يعد المولد النبوي الشريف يومًا هامًا يحتفل فيه المسلمون من مشارق الأرض ومغاربها بذكرى مولد أشرف الخلق أجمعين سيدنا محمد صلّ الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه حق قدره مقداره العظيم ، فقد أراد الله تعالى أن يخرج الناس من ظلام الجاهلية إلى نور الإسلام والتوحيد على يده صلّ الله عليه وسلم  يقول أمير الشعراء أحمد شوقي في مولده صلّ الله عليه وسلم :

ولد الهدى فالكائنات ضياء وفم الزمان تبسم وثناءُ
وتعطّر الكون الفسيح بنوره وتوالت الأنوار والأنداء

مولد النبي صلِّ الله عليه وسلم

اختلف المؤرخون وعلماء السير في مولده صلّ الله عليه وسلم ولا شك أنه كان يوم الاثنين من شهر ربيع الأول في عام الفيل ، سنة 571م ، قال علماء السير أن مولده صلّ الله عليه وسلم كان في يوم الثاني عشر من ربيع الأول بعد حادثة الفيل بنحو 50 يوم ، وقال بعض المؤرخون أن مولده صلّ الله عليه وسلم كان يوم 17 من ربيع الأول ،”قد صح أن أبا لهب يخفف عنه عذاب النار في مثل يوم الاثنين لإعتاقه ثويبة سرورًا بميلاد النبي صلّ الله عليه وسلم ” ولد عليه الصلاة والسلام في مكة المكرمة يتيم الأب توفى والده صلّ الله عليه وسلم وهو في بطن أمه كان عائدًا من تجارة في المدينة المنورة ودفن فيها .

حياة الرسول صلِّ الله عليه وسلم في البادية

أجمع العلماء أنه ولد صلّ الله عليه وسلم في دار أبي طالب في شعب بني هاشم ، وكان من عادة العرب قديمًا أن يرسلوا أولادهم إلى البادية للرضاعة ويكبروا هناك لتعليم الطفل اللغة العربية وحتى يكون بصحة جيدة ، قدمت المرضعات إلى مكة ليبحثن عن الأطفال ومن بينهم السيدة حليمة السعدية كان إبلها ضعيف لا تقوى على السير فتأخرت وتسابق النساء الأخريات على الأطفال وأعرض عن الرسول صلّ الله عليه وسلم لأنه يتيم الأب وقبلته السيدة حليمة حتى لا تعود من دون أطفال .

وحينها حلت البركة عليها فدار الحليب في ثديها فرضع منه صلّ الله عليه وسلم وارتوى ورضع ابنها الأخر حتى شبع وزاد الحليب في أبالها وشربت منه السيدة حليمة وزوجها ولما بلغ عمره عامين طلبت من أمه آمنة أن يظل معها مدة أطول لما حل عليها من البركة على يديه صلّ الله عليه وسلم  ، وبعدها بمدة ثلاثة أشهر أتى إليه رجلان شقه صدره وأخرجا قلبه ونزعا حظ الشيطان منه فخافت السيدة حليمة بعد تلك الحادثة أن يكون قد أصابه مكروه فعادت به إلى أمه وقصت عليها ما حدث فأخبرتها أمه أن له شأن عظيم .

تاريخ الاحتفال بالمولد النبوي الشريف

كان النبي صلِّ الله عليه وسلم يحتفل بيوم مولده بالصيام كل اثنين من كل أسبوع وروي عنه صلِّ الله عليه وسلم أنه قال

“ذاك يومٌ وُلدتُ فيه. ويومُ بُعثتُ -أو أُنزلَ عليَّ فيه ” وهذا يعد يومه مولده صلّ الله عليه وسلم يوم مميز وايد ذلك بعد علماء المسلمين منهم الإمام السيوطي وابن الجوزي وابن حجر العسقلاني وابن عابدين والسخاوي وابن الجزري والشهاب أحمد القسطلاني وعارضهم شيخ الإسلام ابن تيمية  والإمام الشاطبي وتاج الدين الفاكهاني

وأول من احتفل بالمولد النبوي على الإطلاق هو حاكم أربيل في شمال العراق اليوم والملك المظفر أبو سعيد كوكبري وكانت الدولة الفاطمية أو العبيدية أول من أظهرت الاحتفال بمولده صلّ الله عليه وسلم كانوا يوزعون الحلوى والصدقات والاحتفال الرسمي عبارة عن موكب لقاضي القضاة يحمل صواني الحلويات ويتجه نجو الجامع الأزهر ثم يتجه لقصر الخليفة لإلقاء الخطب .

وكان الاحتفال يتم أيضًا بشكل منتظم في عهد الدولة الأيوبية في عهد السلطان صلاح الدين كان احتفال كبير يقام كل عام يُصرف فيه الكثير من الأموال والصدقات كانت الأغنام والماشية تخرج تدق الطبول والأناشيد ثم يشرعون في ذبحها وتوزيعها ويجتمع الناس ويعقد مكانًا للوعظ وتقام موائد الطعام العامة .

في عهد الدولة العثمانية كان الاحتفال يوم 12 من ربيع الأول يحضر الجميع بالملابس التشريفية والأوسمة على صدورهم ويقفون في انتظار السلطان ولما يحضر يخرج من قصره راكب جواده وعليه سرج من الذهب الخالص وحوله الموكب الفخم وخلفه الجماهير ويدخلون المسجد للاحتفال وقراءة القرآن الكريم والصلاة على النبي المختار صلّ الله عليه وسلم ويبدأ المشايخ في عقد حلقات الذكر ويفد كبار رجال الدولة لتهنئة السلطان .

في المغرب الأقصى كانوا يحتفلون بمولده صلّ الله عليه وسلم يبدأ الترتيب بالاحتفال عند دخول شهر ربيع الأول ، وعند فجر يوم 12 يصلي السلطان بالناس ويبدأ الوعاظ في سرد فضائل النبي صلّ الله عليه وسلم وشمائله ومعجزاته والصلاة والسلام عليه ، وعند الانتهاء يبدؤون في الأشعار والمدائح النبوية .

الآراء حول الاحتفال بمولد النبي صلّ الله عليه وسلم

انقسم العلماء لفريقين فريق أيد الاحتفال بذكرى مولد النبي صلّ الله عليه وسلم ، وفريق عارض فكرة الاحتفال لعدم وجود نص شرعي وعدم وجود قول للصحابة رضوان الله عليهم والتابعين أو تابعي التابعين وبناء عليه يشك في بدعة الاحتفال .