أن تكن فردًا إيجابيًا في الحياة فهى نعمة كبيرة وهى صفة يحثنا ديننًا عليها دائمًا، فدائمًا ما يدعونا لأن نكون أناس إيجابيين ومؤثرين في مجتمعاتنا وحياتنا وحياة من حولنا، فدائمًا هذا النوع من الأشخاص هم أفراد متفائلون وأقوياء، وعلى العكس من ذلك نجد الأشخاص الذين يصابون بالإحباط ويستسلمون للفشل أو الهزيمة مما يشير إلى مدى الضعف في شخصياتهم وعدم قدرتهم على مواجهة الحياة وخطوبها، لذا يجب دائمًا أن تكون شخصًا مبادرًا حيويًا مقبلًا على الحياة.

معنى المبادرة

يقصد بالمبادرة لغويًا المسارعة أو الإسراع حيث أنها مشتقة من كلمة بدر والتي تعني أسرع أو عاجل إلى الشئ أو استبق إليه.

من الناحية الاصطلاحية تم تعريف المبادرة بأكثر من تعريف كان منها ما يتسق بشكل كبير مع معناها اللغوي إذ عرفت بأنها الإسراع إلى شئ بهدف التغيير فيه بشكل مفيد سواء كان هذا الشيء فكرة أو عمل أو أي شيء.

كذلك يمكن تعريف المبادرة بأنها (فكرة وخطة عمل تطرح لمعالجة قضايا المجتمع وتتحول إلى مشاريع تنموية قصيرة المدى وبعيدة المدى، وتصدر عادة عن المؤسسات الحكومية وشبه الحكومية والجمعيات الخيرية والتطوعية، تأخذ طريقا فرعيا عن الأهداف الرئيسية للمؤسسة أو الجمعية، فتحقق أهدافها الفرعية بشكل مستقل).

التغيير الذي تسعى المبادرة إلى إحداثه يمكن أن يكون صغيرًا أو كبيرًا ويعني بأن صاحب المبادرة أدرك أو لاحظ وجود نقص أو عيب أو خطر ما في الشئ الذي يبادر بالتغيير فيه.

أهمية المبادرة

النهضة فالمبادرات من العوامل المساعدة في نهضة الأمم وذلك بسبب طبيعة المبادرات التي تعمل على تعديل وسد النواقص في مختلف النواحي مما يعمل على تطور ونهضة المجتمعات والأمم.

زيادة الوعي والثقافة وبخاصة لمن يقوم بإطلاق المبادرة حيث يحتاج إطلاق المبادرة إلى الإلمام الكافي بجوانب الموضوع مما يتطلب التعلم والبحث في الموضوع المطلوب.

التنمية والتطوير فبالمبادرات يتم دفع الأمور للأمام وللتطوير في مجال العلوم والمبادئ والأفكار.

إظهار القدوة التي تتمثل في أصحاب المبادرات والقائمين عليها ولعل من أبرز القدوات الرسل والأنبياء حيث قال فيهم رب العزة ” إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ” ( الأنبياء / من الآية 90 ).

المبادرة واحدة من صفات العبد المؤمن إذ قال رب العزة جل وعلى ” إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ . وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ . وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لا يُشْرِكُونَ . أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ” (المؤمنون / من الآية 61 إلى الآية 75 ).

القضاء على أوقات الفراغ فبوجود المبادرات توجد المساعي والعمل على تنفيذها وتحقيقها مما يشغل أوقات الفراغ.

زيادة إنتاجية المجتمعات حيث أن المجتمعات التي تتمتع بنسب مبادرة عالية يزيد فيها لعمل وبالتالي تزيد فيها الإنتاجية.

زيادة الإبداع والتفكير الإبداعي.

المبادرة في حياة المسلم هى تنفيذ لأمر الله ونبيه الكريم صل الله عليه وسلم حيث قال عليه أفضل الصلاة والتسليم ” بادروا بالأعمال”، وفي كتاب الله دائمًا ما يدعو إلى الإسراع والإقدام فنجدها في قوله تعالى ” سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ” ( الحديد / آية 21 )، وقوله تعالى ” وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ” ( آل عمران / آية 133 ).

صفات الشخص المبادر

الأشخاص المبادرين عادة ما يتمتعون ببعض الصفات المميزة التي تجعل منهم أشخاص متميزون تتمثل في:

الذكاء العاطفي حيث يمتلك هؤلاء الأشخاص القدرة على التحكم في المشاعر العواطف وتوجيهها نحو الاتجاه المطلوب.

العقل العلمي السليم حيث يتمتع بعقل يعتمد على الحقائق وبعيد تمامًا عن الخرافات، كما يتمتع بالانضباط الفكري ويبتعد عن الشذوذ أو الانحرافات الفكرية مما يساعد على أن يواجه هذا النوع من الاشخاص المشكلات بشكل منطقي يعتمد على التحليل للوصول إلى الحلول.

التفاؤل والإيجابية والتي تكون العامل المساعد الأكبر على الإلهام والتفكير بشكل أفضل والقدرة على تحدي أي عوائق أو صعوبات.

الثقة بالنفس والتي تمثل واحدة من أهم صفات الشخصية المبادرة دون الوصول حد الغرور.

مجالات المبادرة

المبادرة يمكن أن تكون في أي مجال سواء مجال مادي ملموس مثل الاختراعات أو غير ملموس مثل الأفكار والمبادئ والمبادرات المجتمعية ومن أمثلة المبادرات الشهيرة نجد:

مبادرة السلام العربية وكان القائم عليها سمو خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز، والتي كانت تهدف إلى إقامة دولة فلسطينية ليعترف بها العالم أجمع.

.المبادرة الوطنية للتنمية البشرية وهى مبادرة تسعى لتحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية لسكان المغرب.

مبادرة الدفاع الاستراتيجي والتي عرفت بحرب النجوم.

مبادرة أفريقيا الإلكترونية.

المبادرة الشاملة للنظم المعنية بالملاريا والزراعة.

الاختراعات والابتكارات الجيدة كلها تندرج تحت بند المبادرات.

المبادرة ليست فقط تلك المشاريع البراقة التي تعتمد على الحكومات والجمعيات وإنما يمكن أن تكون في بعض الأفعال الصغيرة والسلوكيات العامة، مثل المبادرة بإخراج الصدقات ومساعدة الغير والمبادرة في عمل ما يرضي الله وقال فيها النبي صل الله عليه وسلم ” بادروا بالأعمال الصالحة فماذا ينتظر أحدكم من الدنيا، هل تنتظرون إلا فقرًا منسيًا؟ أو غِنًى مُطغيًا؟ أو مرضًا مفسدًا؟”.

ليست كل المبادرات إيجابية فهناك مبادرات إيجابية مفيدة مثل تلك المبادرات التي تحدثنا عنها سابقَا وهناك مبادرات سلبية هدامة مثل الاختراعات والابتكارات التي ساعدت في التدمير والقتل كاختراع القنابل بمختلف أشكالها والبارود ونشر الأفكار الهدامة التي تدعو للانهزامية والفساد الأخلاقي.