كنعان ايفرين Kenan Evren ، هو رئيس تركيا السابق وكان منفذ الانقلاب العسكري الدامي في عام 1980 ، ولد بتاريخ 17/7/1917 وتوفي بتاريخ 10/5/2015 في مستشفى غاتا العسكري في أنقرة بعد تدهور حالته الصحية ، فمن هو كنعان ايفرين ؟ وما قصة انقلابه العسكري الذي بدا بثورة دامية وانتهى بأحكام الإعدام والسجن المؤبد ؟ هذا ما سنتناوله في مقالنا .

نشأته وبداية حياته العملية :
ولد أحمد كنعان اورن في محافظة مانيسا بتركيا ، وقد تعلم في مانيسا وباليكسير وإسطنبول ، وبعد تخرجه من الثانوية العامة التحق بكلية أنقرة الحربية وتخرج منها في عام 1938 ، ثم التحق بعد ذلك بالأكاديمية العسكرية وتخرج منها كضابط في عام 1949 ، وبعد تخرجه من الأكاديمية العسكرية عملي في الجيش التركي ليشغل منصب آمر كتيبة مقاومة للطائرات في الفترة من عام 1940 إلى عام 1946 ، ثم أصبح آمر بطارية مدفعية في الفترة من عام 1947 إلى عام 1957 ، وبعد ذلك حصل على منصب رئيس العمليات العسكرية ومعلم في كلية الأركان العسكرية في الفترة من عام 1957 إلى عام 1958 ، وفي نفس العام أصبح رئيسا للعمليات وضابطا للتدريب في الفرقة العسكرية التركية في كوريا إلى عام 1959 ، وفي عام 1961 أصبح آمر فوج ورئيسا للأركان العسكرية إلى عام 1970 ، أما في الفترة ما بين عام 1973 وعام 1975 ، شغل منصب قائد فيلق ورئيس هيئة الـ TLFC للتفتيش ، وشغل منصب نائب رئيس الأركان العام سنة 1976 إلى سنة 1977 ، وشغل بعد ذلك منصب آمر للقوات البحرية في نفس العام إلى 1978 ، ترقى في منصبه ليصبح رئيسا للأركان العام في الفترة ما بين عام 1976 إلى عام 1983 .

الانقلاب العسكري :
في عام 1980 قاد كنعان ايفرين مجموعة من الضباط لشن انقلاب عسكري في البلاد ، حيث كانت أهداف ومبادئ الانقلاب هو الحفاظ على المبادئ الأساسية التي وضعها أتاتورك لتركيا ، وكان المبدأ الرئيسي من هذه المبادئ هو مبدأ الفكر الكمالي ، حيث كان يعتقد كنعان ومن معه بأن أسباب سقوط الدولة العثمانية عسكريا هو ارتباطها بالفكر العربي والإسلامي ، ولذلك كان يخشون من صعود التيار الإسلامي في الحكم مرة أخرى بالانتخابات التركية ، وقيل بأن الولايات المتحدة الأمريكية كان لها يد في دعم هذا الانقلاب خاصة بعد أن فقدت الحليف الرئيسي لها بعد قيام الثورة الإيرانية في عام 1979 ، وحتى ينجح هذا الانقلاب كان يدر على تركيا الكثير من المساعدات الاقتصادية من قبل منظمة التعاون والتنمية ، وكان حلف شمال الأطلسي يدعم الانقلاب بالمعونات العسكرية ، وقد أصدر كنعان ايفرين بيانه العسكري الأول الذي وضح به أسباب الانقلاب وأهدافه ، وصرح بأنه يجب التمسك بمبادئ أتاتورك كما دعى إلى شن هجمات ضد ما سماه بالإرهاب الشيوعي والفاشي والتزمت الديني وذلك بهدف وحدة البلاد وحقوق الشعب وحرياته ، وفي اليوم التالي للانقلاب صدر البيان الثاني الذي يفيد بحل الحكومة التي كان يرأسها سليمان ديميريل والمجلس الوطني التركي الكبير ، وتم رفع الحصانة عن جميع أعضاء البرلمان ، وتضمن البيان الثالث اعتقال زعماء الأحزاب السياسية على رأسهم بولنت أجاويد وسليمان ديميريل ونجم الدين اربكان والب أرسلان توزكيش وعددا من أعضاء البرلمان ، ثم شكل كنعان ايرين مجلس الأمن القومي NSC الذي ترأسه كنعان وقام بتسيير شئون البلاد إلى حين إجراء الانتخابات في عام 1983 .

وفي عام 1982 أجريت الانتخابات الرئاسية وحصل كنعان ايفرين على نسبة 90% من أصوات الناخبين وأصبح رئيسا للجمهورية التركية ، وبعد توليه الرئاسة قام بتعديل الدستور وأدخل المادة 15 التي تمنح الحصانة لرئيس الجمهورية والقادة العسكريين ، وبالتالي يمنع محاكمتهم ومحاسبتهم .

واستمر حكم كنعان ايفرين ثلاثين عاما منذ بدء الانقلاب ، وشهدت البلاد خلالها الكثير من الأحكام الدامية ، فاعتقل 650.000 شخص ، وحاكم 230.000 شخص ، وأعدم 517 شخص ، و توفي حوالي 299 شخص جراء التعذيب في سجون المعتقلات ، كما انتحر حوالي 43 شخصا وقتل حوالي 16 شخص خلال هروبهم بالإضافة على الاف المفقودين ، ولم يقف عند هذا الحد فقد أقال حوالي 3654 مدرسا و 47 قاضيا و 120 أستاذا شفي الجامعات ، ونتج عن هذا القمع والأحكام العرفية هروب أكثر من ثلاثين ألف معارض ومفكر طالبين حق اللجوء السياسي خارج الجمهورية .

سقوط ايفرين ومحاكمته :
في الذكرى الثلاثين للانقلاب ، تم التصويت على إصلاحات للدستور خلال حكم ايفرين ، وكان من أهم هذه الإصلاحات إلغاء حصانة رئيس الجمهورية والمسئولين العسكريين في المادة 15 من الدستور ، وفي عام 2010 حصل حزب العدالة والتنمية التركي على غالبية الأصوات في الاستفتاء ، وطالب العديد من الأتراك من تضرروا جراء الانقلاب بملاحقة المنقلبون ، وفي تلك الفترة هدد كنعان ايفرين بالانتحار إذا تم زجه في السجن .

وعندما تولى رجب طيب اردوغان رئاسة الجمهورية في عام 2012 ، شهدت تركيا أول محاكمة لقادة انقلاب عسكري في تاريخ تركيا ، وسميت بمحاكمة القرن ، وخضع قادة الانقلاب للمحاكمة العسكرية ، إلا أن بعضهم توفي قبل مثوله للمحاكمة مثل نجاة تومر قائد القوات البحرية التركية وقت الانقلاب الذي توفي في عام 2011 قبل ساعات قليلة من مثوله للتحقيق ، وأعفي قادة أخرين بسبب أوضاعهم الصحية ، أما كنعان ايفرين فقد صدر في حقه حكم السجن المؤبد في عام 2014 ، ونقل بعد ذلك إلى مستشفى عسكري لسوء حالته الصحية وتوفي اليوم 10/5/2015 لتدهور حالته حيث كان يعيش على التنفس الصناعي .