الطفولة هي تلك المرحلة العمرية التي تملؤها البراءة، والحب العفوي الذي لا يريد من وراءه منفعة أو مكسب، هي تلك الأيام التي علت فيها الضحكات وارتسمت على الشفاه البسمات، أيام النزق ومطاردة الفراش في الحقول، واللهو مع الأصدقاء في الحارات والشوارع القريبة من البيوت، الطفولة هي الأيام التي لا تعرف الحقد ولا البغضاء.

هي المتعة في اللعب مع الأصدقاء، هي الحياة بدون أعباء، الطفولة هي أجمل مراحل العمر الذي ولي ونتمنى عودته، هي الصدق النابع من الأعماق، هي نقاء السريرة بلا أهواء، هي التعبير عما يجيش في القلب بكل صفاء، هي السعادة التي نفتقدها ونحن كبار، هي المشاعر النبيلة عندما كنا صغار.

الشعوب المتحضرة تدرك أهمية الطفولة

تعد مرحلة الطفولة أهم مرحلة في حياة الإنسان، لذلك تهتم الدول المتقدمة بها بالغ الاهتمام، لأن أطفال اليوم هم رجال ونساء المستقبل، هم الذين سيقع على عاتقهم مهمة تحقيق أحلام الكبار في المستقبل الذي سيعيشونه، لقد وعت الأمم والشعوب المتحضرة أهمية وقيمة الطفولة، فكفلت للطفل حقوقه الكاملة بداية منذ ولادته ، وحتي يترك تلك المرحلة ويدخل مرحلة عمرية جديدة، وذلك من خلال منحه حقوقه التي تنص عليها المواثيق والاتفاقيات الدولية.

نظرة المواثيق الدولية للطفل

لقد نظرت هذه المواثيق إلى الطفل باعتباره فرداً مستقلاً ينتمي إلى أسرة ومجتمع يتمتع بحقوق وعليه واجبات تتلاءم مع سنه وطبيعة نموه وقدراته البدنية، و شددت الاتفاقيات الدولية على أهمية تعزيز الاعتراف بالكرامة الإنسانية الأساسية لجميع الأطفال، وضرورة ضمان رفاهيتهم، والتمتع بنوعية جيدة من العيش كحق وليس منحة أو تفضلا من المجتمع عليهم.

ويعكس التصديق الدولي على هذه المواثيق والاتفاقيات التزاماً عالمياً بمبادئ حقوق الطفل، وتنفيذ هذه الالتزامات في أفعال، ولا تقتصر هذه المهمة على الدول والحكومات فقط، بل يجب أن يقوم بها جميع أفراد المجتمع، بداية من الأسر والمدرسة، وكل المؤسسات التي تقدم الخدمات للأطفال.

الانتقال إلى مرحلة جديدة

تمتد مرحلة الطفولة منذ الولادة وحتى البلوغ، وهي المرحلة التي تجمع جميع الأفراد الذين تقع أعمارهم بين أول يوم في ميلادهم حتى سن الثامنة عشر.

في هذه المرحلة يبدأ تطور الإنسان، ويتم صقل شخصيته، فيدخل مرحلة جديدة وهو محمل بحمولة من القيم والأفكار والمبادئ التي عمل المجتمع ومؤسساته على غرسها فيه، ليسلمها بعد أن يكبر ويصير أبا أو أما، إلى جيل آخر، وهكذا في عملية مستمرة يتم من خلالها الحفاظ على الإرث الثقافي والفكري ومنظومة القيم الأخلاقية والاجتماعية لأى وطن ينتمي إليه الطفل.

مسؤوليات الوالدين نحو الأطفال

يجب على الآباء والأمهات أن يوفروا كافة الحقوق التي يجب أن يتمتع بها الطفل، فمن حق الطفل أن يملك اسما جميلا، كما أن له الحق في العلاج وتوفير رعاية صحية، وللطفل الحق في التغذية السليمة التي يتوافر فيها الطعام والشراب المناسبين لنموه وعمره، وعلي المجتمع أن يوفر لكل طفل في هذه المرحلة التمتع بالحق في التعليم، والرعاية الثقافية والتنشئة السليمة.

الثمن الباهظ نتيجة عدم رعاية الأطفال

ولأن الطفولة هي اللبنة الأساسية لتكوين شخصية الطفل، ولأنها تعد أكثر المراحل تأثيرًا في مستقبل حياة الفرد ، يجب أن يحظي الأطفال بالحب والحنان والاهتمام، حتي تكون شخصياتهم سوية، ليس بها تشوش أو خلل أو اضطراب نفسي.

وإذا ما قصر مجتمع ما في الاهتمام ورعاية الأطفال، فسيدفع ثمنا باهظا نتيجة تقاعسه عن رعاية أطفاله، حيث أظهرت الأبحاث الاجتماعية أن تجارب الأطفال في بدايات حيواتهم لها تأثير مباشر على نموهم، وتحديد حجم عطائهم للمجتمع أو منعهم العطاء للمجتمع طوال مراحل حياتهم، حيث يمكن تحول شخصياتهم إلى شخصيات أنانية ولا تهتم سوي بفرديتها، ولا تؤمن بالمجتمع ككل.