هذا البلد الذي يعد أفقر شعوب العالم كان قادراً على أن يهزم الولايات المتحدة بدون أسلحة متطورة أو طائرات و بدون جيش قوي .. و بالرغم من أن الجيش الأمريكي كان يمتلك كل أدوات الحرب الحديثة و المتطورة إلا أنه أعلن انهزامه و أنسحب من الصومال بدون راجعة ، دعونا الآن نقص عليكم هذه القصة المثيرة جداً من البداية .

استقلال الصومال

لقد كانت الصومال تنقسم إلى ثلاث أقسام ( فرنسي ، إيطالي ، بريطاني )  و في عام (1960) أستقل الجزء الإيطالي و البريطاني و كونا و الاثنين جمهورية الصومال المتحدة ، و في عام (1977) أستقل الجزء الفرنسي و كون دولة جيبوتي ، و حدثت نزاعات كثيرة خلال هذه الفترة مثل : نزاع حدودي  بين الصومال و كينيا و كان هذا في عام (1963) قبل تكوين دولة جيبوتي حدث نزاع بين الصومال و أثيوبيا في (1964)  و أيضاً حدث أكثر من نزاع مسلح ، و كان حلم كل صومالي هو ” الصومال الكبير ” وطن واحد لكل الصوماليين .

صعود الرئيس محمد سياد بري إلى الحكم

في يوم 21  من شهر أكتوبر إلى عام (1969) تولى محمد سياد بري الحكم عن طريق انقلاب عسكري.

سقوط نظام محمد بري و أسباب السقوط

لقد كانت سياسة محمد بري في إدارة شئون البلاد سياسة شيوعية ماركسية ، و حكم البلاد بالشدة و العنف و الدكتاتورية  ، كما أنه أيضاً أستنسخ التجربة الصينية في القطاع الزراعي و البنية التحتية ، و أيضاً قام باعتماد الطريقة الجديدة في كتابة اللغة الصومالية … و هي استخدام الأحرف اللاتينية بدل العربية ، و إلقاء القبض على أعضاء الحكومة السابقة ، و حل البرلمان و المحكمة العليا ، و تعليق الدستور  ، و القضاء على الانتماء العشائري …و إحلال الولاء إلى نظامه بدل من الولاء للعشيرة لذلك عمل على حظر الأنشطة العشائرية .. و اعتقال و سجن كل شخص يعترض على هذا الأمر ، مما جعل الشعب يثور عليه ، و في السادسة و العشرون من شهر يناير … اندلعت الحرب بعد سقوط نظام محمد سياد بري  ، و حاول النظام بكل الطرق أن يعود إلى الحكم مرة أخرى و لكنه فشل ، و بعد فشل جميع الجهود إلى أقامة حكومة دستورية في البلاد أعلن الإقليم الشمالي انفصاله تحت أسم ” جمهورية أرض الصومال” و دخلت باقي  الأقاليم و المحافظات في حرب أهلية كبيرة جداً .

تدخل الولايات المتحدة الأمريكية في شئون البلاد

بقرار مجلس الأمن الدولي .. تدخلت الولايات المتحدة على أساس الإغاثة و الإنسانية و إعادة الأمان و الاستقرار إلى الصومال بعد انهيار الحكومة المركزية ، و أجتمع مجلس الأمن الوطني  في اليوم الثالث من شهر ديسمبر إلى عام (1992) و وافق على قرار رقم (794)  و الذي كان ينص على تكوين قيادة قوة حفظ سلام بقيادة الولايات المتحدة و قد سميت هذه القيادة باسم “يونيتاف h” و التي كانت تهدف إلى الإنسانية و السلام و مساعدة الصومال من الظروف المأسوية التي و صلت لها من مجاعة و مشاكل سياسية و اقتصادية .

معركة مقديشو (1993)

قام جورج بوش الأب بإرسال الجنود الأمريكيين إلى الصومال على أساس أنها مهمة إنسانية و قصيرة جداً .. و لكن في الحقيقة لم يكن الأمر كذلك و لكن كان من أجل طمع الولايات المتحدة الأمريكية أن تأخذ بناصية التجارة البترولية حيث كان هناك معلومات من بعض المصادر تقول أن في المستقبل سوف يكون هناك استكشاف بترولي و هذا الأمر مازال حتى اليوم موضع جدل ، و في بداية الأمر الصوماليين في غاية السعادة بالجنود الأمريكان بعد تقديم  المساعدات الغذائية إلى الصومال .. و لكن سرعان ما أنقلب الأمر و تحولت هذه السعادة و الحب إلى عداء و كراهية بعد أن أردك الصوماليين النوايا السيئة و الخبيثة إلى الولايات المتحدة و خاصة بعد توسع الغزو الأمريكي .. لذلك قام شعب الصومال بالمقاومة  و كان المحفز الأساسي لهم  هو محمد فارح عيديد و هو أحد زعماء الحروب في الصومال ، و حدثت اشتباكات بين الصوماليين و بين القوات الأمريكية في العاصمة الصومالية مقديشو ، و كانت القوات الأمريكية تتخذ من مطار مقديشو الدولي قاعدة لهم لإطلاق العملية العسكرية من اجل القبض على محمد فرح عيديد ، و أسفرت هذه المعركة عن قتل تسعة عشر أمريكي و أربعة و عشرون باكستاني ، و سقوط مروحيتين أمريكتين من طراز بلاك هوك .. و طارد الصوماليين القوات الأمريكية في الشوارع و تم قتلهم و سحلهم في شوارع مقديشو و في اليوم الثالث من شهر مارس إلى عام (1994) أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية انسحابها من مقديشو .

فيلم سقوط الصقر الأسود (Black Hawk Down) 

إذا كنت تريد رؤية هذه الأحداث بشكل أقرب إلى الواقع فيجب عليك مشاهدة هذا الفيلم الأمريكي الذي أنتج في سنة (2001) و الذي يتحدث عن الحرب في الصومال و عملية تحرير طاقم الطائرة التي سقطت بضربة القاذفة أر جي بي ، و الفيلم من أنتاج شركة كولومبيا بيكشر الأمريكية ، ومن أخراج ريدلى سكوت ، وبطولة جوش هارتنت .