماعيين يقوموا بوضع مجموعة من الطرائق والأساليب المهنية التي يُمكن من خلالها رفع مهارات ومعرفة الفرد فيما يخص المهام الخدمية بوظيفته .

أبعاد الممارسة العامة في الخدمة المدنية

مفهوم الممارسة العامة مفهوم شامل وعام وليس مُتخصص ؛ ولذلك ؛ فقد أشار كبار أخصائيي الخدمة الاجتماعية إلى أنه لا يوجد تعريف واحد لهذا المصطلح ، ولكن هناك مجموعة من الأبعاد الأساسية والتي تحيط بالممارسة العامة ، مثل :

-من أهم خصائص الممارسة العامة أنها تركز على مدى فاعلية التدخل المهني في الوقت المناسب وعلى أكثر من مستوى ؛ حيث أنه قد يكون على مستوى الأفراد فقط وقد يشمل الأسر كاملة ، وقد يمتد أيضًا ليشمل مجموعة من الأشخاص المنتمين إلى مجال عمل مُحدد ، وربما يشمل أيضًا بعض المنظمات بل والمجتمع بأكمله ، غير أن التدخل المهني من أجل إمداد الطرف المعني بالمهارات والخبرات اللازمة له ؛ لا بُد أن يتم وفق تنظيم وتفكير دقيق من أجل تحقيق الأهداف المُرجوة .

-لا بُد أن تركز الممارسة العامة والتدخل المهني على الصالح العام دون التطرق إلى أي وساطة أو محسوبية ؛ بل إن الشفافية والعدالة الاجتماعية في التدخل المهني هي أساس نجاح تفعيل نموذج الممارسة العامة في أي مكان .

-لا بُد للمتخصص في تطبيق التدخل المهني لتعزيز الممارسة العامة أن يقوم بفهم طبيعة نشاط المؤسسة أو مهنة الفرد جيدًا حتى يتمكن من وضع الية تنفيذ ناجحة لمفهوم التدخل المهني .

-عبر تناول الحالة محل الدراسة سواء فردية أو جماعية ؛ يتسنى للأخصائي الاجتماعي أن يتعرف على النظام الأنسب في الاستخدام سواء نظام الماكرو Macro level أو نظام الميكرو Micro level أو حالة وسط فيما بينهما تتبع نظام Mezzo system ، وهذا بالطبع من شأنه أن يُعزز من فاعلية الممارسة العامة داخل المؤسسات والمجتمعات بوجه عام .

نموذج الممارسه العامه

نموذج الممارسة العامة الأساسي والذي يتم معالجته عند تطبيقه في أي حالة تدخل مهني يأتي في الأساس بمجموعة من الخصائص الهامة الرئيسية ، مثل :

-يستند هذا النموذج على مجموعة من المهارات القيم والأسس المعرفية التي تعكس طبيعته وفق كل مهنة أو فرد أو مجموعة ، ومن ثَم يكون استخدام النموذج لكل حالة أكثر تخصصًا وأعلى فائدة .

-يجب أن يكون التركيز الأساسي لنموذج الممارسة العامة يهدف بشكل أساسي على إيجاد حل لأي معوقات تواجه الفرد أو الأسرة أو الجماعة أو المنظمة أو غيرهم في فيما يخص الخبرات والمهارات المتعلقة بخدمات المهنة والمشكلة المهنية خاصتهم ، وبالتالي ؛ يخلق هذا النموذج مجموعة من الاقتراحات المحتملة والممكنة لتكون حلًا نهائيًا لما يواجهه هؤلاء الأطراف من مشكلات مهنية .

غير أن نموذج الممارسة العامة لا بُد وأن يهتم بتحليل المشكلة التي تواجه الطرف المُراد حل مشكلته من جميع الجوانب والأوجه وطرح الكثير من المداخل النظرية الممكنة من أجل التوصل إلى أفضلها .

-يعتمد تطبيق نموذج الممارسة العامة أيضًا على عدة أنساق والتي بدورها تتنوع بين الأنساق الكبرى ، والأنساق الصغرى ، وكذلك الأنساق المتوسطة ، وجميعها تهدف إلى إحداث التغيير الإيجابي في نهاية الأمر .

-العديد من نماذج الممارسة العامة تعتمد على استخدام نظرية حل المشكلة problem solving method ؛ نظرًا إلى أنها من أكثر النظريات مرونة في الاستخدام والتحليل والتطبيق ولا سيما فيما يخص مفهوم الممارسة العامة والتدخل المهني .

-تبني فكرة تشجيع المشاركة الفعالة والإيجابية بين الموظفين وبعضهم البعض أو بين أفراد المجتمع وبعضهم البعض ، ولا سيما أن التبادل المعرفي والثقافي ينعكس بصورة أكثر من رائعة على خبرات الأفراد سواء الخاصة بالمجالات المهنية أو جوانب الحياة العامة .

أهداف نموذج الممارسة العامة

كما يوجد مجموعة من الأهداف الهامة أيضًا لاستخدام نموذج الممارسة العامة في الخدمة الاجتماعية ، ومن أهمها ، ما يلي :

أهداف وقائية

مصطلح الوقاية خير من العلاج لا ينطبق على الصحة العامة فحسب ؛ وإنما هو يشمل جميع مجالات الحياة بما فيها العمل ؛ حيث أن الحرص على عدم الوقوع في الأخطاء والعمل على تفويت الفرصة على أي غخفاءات يُعد من أهم أسس نجاح الفرد أو المؤسسة أو المجتمع بأكمله أيضًا ، ولذلك ؛ فإن الوقاية من مسببات الفشل والإخفاق الناتجة عن عدم وجود المهارات المهنية الكافية هي أحد أهم أهداف الممارسة العامة ، ويتم ذلك بالطبع من خلال رسم خطة عمل جيدة وتوفير التدريب المناسب لحديثي التخرج لإتقان أهم مهارات العمل وتقديم يد العون لهم دائمًا ؛ من أجل الوصول إلى أفضل مستوى مهني .

أهداف علاجية

أما الأهداف العلاجية لنموذج الممارسة العامة ؛ فهو الذي تلجأ إليه الأفراد أو المؤسسات عندما يحدث بالفعل داخلها بعد التأثيرات السلبية نتيجة افتقار جزء كبير من الموظفين إلى مهارات الممارسة العامة ، وهنا يتم تحقيق مبدأ التدخل المهني العلاجي ، وربما يتم ذلك من خلال توفير دورات تدريبية مكثفة للمتعلمين والمساهمة في إشباع كل موظف بالحاجات الأساسية التي يفتقر إليها من أجل الوصول إلى مستوى الاحتراف المهني ، إلى جانب العمل على إيجاد روابط إيجابية بين الموظفين وبعضهم البعض من اجل التأثر والتأثير الإيجابي فيما بينهم ، وهكذا .

أهداف تنموية

والهدف الثالث لاستخدام نماذج الممارسة العامة هو العمل على إحداث تغيير إيجابي تنموي ، ويتم قياس مدى تحقيق هذا الهدف من خلال تقدير معدل المردود الإيجابي له ، ويُركز الهدف التنموي على خلق نوعًا من الرأي العام الإيجابي من أجل تعزيز قدرة الموظف أو أفراد المجتمع بكامل على اكتساب القيم والسلوكيات الإيجابية والاتجاهات العصرية التي تتناسب مع طبيعة كل مجتمع وزيادة قدرة كل فرد أيضًا على تحمل المسؤولية ، ومن أبرز جوانب الهدف هذا الهدف التنموي أيضًا هو العمل على تقليل معدل الفاقد البشري والمادي بالمجتمع بأعلى قدر ممكن .

ويُذكر أنه في ضوء النتائج الإيجابية الهامة جدًا التي قد نتجت عن استخدام نموذج الممارسة العامة في الخدمة الاجتماعية من أجل رفع مهارات وخبرات الأشخاص المهنية وتحقيق الأهداف التنموية المنشودة ؛ فإن كافة المؤسسات أصبحت تهتم بقسم التنمية البشرية والنفسية ، حيث أن العديد من المؤسسات بما فيها دور العلم مثل المدارس والجامعات وبعض المؤسسات الأخرى أصبحت تتبنى فكرة توظيف أخصائي اجتماعي من أجل مناقشة أي مشكلات والتصدي إليها أولًا بأول .