في هذا الوقت الذي نشعر فيه بعدم الراحة والطمأنينة بسبب أساليب الاحتيال والغش في كل شيء حولنا، ودائماً ما نرغب إلي الرجوع بالزمن للعيش في وقت لا يكون فيه كل هذا الخداع والغش الذي يحط بنا، وحتي نعيش حياة بسيطة نوعاً ما، سنجد أنه إذا رجعت بالزمن قليلاً للوقت الذي يحكي عنه جدك أو أبيك الذي كان يحب الناس بعضهم البعض والذي كانت الحياة فيه أفضل من الآن، فأنك لم تكن أيضاً واثقاً في أنك سوف تكون أمن من الاحتيال، في الحقيقة أن المساوئ البشرية موجودة في العالم بغض النظر عن الوقت، والقرن التاسع عشر من أكثر الأوقات التي كانت رصدت الكثير من عمليات الاحتيال والنصب.

أشهر عمليات الاحتيال في القرن ال19

احتيال الأمير النيجيري

من الممكن أن يأتي إليك شخص ما وأنت في القرن التاسع عشر يقول لك أن هناك مالك خيري من الممكن أن يتقاسم معك مبلغ قدره مليون دولار، وهذا مقابل أن تسلمه بعد المعلومات الخاصة بحسابك المصرفي، وعلى الرغم من سذاجة هذه الحيلة، إلا أنها في سنة 1876 كانت الصحف تحذر منها بشكل كبير.

هذا الأمر من الممكن أن يكون سبب في التغيير أو التطوير من هذه الحيلة التي كانت تدعي الحيلة النيجيرية أو حيلة الأمير النيجيري، حيث أصبح المحتالون يرسلون خطابات لبعض الأشخاص يحتوي هذا الخطاب على أن ابن عمه لديه بقالة قيمتها 9000 دولار، ويحتاج منك أن توافق على استلامها مقابل أن تدفع ثلث المبلغ مقابل عمليات الشحن وبعض الرسوم الأخرى حتى تتمكن من الحصول على البضاعة.

الرومانسية أشهر حيل المخادعون

لم يكون الابتزاز الجنسي أو استخدام الرومانسية والجنس الأخر حكر على هذا الزمن بل أنه كانت واحدة من أكثر الحيل المشهورة في القرن التاسع عشر، فعلى حسب ذكرت جريدة The Herald and Torchlight of Hagerstown، في ولاية ميريلاند في الولايات المتحدة الأمريكية سنة 1873، أن بعض المحتالين يقوم بإرسال جوابات كإعلان زواج أو كرسائل غرامية لبعض الرجال الوحيدين، ويستمرون في الكتابة لهم بشكل كبير، ومع تطور العلاقة، ويقومون بتعريضهم للابتزاز المالي مقابل ما يملكونه من خطابات.[1]

بوياس والأمة الهمية

في أوائل القرن التاسع عشر، قام المغامر الأسكتلندي غريغور ماكجريجور بأكبر عملية احتيال لا يمكن أن تصدق، حيث قام هذا الشخص المغامر المخضرم في البحرية البريطانية، والذي كان يتباهى ببعض المعارك المشروعة التي خاضها مع البحرية البريطانية بأشبع أنواع التدليس والمؤامرة.

إلا أنه في سنة 1817 قرر أن يتباهى بقصة جديدة له في مكان يبعد عن بريطانيا بأميال، حيث أنه أدعى في لندن أنه تم تعينه زعيماً على دولة جديدة موجودة في أمريكا الوسطى تسمى دولة بوياس.

لم يكتفي غريغور بهذا فقد قام بنشر كتاب كامل يوضح فيه التفاصيل حول دولة بوياس الجديدة، وصرخ الناس وهللوا وتصارعوا على الاستثمار في دولة بوياس الغير موجودة، وقام بعضهم بتبديل أموالهم مقابل الدولار البويا، وخططوا لأنفسهم حتى يستقروا في هذه الدولة الجديدة.

في أوائل العشرينيات من القرن التاسع عشر، قاموا بالفعل المستوطنين بالمغادرة إلي دولة بوياس وغادرت أول سفينتين من بريطانيا محملين بالمستوطنين، وكان المستوطنين أيضاً محملين بالأمل في أرض جديدة وأمل جديد، ولكن لم يجدوا سوي الغابة، فعاد بعضهم في النهاية إلى لندن، وعلى الرغم من أن هذه العملية المحتالة كانت أشهر عملية احتيال في هذا الوقت، لم يتم مقاضاة ماكجريجور، وتوفي سنة 1845.

قضية سادلير

في خمسينات القرن التاسع عشر اهتزت شوارع العاصمة العريقة لندن، فقد تمكن جون سادلير من عمل أكبر عملية احتيال مصرفية في بريطانيا، هذه العملية تسببت في تدمير العديد من الشركات وتفتيت العديد من مدخرات الآلاف الناس.

كان سادلير عضو في البرلمان البريطاني وكان مستثمراً في السكك الحديدية البريطانية ومدير بنك تيبيراري، وهو عبارة عن بنك له مكاتب في دبلن وفي لندن، حيث تمكن من خلال منصبة أن يختلس الآلاف من الجنيهات في البنك وتستر على جريمته عن طريق ميزانيات قام إنشائها لمعاملات لم تكن موجودة، وقد مات سادلير في السادس عشر من فبراير سنة 1856 بشربة سم في قصره في لندن.

فضيحة الائتمان موبيلية

تعد هذه الفضيحة واحدة من أشهر عمليات الاحتيال في تاريخ السياسة الأمريكية، وكانت تتعلق ببناء خط سكة حديد عابر للقارات.

تواصل مدراء اتحاد المحيط الهادي ووضعوا خطة حتى يقوم الكونغرس بتحويل أموال السكك الحديدية إلى أيديهم، وقام المديرين في شركة Union Pacific بإنشاء شركة وهمية تدعي Crédit Mobilier، هذه الشركة كان يجب أن تشرف على عمل السكك الحديدية ولكنها وضعت تكلفة لإنشاء السكك الحديدية أضعاف التكلفة الحقيقة حيث كلفتهم 44 مليون دولار، وقد تم الكشف على هذه الخدعة في سنة 1872، واتضح أنه كان متورط فيها أعضاء من الكونغرس ونائب رئيس شركة جرانت شويلر كولفاكس.

عصابة تويد

تمكنت الآلة السياسية في مدينة نيويورك التي تعرف باسم تاماني هول، من الجزء الأكبر من قيمة إنفاق الحكومة على المدينة في أواخر القرن التاسع عشر، وكانت تأخذ هذه الأموال إلى حسابها في العديد من العمليات الاحتيالية، وكانت واحدة من أشهر عمليات الاحتيال هو بناء مبنى المحكمة الجديد والذي كلف 13 مليون دولار، وهو رقم هائل بالنسبة لسنة 1870، وكان زعيم العصابة السياسية يدعي وليام مارسي بوس تويد، والذي تم محاكمته في النهاية وتوفي في السجن.

الآلة التي لا تتوقف

في سنة 1812 ظهر رجل يدعى تشارلز ريدهيفر في ولاية فيلادلفيا في أمريكا، وكان معه آلة يقول عنها أنها معجزة ولا تتطلب أي مصدر طاقة لتشغيلها، وطلب الكثير من الأموال حتى يقوم ببناء نموذج أكبر، إلا أن حيلته تم اكتشافها، ومنها قام بحمل آلته واتجه إلى نيويورك، لم يعلم أحد بعد حقيقة الأمر، وطالب مرة أخري بالكثير من الأموال حتى يبني نموذج أكبر إلا أن بعض المهندسين أكتشفوا أن هناك حبل موصل من الآلة إلى مكان أخر يوجد فيه رجل يلف يد كرنك ليولد طاقة تعمل على تشغيل الآلة.[2]

مخطط الأسرى الأسبان

ذكر في صحيفة سنة 1905 توضح عملية احتيال كانت منتشرة بشكل كبير في هذا الوقت، حيث كان المحتالون يعتمدون على عواطف الناس ويقومون، بإرسال خطابات تحتوي على حالات إنسانية تحتاج إلى المعونة المالية، فقد قام أحد الأشخاص بكتابة خطاب يحتوي على أن ابنته قد سجنت ظلماً وتحتاج إلى مبلغ من المال حتى تخرج من السجن، وتمكن من خلاله أن يجني الكثير من الأموال.

قطع جزيرة مانهاتن إلى جزئين

كان هناك إشاعة تقول إن جزيرة مانهاتن في نيويورك تغرق بسبب وزن المباني الجديدة عليها، وهنا اقترح رجل يدعي لوزير، بأن يتم قطع الجزيرة إلى نصفين ويتم توصيل الجزء الذي يغرق بمكان أمن، وبالفعل دعي إلى هذه الفكرة حتى أن الكثير من العمال تزاحموا ظناً منهم أن هذا المشروع الاستثماري سوف يتطلب عمالة كبيرة، وبالفعل وعدهم لوزير بهذا وتجمع العمال في المكان والوقت المحدد ليتم تعيينهم إلا أن لوزير قرر الهرب بفكرته الساذجة.[3]

خدعة القمر العظيم

ظهر مقال طويل على شكل تسلسلي على الصفحة الأولى لصحيفة نيويورك صن، يحمل عنوان أعظم الاكتشافات الفلكية، وكان المقال عبارة عن أقوال عالم الفلك البريطاني الشهير، السير جون هيرشل، والتي تقول انه تمكن من خلال تلسكوب ذو أبعاد واسعة أن ينشأ نظرية جديد للظواهر الكونية، حيث أكتشف أن هناك حياة على القمر، وعلى الرغم من أن هذه الأقوال غير صحيحة وأن جون هيرشل لم يكن عالم فلك أصلاً، إلا أنه تفاجئ أن هذه الأكاذيب انتشرت بشكل كبير في كلاً من أوروبا وأمريكا.[4]

المراجع