هو زيد بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزّى بن رياح القرشيّ العدويّ، أخو عمر بن الخطّاب رضي الله عنهما. وكان أسنّ من عمر بن الخطّاب، وأسلمَ قبله. وقيل في وصفه أنه كان أسمر البشرة شديد الطّول، آخى النّبيّ بينه وبين معن بن عديّ العجلانيّ. شهِد غزوات عدّة مع الرّسول منها بدر.

حدّث عنه عبد الله بن عمر ابن اخيه أمر النّهي عن قتل عوامر البيوت، كما روى عنه ابنه عبد الرّحمن بن زيد حديثين عن النّبي عليه السّلام.

إسلامه وجهاده في سبيل الله

كان من أوّل المسلمين المهاجرين الأوّلين. وكان قد شهد المشاهد كلها مع النّبي كبدر وأحد والخندق والحديبيّة. وكان سيدنا زيد بن الخطاب راغبًا في الشّهادة في سبيل الله؛ ففي غزوة أُحد لما أراد سيدنا عمر بن الخطاب أن يعطيه درعه، أبى سيدنا زيد قائلاً له: إني أريد الشهادة كما تريدها يا عمر..

وآخر ما شهدها كانت معركة اليمامة التي استشهد فيها وكان في صفوف المسلمين حاملًا رايتهم معه لذلك كان رجال المشركين يستهدفونه ويباغتونه ليوقعوا بالرّاية فتنهزم نفوس المسلمين قبل الهزيمة الفعليّة. غير أنّ زيد بن الخطّاب لم يكن كأيّ مقاتل آخر، فراح يستبسل ويستميت في القتال والرّد والاستمساك بالرّاية حتّى لفظ آخر أنفاسه مجاهدًا في سبيل الله..وما سقطت راية المسلمين إلّا بموته. حتى التقطها بعده سالم مولى أبي حُذيفة.

وكان زيد بن الخطّاب طيلة المعركة يصيح في صفوف المسلمين لشحذ هممهم أن: يا أيّها النّاس..عضّوا على أضراسكم، واضربوا عدوّكم، وامضوا قِدمًا..والله لا أتكلّم حتّى يهزمهم الله..أو ألقى الله فأكلّمه بحجّتي..”

وكان قد أصاب جيش المرتدّين في مقتلة حين قتل المرتدّ بن عنفوة الذي كان على مجنبة جيش مُسيلمة الكذّاب، وكان بن عنفوة قد ارتدّ بعد إسلامه وقد أوفده النّبي إلى مسيلمة وقومه ليدعوه للإسلام ويكشف لمسيلمة كذِب دعواه وإدّعائه، إلا أنّ بن عنفوة قد شهِد وسلّم بنبوّة مسيلمة. حيث سار في النّاس بعد وفاة الرّسول يقول كاذبًا عليه: أنّه سمع النّبي يقول أنّه أشرك مُسيلمة في الأمر ..أي في النّبوّة..

وقد كان النّبي قد أطرق يومًا بين أصحابه وقال لمن حوله:” إنّ فيكم لرجلًا ضرسه في النّار أعظم من جبل أُحد”. وقد ختمَ الله لكل من شهد هذا المشهد مع النّبي بحُسن الختّام وتبقّى الرّجال بن عنفوة وأبو هريرة الذي كان هذا القول يثير ذعره ولم يهدأ إلّا بعد أن مال الرّجال إلى مسيلمة وشهِد له بنبوّته الكاذبة فعرِف أنّه هو المقصود.

وكان بن عنفوة قد بايع النّبي يومًا، ولمّا اسلم عاد لقومه ولم يعد للمدينة سوى بعد وفاة النّبي وقد تولّى أمرهم أبو بكر فنقل له أخبار اليمامة وتأييدهم لمسيلمة، فأشار عليه أن يعيّنه مبعوثًا له يثبّتهم على الإسلام، فسمح له أبو بكر.

فلما ورد اليمامة، ورأى كثرتهم وعظمة عدّتهم. حدّثته نفسه أن يكون في صفوف الذين رأى أن دولتهم غالبة، فانضمّ لمسيلمة..وبهذا كانت فتنته أشدّ فتكًا من فتنة مسيلمة الكذّاب. ولذلك كان قتله انتصارًا وثأرًا لجيوش المسلمين.

استشهاد زيد بن الخطّاب

استشهد زيد بن الخطّاب في هذه المعركة “معركة اليمامة” في ربيع الأوّل عام 12 هجريًّا بعد أن عاش عمرًا طويلًا مجاهدًا في سبيل الله. فلمّا بلغ لأخيه عمر بن الخطّاب  استشهاد زيد أخيه حزِن عليه حزنًا جمًّا و قال: رحِم الله أخي زيد، سبقني إلى الحُسنيين..أسلَم قبلي، واستُشهِد قبلي. وكان يقول: ما هبّت الصّبا إلّا وأجدُ من ريحَ زيد.