حاول الفلاسفة والمفكرون في مختلف العصور الإجابة عن سؤال مازال محيرًا للعقل البشري، وهو : ماذا يوجد وراء كوننا الذي نعيش فيه ؟ وكيف نشأ الكون ؟ ويعتقد العلماء اليوم وخاصة بعد التطور العلمي والتكنولوجي المذهل الذي تحيا البشرية نتائجه، أنهم قادرون على إعطاء تفسيرات أكثر منطقية وتوازنًا، وبعيدة عن كل الأفكار التي كانت سائدة في الماضي، والتي كانت نتيجة طبيعية لمحدودية الإمكانيات في تلك الأزمنة، إضافةً لسيادة التفسير اللاهوتي الديني الذي عمق بدوره من هذه الرؤى الغير علمية .

فرضية تعدد الأكوان
تعتبر الأكوان المتعددة فرضية قد تكون علمية أو لا لكنها مازالت فرضية في علم الكونيات والفيزياء والفلك والفلسفة واللاهوت والخيال العلمي، وهي عبارة عن مجموعة افتراضية متكونة من عدة أكوان من ضمنه كوننا، وتشكل جميعها الوجود كله .

نشأت الفكرة نتيجة لنظريات علمية استنتجت وجود أكوان غير الكون الوحيد الذي نعيش فيه واحد، وتعمقت الفكرة بصورة أكبر نتيجة لمحاولات تفسير الرياضيات الأساسية في نظرية الكم بعلم الكونيات، ويطلق على هذه النظرية أيضا الأكوان المتوازية، أو العوالم البديلة، ويبحث العلماء عن إجابة ما للأسئلة التالية : ما هي بنية الأكوان المتعددة ؟، وما بداخل كل كون وما طبيعته ؟، وما العلاقة بين هذه الأكوان ؟

كيف بدأت النظرية ؟
خاطر فيزيائي شاب بمستقبلهِ المهني، وقد كان مرشحًا لنيل شهادة الدكتوراة من جامعة برنسيتون بولاية نيو جيرسي الأمريكية، بعد أن قدم نظرية عن الأكوان المتوازية، هذا الفيزيائي الشاب اسمه هيو إيفيرت، و تلخصت فكرته في أنه يوجد أكوان متوازية، شبه كوننا، وهي على علاقة بنا، ومتفرعة منا، وكوننا متفرع أيضاً من أكوان أخرى .

بدأت دراسة فيزياء الكم عام 1900 على يد العالم ماكس بلانك، ودفعت دراسات بلانك نحو بعض الاكتشافات التي تتعارض مع قوانين الفيزياء التقليدية، وبناءًا على تلك الاكتشافات تم اقتراح وجود قوانين مختلفة في هذا الكون،غير القوانين التي نعرفها، وكان إيفريت يحاول تقديم إجابة عن سؤال فيزياء الكم الأصعب، لماذا الأجسام الكمية تتصرف بشكل غير منضبط ؟

وجاء مبدأ عدم اليقين للفيزيائي فيرنر هايزنبرج، ليزيد الحيرة، وقد اقترح أنه بمجرد ملاحظة المادة الكمية، فنحن نؤثر في سلوكها، و بالتالي، لا يمكننا التأكد تمامًا من طبيعة الشئ الكمى ولا صفاتهِ المميزة، مثل السرعة والموقع .

دعم هذه الفكرة بتفسير كوبنهاجن لميكانيكا الكم، الذي طرحه الفيزيائي الدنماركى نيلز بور، وفيه أن الجسيمات الكمية لا تتواجد على حالة واحدة معينة أو على حالة أخرى، لكن في كل هذه الحالات المحتملة في نفس الوقت .

أحدث إيفريت بنظريته الأكوان المتعددة بعض الاهتمام الجدي، خاصة بعد تمكن علماء موجات الراديو الفلكي من العثور على منطقة فارغة، مساحتها تتجاوز كل المناطق الفارغة التي عثرنا عليها في السابق، هذه المنطقة الفارغة تقع على بعد حوالي 8 مليارات سنة ضوئية بعيدًا عنا، ويصل قطرها إلى ما لا يقل عن مليار سنة ضوئية .

ويعتقد مجموعة من علماء الفيزياء الأمريكان أن التفسير المناسب لهذه المناطق الفارغة أنها عبارة عن بصمة كون آخر تضغط على جدار عالمنا، أو أنها نشأت بتأثير ارتطام عالمنا بالعالم الجار له في لحظة مبكرة من نشوئه .

نظرية تعدد الأكوان في الإسلام
ينظر الفكر الإسلامي لـ نظرية تعدد الأكوان نظرة ارتياب ونفي، حيث يعتقد غالبية المفكرين الإسلاميين أن فكرة الأكوان المتعددة :

– مازالت مجرد فرضية علمية لا يمكن أن يبنى عليه أي استنتاج صحيح، كون الاستنتاجات الصحيحة تبنى على حقائق المثبتة .

– الأدلة المقدمة لمساندة هذه الفرضية أدلة يغلب عليها الرؤية الفلسفية أكثر منها فيزيائية .

– لديهم قناعة أن الذي تشكل عندما سمي بالإنفجار العظيم هو السموات والأرض، ولايمكن أن نطلق عليهم سبعة أكوان .

– يعتقد الإسلاميين أن استخدم علماء الفيزياء لهذه الفرضية لتبرير النظام داخل الكون، الذي تضبطه ثوابت، بتبرير أن هناك ملايين الأكوان تتشكل منها ما يفشل وكوننا ناجح، بمعنى أن كوننا صدفة ناجحة وسط ملايين الصدف الفاشلة .