وفق رؤية المملكة في التطوير الاقتصادي والاجتماعي، تم الإعلان من قبل ولي العهد الأمير محمد بن سلمان عن إطلاق مشروع لتأسيس منطقة تجارية استثمارية وصناعية على سواحل البحر الأحمر من الجهة الشمالية الغربية، تم الإعلان عن هذا الحدث في أكتوبر/تشرين أول الماضي وقد حمل المشروع اسم “نيوم” ولقد لتولي كلاوس كلاينفيلد الألماني الجنسية رئاسته منذ البداية وتم تعيينه في الفترة الأخيرة في منصب المستشار لولي العهد، مع احتفاظه بعضويته للمجلس التأسيسي ل “نيوم”.

المشروع يأتي في إطار استراتيجية يطمح لها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان تهدف إلى تحقيق الانفتاح الاقتصادي وتسعى للحد من الإعتماد على عائد النفط بهدف تخفيف القيود الصارمة الإجتماعية

وقد بدأ الكشف عن خطة إنشاء المنطقة الاستثمارية الضخمة تلك في المؤتمر الاستثماري الذي أقامته الرياض ب اكتوبر/تشرين الأول، والذي كان يحمل عنوان “مبادرة مستقبل الاستثمار” ، ولقد ضم المؤتمر نحو 3000 مسؤول من كبار السياسيين والمستثمرين.

من هو كلاوس كلاينفيلد ؟

تولي كلاوس رئاسة مشروع نيوم منذ البداية وتم تعيينه في أيضاً في منصب المستشار لولي العهد، مع احتفاظه بعضويته للمجلس التأسيسي ل “نيوم”، ومنذ ذلك اليوم ساهم كلاوس كلاينفيلد بشكل فاعل منذ حزيران/ يونيو 2017 في وضع الأساس لإنجاز الخطوات الأولى في مشروع “نيوم” الذي وصلت تكلفته إلى نصف تريليون دولار، ولكن دعونا نتحدث عن نبذة عن تاريخه وحياته قبل توليه هذا المنصب.

نشأة كلاوس كلاينفيلد

ولد كلاوس كلاينفيلد بعام 1957 م بشمال ألمانية في مدينة بشمال ألمانيا لأبوين قاما بالفرار من المانيا الشرقية، كان والده يعمل كعامل في أحد الأحواض المتخصصة في بناء السفن في البلدة ولقد درس ليحصل على شهادة الهندسة وأصبح كما تمني مهندساً.

توفي والد كلاوس كلاينفيلد وهو في سن العاشرة عاماً، وهذا ما اضطره إلى العمل وهو في سن لا يتجاوز الثانية عشر عاماً، حيث عمل على ترتيب البضائع المختلفة على الأرفف في أحد المتاجر الكبرى.

اكتسب كلاوس كلاينفيلد شهرة لا مثيل لها حين انضم إلى شركة سيمنز العملاقة الألمانية عام 1987 م ، وبها إستطاع أن يتولى إدارة أحد الوحدات الاستشارية ولقد نجح في تخفيض الإنفاق بها مع إعادة هيكلة تامة للشركة، لكن لن يستمر كلاوس كلاينفيلد طويلا بالشركة حيث اضطر إلى الاستقالة بعد ما تم كشفه من فضيحة الرشاوي بمقر الشركة وماحدث في تلاعب بالأسعار المحددة للطاقة الكهربائية.

كان كلاوس كلاينفيلد أصغر مدير على مدار تاريخ الشركة حين تولى منصبه بها وهو في سن لن يتجاوز السابعة والأربعين عاماً عام 2005م لكنه لن يستطع الاستمرار طويلاً في منصبه إذ اضطر إلى الاستقالة بسبب فضيحة فساد كبرى بالشركة، وفرضت مفوضية أوروبا في عام 2007 م على المؤسسة غرامة نقدية تصل إلى قيمة 419 مليون يورو، بسبب حدوث تنسيق غير شرعي في تحديد أسعار المنتجات وبسبب فضائح متكررة متعلقة بعمليات رشوة.

في آب/ أغسطس بدأ كلاوس كلاينفيلد عمله في أحد عمالقة صناعة الألمونيوم بالسوق الامريكي Alcoa، فبدأ كرئيس مكتب العمليات، وفي تاريخ مايو/أيار بمنصب رئيس تنفيذي وفي النهاية اتخذ منصب رئيس مجلس الإدارة بشركة Arconic ، تلك الشركة المتخصصة في مجال المعادن التي تستخدم في صناعة المحركات الخاصة بالطائرات .

واستمر الحال حتى أبريل/نيسان/ 2017، هذا التاريخ الذي اضطر فيه كلاوس كلاينفيلد أن يستقيل عن قمة الهرم شركة Arconic بعد دخوله في صراع مع رئيس صندوق التحوط المالك للشركة والذي يدعى بول زينجر، حيث اتهم بول زينجر كلاوس كلاينفيلد بالفشل وبعدم تحقيقه لنتائج تذكر ونتيجة لذلك وجه الثاني رسالة إلى زينغر، تلك الرسالة التي كانت سبباً في الإطاحة به.

وصف زينجر في خطاب أرسله إلى مجلس الإدارة التابع لاركونيك كلاينفيلد قائلاً “إنه شخصية لها كاريزما فريدة، استغل علاقاته الوثيقة مع المدراء لضمان استمراره في منصبه رغم أدائه المتواضع”.

الملامح العامة لمشروع نيوم

تبلغ التكلفة الخاصة بالمشروع 500 مليار دولاراً، على موقع يصل إلى 26500 كيلو متر مربع على سواحل البحر الأحمر وخليج العقبة، وتمتد رقعة المشروع إلى الشمال الغربي للمملكة لتضم أراض خاصة بالحدود الأردنية والحدود المصرية.

سعت المملكة لتأسيس هيئة خاصة تشرف على مشروع “نيوم” يرأسها ولي العهد، وسيتم دعمها من الصندوق الخاص بالاستثمارات العامة بجانب دعم المستثمرين العالميين والمحليين.

أسست المملكة مع مصر صندوقاً مشتركاً تبلغ قيمته 10 مليارات دولاراً بهدف تطوير الأراضي التي تصل مساحتها إلى ألف كيلو متر مربع في منطقة جنوب سيناء والتي تدخل ضمن الأرض التابعة لمشروع نيوم، حيث صرح مسؤل بالمملكة لوكالة رويترز أن الجزء التابع للرياض بصندوق الاستثمارات المشترك ستكون صورته نقدية لدعم التطوير الجاري في الجانب المصري بمشروع نيوم، مع العلم أن المشروع سيعتمد على كل ما له علاقة بمصادر الطاقة المتجددة، والأخذ في الإعتبار أن المملكة تسعى لإقامة 7 نقاط سياحية بحرية من ضمن المشروعات والمدن السياحية التي ستقام في نيوم.