نواعير حماه، مدينة حماه السورية تشتهر بوجود سبعة عشر ناعورة تقع على نهر العاص وتعد من أثار هذه المدينة القديمة، ويرى البعض أن النواعير يعود تاريخها إلى عهد الدولة البيزنطية، ويرى البعض الأخر أنها تعود لأبعد من ذلك، فما هي النواعير وما هو تاريخها ووصفها وأهميتها؟، كل هذا سنتعرف عليه في السطور القليلة التالية.

ما هي نواعير حماه

النواعير هي نوع من الآلات المائية الخشبية وتعمل بقوة الماء، وتوجد على شواطئ نهر العاص بمدينة حماه، وترجع كلمة ناعورة من الفعل نعر ومعناه حدوث الصوت الذي فيه نعر، والمعنى الصوت الذي يصدر من أقصى الأنف، ويتم نقل الماء من النهر بواسطة الصناديق التي تغطس إلى الماء منقلبة وفارغة وترتفع ملآنة بالماء، وتصب هذا الماء بحوض علوي ومنه يجري في قنوات محمولة على قناطير ليسقي البساتين والأراضي الزراعية.

ومع بداية القرن العشرين كان عدد نواعير حماه والأراضي المجاورة 105 ناعورة، منها 25 بداخل حماه ولكن تبدل الحال فلم يتبقى منها سوى 40 ناعورة في حالة العمل ومنها 19 بداخل حماه، وموجودة في خمسة مجموعات ( مجموعة البشريات ومجموعة الجسريات ومجموعة الكيلانيات ومجموعة شمال القلعة ومجموعة باب النهر)، ولا تزال النواعير تعمل بحالة جيدة بالرغم من عدم استخدام المياه ولكنها من المعالم السياحية التي تجذب السياح لسوريا من كافة أنحاء العالم.

أهمية نواعير حماه

تعود نواعير حماه الموجودة بمدينة حماه أو كما يعرف اسمها قديماً ( أبي الفداء) لعهد الآراميين، وتوجد العديد من الآثار السورية الدالة على استخدام ووجود النواعير، كما هو الحال في لوحة الفسيفساء والتي تعود لعام 420م والتي تم اكتشافها في شارع الأعمدة بمدينة أفاميا الأثرية والتي تبعد نحو 55 كم شمال مدينة حماه، وهذه اللوحة تمثل صورة مماثلة للناعورة وتوجد حالياً بمتحف دمشق الوطني، كما تدل الآثار الموجودة بالقرب من قلعة شيزر على النواعير.

النواعير تحمل الماء إلى مستوى أعلى من مستوى النهر لتسهيل وصوله على الناس والاستفادة منه، ونظراً لانخفاض مجرى نهر العاص بمدينة حماه انخفاضاً يصل لنحو 70 متر عن مستوى الحوض الذي ينساب فيه، كانت أهمية النواعير والتي تدور دورة كاملة كل 20 ثانية وتعطي خلال هذه المدة البسيطة 2400 لتر من المياه، وبهذا تعد من الآلات المتفوقة على العديد من الآلات التي تعمل بالجهد البشري والحيواني والتي تعمل بالنفط والكهرباء.

أهمية النواعير على المستوى السياحي

لعبت النواعير الدور الأكبر في المجال الزراعي مما أنعش الاقتصاد السوري قديماً، ولكن اليوم ومع استخدام وسائل الري واستخدام مضخات الماء الكهربائي قلت أهمية النواعير بمجال الزراعة، ولكن الأهمية السياحية منذ وجدت النواعير وإلى يومناً هذا لم تتناقص، فهناك العديد من الأفواج يقصدون الدولة السورية من أجل زيارة هذا المعلم السياحي والاستمتاع بدورانها ودراسته، بل ويزيد العدد يوماً بعد يوم بل ومن العجيب كتابة الكتب باللغة الفرنسية واللغة الإنجليزية عنها لأنها من ملهمات الفنانين من شعراء وكتاب منذ عصر طويل.

ابن جبير عن مدينة حماه وما بها من نواعير (هي مدينة شهيرة في البلدان قديمة الصحبة للزمان حتى إذا جست خلالها ونفرت ظلالها أبصرت بشرقيها نهراً كبيراً تتسع في تدفقه أساليبه وتتناظر في شطه دواليبه وقد انتظمت طرفيه بساتين تتهدل أغصانها عليه).