انتهت العطلة، وبدأ الاستعداد لدخول عام مدرسي جديد . ألوان الحقائب و الأدوات المدرسية تعيدني إلى المقاعد المدرسية ، إلى الزمن البريء ‏. ورغم أن ذكرياتي المدرسية قليلة ، إلا أنني أذكر تماما أيامي الأولى بالمدرسة  ، بعد أن قرر والداي العودة للاستقرار بصفة نهائية في مكان ما . أذكر ذلك الصباح حين أيقظتني والدتي مذكرة إياي بأنه يومي الأول بالمدرسة . مشطت شعري، رتبت غرفتي وضفائري . وما إن وقفت الحافلة المدرسية بالباب حتى انطلق جرس الإنذار بداخلي وانخرطت بالبكاء صارخة : حتى تعود بي أمي للمنزل ولكن أمي دفعتني دفعا إلى الباص وأنا أواصل الصراخ ، لم أعلم يومها أنها خطوة متناهية الصغر في مشوار دراسي طويل .

أصدقائي شاركوني قصصهم الطريفة في أول يوم دراسي

مجموعة من أصدقائي شاركوني قصصهم الطريفة عن أيامهم الأولى بالمدرسة الابتدائية . أحدهم بعد أن حصل على معدل 10/10 بأحد رسوماته رفض الرجوع للمدرسة معلنا أنه نجح و لا داعي للعودة من جديد للمدرسة . رافقه والده إلى المدرسة في اليوم الموالي مرغما إياه على الدخول ، لكنه فر من بين يديه وانطلقت مطاردة هوليودية تحث أنظار و تشجيعات باقي التلاميذ ، لتنتهي المطاردة بصفعة ساخنة على خذه ، وظلت يد والده مرسومة على خذه طوال الحصة . بعد سنوات عدة سيتذكر هو ووالده الواقعة ، ليطلعه والده على أنه هو أيضا تعرض للصفع من طرف والده في ظروف مماثلة ، هي إذا صفعة متوارثة يقول ضاحكا.

تفاصيل منسبة في اول يوم دراسي

صديق ٱخر يقول أنه لا يذكر تفاصيل يومه المدرسي الأول ، لكنه يذكر جملته التي يكرر مع كل دخول مدرسي . فأمام اللائحة الطويلة للكتب والدفاتر و الأدوات المدرسية المطلوبة ،ي أبى أن يحرج والده فهو يعرف ضيق اليد وعسر الحال . وكلما سأله أستاذه عن سبب نقص كتبه و أدواته ، يتطلع إليه ويجيبه بهدوء بعبارة يرددها إلى أن ينتصف العام الدراسي . هو يعتز بكونه كان قائد سرب المشاغبين بالمدرسة ، ورغم كل الضرب الذي كان يتعرض له من طرف أساتذته يرفض الانصياع لهم ، ويمنعه كبرياءه من أن تدمع عيناه ، فيرسم ابتسامة نصر على وجهه وهو متجه إلى طاولته محييا زملاءه . وما إن يجلس بطاولته حتى يسارع إلى قطعة حديدية بمنتصف الطاولة يمرر عليها يديه علها تهدئ آلام الضرب .

ذكريات بعض المعلمين عن اليوم الاول للدراسة

أستاذة تعليم ابتدائي تقول لي أنها تفضل دوما تدريس تلامذة السنة الأولى كونهم مادة خام يسهل صقلها . هي منضبطة جدا ، وتنقل هذا الانضباط إلى تلامذتها من خلال إلزامهم بالحضور مبكرا إلى الفصل الدراسي ، حيث تعمد إلى إقفال باب الفصل مع الثامنة صباحاً . تحكي أن أحدهم تأخر عن الحصة ، فتح الباب ودخل بسرعة إلى الفصل ، طلبت منه العودة من جديد وطرق الباب ، وهو ما امتثل له . سألته عن سبب تأخره ، فأجاب ببراءة أنه بلل فراشه ، وأن والدته أخذت الوقت الكافي لتضربه وهو ما أخره . زميل آخر له تأخر ، سألته التبرير فأجاب :”معلمتي الطعام كان ساخناً ” وهو ما استلزمه الانتظار حتى يبرد . لكل منا قصة أو قصص مدرسية عالقة بالبال ، قصص رسمت ملامحا من شخصيته ، وشكلت بعضا من مشواره . هي سنوات نظنها مرت بسرعة ، ووحدهم الآباء أحسوا بكل ثقلها .