التعليم لا يعترف بالسن أو العمر وهو ليس مقتصرًا على صغار السن فقط كما هو الشائع في الكثير من البلدان ؛ حيث أن تعليم الكبار من أهم الأمور التي يجب أن تقوم بها الدول وأن لا تتنازل عن محو أمية أكبر عدد ممكن من رجالها ونسائها ، ويرى كبار الفلاسفة أن تعليم الكبار عبارة عن علم تربوي واجتماعي في نفس الوقت لأنه يرتبط بتنمية روح ووجدان المتعلمين من جهة ويرتبط برفع نسبة الوعي والثقافة والتقدم في المجتمع من جهة أخرى .
نظريات تعليم الكبار
اجتهد عدد من المفكرين والفلاسفة في وضع بعض التصنيفات الخاصة بتعلم الكبار وفقًا لأكثر من مدرسة فلسفية ، وفي دراسة قام بها كل من كولبيرج وماير ؛ أشارت إلى أن تعليم الكبار يستند على 3 اتجاهات أساسية ، هي :
-اتجاه رومانسي : وهو يشير إلى التأثير على نفس وذات المتعلمين الكبار تربويًا وصحيًا .
-اتجاه ثقافي : يُشير إلى أن تعليم الكبار أحد أهم أسباب تناقل العلم والمعرفة والقيم والأخلاقيات بين الأجيال المختلفة .
-اتجاه تقدمي : ينص على أهمية أن يكون تعليم الكبار وسيلة لتحسين حياة هؤلاء المتعلمين ودفعها إلى الأفضل .
النظريات الفلسفية لتعليم الكبار
هناك بعض النظريات والمحاور الأخرى التي وضعها بعض الفلاسفة والكبار أيضًا حول تعليم الكبار ، مثل :
نظرية نمو العقل
يرى أنصار هذه النظرية أن تعليم الكبار هدفه الأساسي هو اكتساب العلم والمعرفة لتنمية العقل والفكر فقط ، في حين أن المعرفة هنا لا تعتبر وسيلة لحل مشكلات أو تحقيق أهداف ، ولكنها تعمل فقط على نمو العقل وهذا هو هدفها الأساسي .
نظرية تحقيق ذات المتعلم
أما هذه النظرية فهي تدور حول ذات الشخص المتعلم من كافة الجوانب ، وهو يقوم على فكرة أن الطبيعة البشرية دائمًا ما تميل إلى الخير ، وكلما نما وزاد هذا الخير لدى كل متعلم كبير ؛ ساعده ذلك على أن يُصبح أكثر حرية ووعي وقادرًا على توجيه ذاته ، ولذلك تسمى هذه النظرية نظرية تحقيق ذات المتعلم الكبير .
نظرية التحول الاجتماعي
وفي هذه النظرية ؛ يرى أنصارها أن هدف تعليم الكبار ؛ هو إحداث تحول اجتماعي ، حيث أن اكتساب هؤلاء الكبار للعلم والمعرفة سوف يؤدي إلى تغيير المجتمع بأكمله باعتبار كبار السن ركيزة أساسية في المجتمع ، وبالتالي فإن هذه النظرية ترى أن تعليم الكبار من شأنه أن يُساعد على إحداث نقلة نوعية ملحوظة في الحياة الاجتماعية .
نظرية التحسن الاجتماعي والشخصي
وهذه النظرية تختلف عن سابقاتها بعض الشيئ ، حيث أنها عبارة عن اتجاه توفيقي يدور بشكل أساسي حول أن المتعلم عضو في المجتمع يرتبط بعلاقات متبادلة مع أفراد هذا المجتمع ، ومن هنا ؛ فإن هذه النظرية هو عبارة عن خدمة مشتركة بين الفرد والمجتمع وأن النمو الشخصي والمعرفي للإنسان لا يتم إلا من خلال اندماجه في المجتمع ، وتعرف هذه النظرية باسم نظرية التحسن الاجتماعي والشخصي معًا .
نظرية الفاعلية التنظيمية
أما النظرية الخامسة ؛ فيرى أصحابها أن الهدف من تعليم الكبار ولا سيما العاملين في قطاعات الدولة المختلفة يهدف إلى العمل على تنمية الإنتاج داخل مؤسسة العمل ، حيث أن الموظف أو العامل هو أساس عملية الإنتاج في أي مؤسسة ، واكتسابه للعلم والمعرفة سوف يُساعد على زيادة معدل الإنتاج وبالتالي زيادة العائد المادي والربح ، ولذلك تعرف تلك النظرية باسم ( الفاعلية التنظيمية ) .
وبوجه عام ؛ فإن تعليم الكبار من الأمور الهامة والمفيدة جدًا في كافة المجتمعات للفرد وللمجتمع ، ولا يوجد أي تعارض بين أي من النظريات السابقة لأن تعليم الكبار في نهاية الأمر يصب في صالح ذات المتعلم ومجتمعه أيضًا .