هو عبد الرحمن بن أبي بكر الصّديق. شقيق عائشة بنت أبي بكر. وهو أكبر أولاد سيدنا أبي بكر الصّديق، وروى عن النّبيّ 8 أحاديث، اتُفِق منها على ثلاثة.

أسلم عبد الرحمن بن أبي بكر قبل الفتح وحضر موقعة بدر مع المشركين. بينما تأخّر إسلام جدّه إلى يوم الفتح. وكان عبد الرحمن راميًا بارعًا.

وهو من أمره النّب أن يعمر عائشة من التنعيم في حجّة الوداع.

وقد أوُرِد فيه قول عائشة أخته حين دخل عليها يوم موت سعد وتوضّأ، فقالت له: “أسبِغ الوضوء، فقد سمعت الرّسول يقول: ويلٌ للأعقاب من النّار”

قوّته في الحق: عُرِف عبد الرحمن بالصّلابة والحزم في الدّين، وكان يمقت دين قومه وأصنامهم

جهاده

شارك عبد الرحمن في موقعة بدر مقاتلًا في صفوف المشركين، حتّى كانت غزوة أحد، فكان فيها من الرّماة حيث عُرِف بدقّة وإنسيابة رميته. وأثناء المعركة، وقف ونادى يطلب من يقاتله من المسلمين، حينها تقدّم إليه أبو بكر يبارزه، لكنّ النّبي حال بينهما وأبى أن يخوض أبو بكر تلك المبارزة مع ابنه.

حين منّ الله على عبد الرحمن بن أبي بكر بالإسلام، وشرح صدره بالإيمان، قطع الطريق إلى النّبي مبايعًا. وصار بعدها مقاتلًا وراميًا في صفوف المسلمين بعد أن كان واحدًا من المشركين.

أسلم عبد الرحمن، وحسُن إسلامه، ومن علامة حسن إسلامه أنّه لم يتخلّف قطّ عن غزوة أو أمرٍ بالجهاد أو أمر من الله ورسوله. وقد أبلى في موقعة اليمامة خيرًا فقتل محكم بن الطفيل الذراع الأيمن لمسيلمة الكذّاب. ظلّ عبد الرحمن مرابطًا في صفوف المسلمين حتّى انتصر الحق على الباطل.

رفعة أخلاقه

كان عبد الرحمن ذو خلقٍ حسنٍ رفيع، وكان صاحب همّة عالية كذلك وبأس شديدين.

ولم يُعرف عنه قط الكذب على رغم أنّه كان صاحب دعابة وطرفة.

أمانته

في موت النبي، امر بإحضار عبد الرحمن وقال: ادعي لي بعبد الرحمن بن أبي بكر أكتب لأبي بكر كتابًا لا يختلف عليه أحدٍ من بعدي. ثم قال: دعيه، معاذ الله أن يختلف المؤمنون في أبي بكر.

فهذا دليل جازم على استئمان سيد الخلق بعبد الرحمن.

قوّة الشخصية والحزم

كان أهم ما يميّز هذه الشخصيّة الجسور هو قوّة شخصيته وتمسّكه بما يؤمن به، ومقته للمداهنة والنّفاق والتنازُل عن الحقّ وقول العقل.

وخير مثال على ذلك هو ما حدث حين أراد معاوية أن يأخذ البيعة لابنه يزيد قسرًا وجبرًا فبعث معاوية لمروان والي المدينة كتاب البيعة وأمره أن يتلوه على المسلمين في جامعهم، وحين فعل وفرغ. قام عبد الرحمن بن أبي بكر محتجًّا قائلًا:  والله ما الخيار أردتم لأمة محمد، ولكنكم تريدون أن تجعلوها هَرَقِليَّة، كلما مات هِرقْل قام هِرَقْل }.

وقد سانده ودعمه في قوله هذا نفر من المسلمين من بينهم عبد الله بن عمر، وعبد الله بن الزبير والحسين بن عليّ. ولكنّ كان لله مراد آخر، فقهرتهم الظّروف على التسليم بالبيعة. ولكن ظلّ هو جاهرًا برفضه لها. وحينما أراد معاوية أن يسترضيه ويُسكته بمائة ألف درهم، قذف بها عبد الرحمن وقال جملته الخالدة: ارجع إليه. قل له أن عبد الرحمن لا يبيع دينه بدنياه!. وحينما علم بقدوم معاوية للمدينة، غادرها لمكّة.

وفاته

وظلّ على رأيه هكذا حتّى توفّاه الله، فلم يكد يبلغ مكّة حتّى وافته المنية. ودُفِن فيها.