العالم الإسلامي كل عام يحسب في تقويمه مرور سنة على هجرة الرسول صلى الله عليه من مكة إلى المدينة أو ما كانت تسمى عليه قديما يثرب ، وهذا كان بسبب المعاملة الصعبة التي كان يلقها المسلمون ورسول الله محمد صلى الله عليه وسلم من أهالي قريش خاصة بعد أن مات عم النبي أبي طالب وكان ذلك في عام 622 م ، فكان الأمر الإلهي بإلزام المسلمين بالهجرة من مكة إلى المدينة ليستطيعوا أن يقيموا عبادتهم والتيسير على رسول الله لنشر الدعوة ، وقد شهد التاريخ على حسن استقبال أهل المدينة حينذاك بسيدنا رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم وكل من هاجر معه من المسلمين ، وفي بداية كل عام هجري تحسب سنة جديدة من سنوات الهجرة التي مر عليها إلى الآن 1438 عاما منذ أن هاجر الرسول الكريم والمسلمين من مكة إلى المدينة ، ولكن لماذا لم يبدأ التاريخ مع تاريخ بدأ الهجرة أو الانتهاء بالوصول إلى يثرب وأعتمد بداية التاريخ من شهر محرم ، من هنا سوف يتم التعرف على هذا الأمر خلال السطور التالية .

الرأي الأول
بعد أن وصل سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يثرب قد أمر رسول الله بالتأريخ واعتماد المكاتبات والرسائل بتاريخ الهجرة ، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكتب الرسائل للأمراء والملوك وزعماء القبائل بتدوين العام الهجري على هذه المكاتبات والرسائل ، ومع مرور الوقت وفي العام السابع عشر من الهجرة كان دور خليفة المسلمين وأمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعد عامين ونصف من توليه الخلافة ، أن يقوم بالتأريخ من غرة شهر محرم ، وذلك بعد استشارة عميقة مع الصحابة الكرام بأن يتخذوا من الهجرة تاريخ وتقويم للمسلمين ، وسجل التاريخ الإسلامي في ذلك لقول سيدنا عمر في هذا الشأن حينما قال ” الهجرة فرقت بين الحق والباطل فأرخوا بها “، فلما اتفقوا فقال بعضهم لنبدأ برمضان فقال عمر “بل بالمحرم فإنه منصرف الناس من حجهم”، فكان من هنا الاتفاق على محرم أن يكون بداية العام الهجري ،

الرأي الثاني
وهناك رواية أخرى أن التاريخ الهجري قد اعتمد بالفعل على يد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب فلا جدال في ذلك ، ولكن بعد مشاورات كثيرة فمنهم من أراد أن يبدأ التأريخ من شعبان ، وهناك من أراد أن يكون بداية التاريخ بداية من تاريخ مولد رسول الله مثلما فعل النصارى مع سيدنا عيسى ، وهناك رأي اتفق عليه الكثيرون قد أشار إليه علي بن أبي طالب وهو أن يتم اختيار تحديد التاريخ الإسلامي من هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستحسن سيدنا عمر هذا القول وقال أن يتم البدء في التأريخ من هذا العام وليكن البداية من محرمها .

في كلتا الحالتين وجدنا أن التاريخ الهجري لم يبدأ تحديدا من يوم أو شهر هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لان الهجرة تمت فعليا في ربيع الأول ولم تكن في شهر محرم كي لا يلتبس الأمر عند البعض ، ولكن تحديد شهر محرم ليكون بداية العام الهجري في التقويم كان في كلتا الروايتين تحديدا  من قبل سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعد استشارة الصحابة واعتماد التأريخ منذ هذا العهد إلى الآن ، يذكر أيضا أن السنة الهجرية هي أقل في عدد الأيام من السنة الميلادية حيث أن السنة الميلادية عدد أيامها 365 يوما ، ولكن السنة الهجرية عدد أيامها 354 يوما أي أن هناك فارق في الأيام 11 يوما تقريبا ، وهذا ما يجعل من المستحيل أن يتوازيا التاريخين مع بعضهما البعض طوال العمر .