تمتلك الحضارة الفرعونية شهرة واسعة على مستوى العالم، إذ تعد الحضارة الفرعونية أحد أكثر الحضارات القديمة تقدم وازدهار، فعلى الرغم من مرور هذه الحضارة بفترات من الضعف والاضمحلال، إلا أنها استطاعت أن تحرز تقدمًا عظيمًا في مختلف العلوم، يذكر أن الملك زوسر المعروف باسم ” نتجيرخيت “، كان واحدًا من أهم ملوك مصر القديمة، وذلك بسبب الجهود والإنجازات التي قام ببذلها في فترة حكمه للدولة المصرية القديمة، وهذا ما جعله يحتل مكانة بارزة بين باقي ملوك مصر.

الملك زوسر

الملك زوسر (بالإنجليزية: King Djoser) واحد من أهم ملوك مصر، عُرف الملك زوسر كذلك باسم نتجيرخيت، حكم مصر أثناء الأسرة الثالثة للمملكة المصرية القديمة، تحديدًا بعام 2650 قبل الميلاد، أكثر ما ميّز هذا الملك عن غيره من ملوك مصر أنه استقر في ممفيس، ولم يقم بالتنقل بين أرجاء البلاد.

امتلك الملك زوسر الكثير من القوة والحكمة، الأمر الذي أهله إلى توسيع قوة البلاد على طول الجنوب حتى أسوان، وكذلك على الصعيد الشمالي حتى سيناء، فقد استطاع الملك زوسر تحقيق مجموعة متعددة من الإنجازات في ظل حكمه للبلاد، وكان مشرف على فكرة الهرم المدرج، الذي لازال يمتلك شهرة واسعة في مصر والعالم حتى اليوم، نظرًا لتأسيسه بالكتل الحجرية بدلًا من الطوب اللبني، الذي كان يستخدم عادًة في أعمال البناء بمصر القديمة.

عائلة الملك زوسر

لم يتعرف علماء الآثار عن الكثير من المعلومات الشخصية بشأن حياة الملك زوسر العائلية، فقط تم التعرف على اسم والد الملك ووالدته وزوجته وابنة واحدة له، على الرغم من امتلاك الملك لأبنتين؛ بينما تم تدمير اسم الإبنة الأخرى الذي كان مدون على البرديات وجدران المعابد.

  • اسم والد الملك زوسر: خاسخيموي (بالإنجليزية: Khasekhemwy)
  • اسم والدة الملك زوسر: نيماثاب (بالإنجليزية: Nimaathap)
  • اسم زوجة الملك زوسر: هيتافرينبتي (بالإنجليزية: Hetephernebti)
  • اسم ابنة الملك زوسر: إنت كاويس (بالإنجليزية: InetKawes)

إنجازات الملك زوسر

استطاع الملك زوسر تحقيق مجموعة من الإنجازات العظيمة لمصر القديمة، وهذا ما جعله مثال يحتذى به لملوك مصر الذين حكموا البلاد من بعده، فعلى الرغم من كونه قد حكم البلاد فقط لمدة 19 عام، إلا أن اسمه أصبح من أهم الأسماء بالتاريخ الفرعوني القديم.

  • استخدام الأحجار في البناء: تمكن الملك زوسر بالاعتماد على وزيره إمحوتب من القيام باكتشاف رائع، تمثل في الاعتماد على الأحجار في البناء، بدلًا من الاعتماد على الطوب اللبني ذو الطبيعة الهشة مقارنة بالأحجار الصلبة.
  • بناء الهرم المدرج: على الرغم من بناء الهرم المُدرج على يد وزيره إمحوتب؛ إلا أنه من الإنجازات التي دائمًا تُنسب إلى الملك، باعتباره منسوب لاسم زوسر العظيم.
  • غير الملك زوسر من النمط التقليدي المسطح للنصب التذكاري، فقد بدله من هيكل مستطيل مسطح القمة؛ إلى هرم يتكون من ست درجات.
  • قام الملك زوسر بإرسال الحملات إلى سيناء، تحديدًا بوادي المغارة، بهدف استخراج الفيروز ومعدن النحاس، يذكر انه كان الملك الأول الذي يرحل حملاته لسيناء لأهداف اقتصادية تساهم في إنعاش الاقتصاد.
  • دعّم الملك زوسر عبادة الشمس وتقديسها، وذلك يظهر على جدران المعابد المصرية القديمة، التي أمر الملك زوسر بإنشائها.
  • حصل الملك زوسر على اللقب الذهبي، ذلك اللقب الذي غير من المفهوم الديني وقام بتطويره على مر العصور.
  • شهد عصر الملك زوسر الكثير من الإنجازات المعمارية والزراعية والتجارية.
  • نجح الملك زوسر في تأمين البلاد بشكل كامل، بتوجيهاته إلى الجيش لصد الهجمات الخارجية بقوة.
  • حقق الملك زوسر الانتصار على الهجمات الليبية ، وتمكن جيوش الملك من الفوز في المعارك باسمه.
  • قام الملك زوسر بإصلاحات عظيمة بالقسم الجنوبي من البلاد.

هرم زوسر المدرج

تم بناء هرم زوسر المدرج أو كما يطلق عليه هرم سقارة المُدرج قبل 4700 عام كقبر للفرعون زوسر أول ملوك الأسرة الثالثة، تحديدًا بشمال غرب مدينة ممفيس الفرعونية، التي كانت مقرًا رئيسيًا للحكم في ذلك الوقت، إذ يعتبر هذا الهرم المدرج أحد معالم تطور العمارة الحجرية الضخمة.

أقدم الوزير إمحوتب الذي اعتبره الملك مستشارًا خاصًا به على بناء هذا الهرم المهيب، الذي يرتفع حتى 204 قدم أي 62 متر، ليصبح أطول بناء في عصره، وأول بناء من الحجر الجيري، والأهم من ذلك أن هذا البناء كان أول مقبرة ملكية هرمية الشكل لدى الفراعنة.

قبل بناء هرم سقارة لمدرج كان يتم دفن الملوك في مقابر مسطحة على شكل مصطبة، عبارة عن هياكل مستطيلة كبيرة ذات أسطح مائلة تم بناؤها من الطين المجفف، الذي يتواجد على ارتفاع 20 قدم أي 6 أمتار فقط، لذا فكر إمحوتب  بصفته وزير الملك ومستشاره الخاص؛ في القيام بفكرة جديدة بالبناء، لجعل المقبرة أكثر إبهارًا وإعجابًا من قبل الفرعون، وبالفعل توصل إلى فكرة الهرم ذو الدرجات.

أطلق الوزير إمحوتب على الهرم لقب ” بوابة إلى الجنة “، وذلك من خلال وضع ست مصاطب فوق بعضها البعض، لكل منها مستوى أصغر من المستوى الذي يتواجد بأسفله، وذلك بهدف تشكيل مستطيل هرمي الشكل، مع وضع غرفة الدفن تحت المصاطب الهرمية بشكل مثير للإعجاب، لا يتم العثور عليها بسبب الأنفاق والدهاليز المظلمة؛ مما يحبط محاولات اللصوص للحصول على الكنوز المخزنة أسفل الهرم.

نصب المجاعة

نصب المجاعة أو لوحة المجاعة (بالإنجليزية: The Famine Stele)، هو النصب التذكاري التي تم نحته على يد البطالمة قبل الميلاد، إذ  تم نحت هذه اللوحة بعد فترة طويلة من حكم الملك زوسر،  لكي تحكي قصة إنقاذ الملك لبلاده في سنين المجاعة التي عاشتها مصر بعهد زوسر، إذ عاشت مصر 7 سنوات من المجاعة، الأمر الذي جعل زوسر ومستشاريه في حيرة كبيرة تجاه الأزمة التي لم تفيد الحلول التي جاءت للملك بالقضاء عليها.

حلمَ الملك زوسر بإله الشمس الذي أتي إليه يشتكي من سوء حالة معبده الذي يقع بجزيرة إلفنتين ، فالناس قد فقدوا احترامهم للإله الذي أعطاهم الحياة على النهر، الأمر الذي جعل الملك زوسر قلق بشأن الحلم، مما أدى به إلى التشاور مع وزيره إمحوتب واتفقا على الإبحار إلى جزيرة إلفنتين، لتقديم احترامه إلى الإله ورؤية حالة المعبد، وحدث ما كان يتوقعه فالمعبد كان بحالة في غاية السوء كما تنبأ به في الحلم.

عزم الملك زوسر على إقامة معبدًا جديدًا بدلًا من المعبد الذي انهارت أجزائه وأصبح في حالة سيئة، وبمجرد انتهاء بناء هذا المعبد انتهت المجاعة ورحب الشعب بالملك العظيم الذي خلصهم من الأزمة التي كادت أن تودي بحياتهم.

مومياء الملك زوسر

تم دفن الملك زوسر داخل تابوت، وتم وضعه داخل غرفة الدفن التي تقع تحت هرم سقارة المدرج، لكن لم يتم العثور على المومياء الخاصة بالملك حتى اليوم، إذ يعتقد أنها قد دمرت من قبل اللصوص، الذين قاموا بمحاولة سرقة ممتلكات المقبرة الثمينة، فقط تم العثور على قدم يسرى محنطة في غرفة الدفن، تحديدًا بعام 1934.

أما عن التعرف على شكل الملك زوسر، فقد كان من خلال التمثال الذهبي المحنط، الذي تم العثور عليه من قبل المنقبين عن الآثار في مصر، وقد كانت عملية العثور على التمثال المحنط في عام 1924، وقتها كان العثور على أحد الإشارات التي تدل على ملامح الملك زوسر ذو الجهود العظيمة التي حققها للبلاد أحد الاكتشافات الهامة بمصر.