الصبر من الفضائل التي حثنا عليها ديننا الحنيف ودعا لها، فقد قال تعالى ” فَصَبْرٌ جَمِيلٌ ” صدق الله العظيم، والمقصود في الأية الكريمة الصبر الذي لا يصاحبه أي شكوى، كما وعد الله عز وجل المؤمنين الصابرين على البلاء بالجنة وبالأجر العظيم، فقد قال تعالى : ” إِنِّمَا يٌوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَاب ” صدق الله العظيم.

جزاء الصابرين

تمحى سيئاتهم

روي عن سيدنا محمد صلّى الله عليه وسلّم: ” ما يُصيبُ المؤمنَ من وَصَبٍ، ولا نَصَبٍ، ولا سَقَمٍ، ولا حَزنٍ، حتَّى الهمَّ يُهمُّه، إلَّا كفَّر به من سيِّئاتِه ” صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، والحديث الشريف يعني بأن الشخص لذي يصبر على ما يمر به من أحزان ومن هم ومشاكل، فسوف تمحى سيئاته ويكتب مكانها حسنات، وبالتلي فالشخص الذي يحبه الله يجعله يمر ببعض الإختبارات حتى إذا كان هذا الشخص من الصابرين فسوف تكفر سيئاته وتزداد حسناته.

يرفع مكانة المؤمن

وروي عن سعد بن أبي وقّاص -رضي الله عنه- أنه قال قلتُ: ” يا رسولَ اللهِ أيُّ النَّاسِ أشدُّ بلاءً؟ قالَ: الأَنبياءُ، ثمَّ الأَمثلُ فالأَمثلُ؛ يُبتلَى الرَّجلُ علَى حسَبِ دينِهِ، فإن كانَ في دينِهِ صلباً اشتدَّ بلاؤُهُ، وإن كانَ في دينِهِ رقَّةٌ ابتُلِيَ علَى قدرِ دينِهِ، فما يبرحُ البلاءُ بالعبدِ حتَّى يترُكَهُ يمشي علَى الأرضِ، وما علَيهِ خطيئةٌ ” صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.

الشخص الصابر على البلاء كما سبق وذكرنا تخفف من هذنوب وتزيد حسناته، وعندما يحب الله عبده ولكن هذا العبد لا يفعل ما يكفي من الأعمال الصالحة حتى يبلغ المكانة الرفيعة التي قدرها الله له، فسوف يبتليه الله على قدر إيمانه، حتى يصبر على ما يمر به، فيصل لمنزلة ودرجة عظيمة لا ينالها إلا الصابرين.

إشارة على رضى الله

رُوِي أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: ” من يُرِدِ اللهُ بِه خيراً يُصِبْ مِنهُ ” صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومعنى يصب منه في الحديث الشريف أي يصيبه الله بالمرض والإبتلاءات، فإذا صبر دون أي شكوى كان له بصبره هذا أجر عظيم، وتزداد حسناته وتحط عنه سيئاته، وكلما زادت حسناته كلما أصبح أكثر قربا من الله.

فكلما تم إبتلاء المؤمن كلما حطت عنه سيئاته، فعندما يلقى ربه يكون بلا سيئات ، فقد قال صلى الله عليه وسلم ” ما يزالُ البلاءُ بالمؤمنِ والمؤمنةِ في نفسِه، وولدِه، ومالِه حتَّى يلقَى اللهَ تعالَى وما عليه خطيئةٌ ” صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.

دليل على صدق الإيمان

فقد قال الرسول عليه الصلاة والسلام ” عَجَباً لِأَمْرِ المؤمنِ؛ إنَّ أمرَهُ كلَّه له خيرٌ، وليس ذلك لأحَدٍ إلَّا للمؤمنِ؛ إنْ أصابَتْه سرَّاءُ شَكَرَ فكان خيرًا له، وإن أصابَتْه ضَرَّاءُ صَبَرَ فكان خيراً له ” صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، صبر المؤمن على ما يصيبه دليل وإشارة بأن هذا الشخص ذو إيمان قوي وعقيدة صادقة، فهو يصبر ويحتسب أجره عند الله لأنه على يقين تام بأن كل ما يصيبه من عند الله وبأمر الله، وبالتالي فهو يؤمن بالقضاء والقدر، وهو ركن أساسي من أركان العقيدة الإسلامية.

أفضل ما يعطى للمؤمن

فقد رُوِي أنّ أبا سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: (إنّ ناساً من الأنصارِ سألوا رسول الله -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- فأعْطَاهم، ثُمّ سألُوهُ فأعْطاهم حتّى نَفِدَ ما عندهُ، فقال صلى الله عليه وسلم : ” ما يكون عِندَي من خيرٍ فلن أدَّخِرَهُ عنكم، ومن يستعْفِفْ يُعِفَّهُ اللهُ، ومَن يَستَغنِ يُغنِهِ اللهُ، ومَن يتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللهُ، وما أُعْطِيَ أحدٌ عطاءً خيراً وأوسعَ مِنَ الصَّبرِ” صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.

الصابر في معية الله

قال تعالى ” فاصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا ” صدق الله العظيم، وهذه الأية موجهة لسيدنا محمد عليه الصلاة والسلام حيث كان الله سبحانه وتعالى ويواسيه على ما يفعله الكافرون محاولون أذية الرسول عليه الصلاة والسلام، ولكن بالطبع لن يستطيعوا أن ينالوه بالأذى وهو في معية الله.

آيات قرأنية عن الصبر

– قال تعالى ” وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ  ” صدق الله العظيم، سورة البقرة الأية 45.
– قال تعالى ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ” صدق الله العظيم، سورة البقرة الأية 153.

– قال تعالى ” بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ ” صدق الله العظيم ، سورة آل عمران: 125.

– قال تعالى ” أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ ” صدق الله العظيم، سورة آل عمران: 142.

– قال تعالى ” وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ ” صدق الله العظيم، آل عمران: 146.