توصّل العلماء بعد العديد من الابحاث أن الإنسان يستطيع أن يُدرك عدة أمور من حوله بدون استخدام الحواس الخمسة الخاصة به ، فهناك العديد من المنبهات التي يقوم العقل الباطن بتسجيلها و لا يدركها العقل الواعي ، و لكنها تترك أثراً كبيراً في الإنسان سواء في تفكيره أو شعوره أو سلوكه أو حالته الصحية بل قد يصل التأثير أيضاً إلى تركيبه الفيزيائي ، و قد عُرف هذا الأمر بعدة مسميات منها السبليمنال و التأثير اللاواعي و الإدراك الخفي .

تجربة العلماء في الحرب العالمية الثانية :
أجرى العلماء العديد من الدراسات حول هذه الظاهرة خلال أواخر القرن التاسع عشر ، و حاولوا دراسة ظاهرة تأثير اللاوعي على الأشخاص ، و لكن ترجع أهم الاكتشافات إلى فترة الحرب العالمية الثانية ، ففي ذلك الوقت كان الجنود يواجهون مشكلة عدم القدرة على التفرقة بين طائرات العدو و الطائرات التابعة لهم ، مما يؤدي لإطلاقهم النار على الطائرات الصديقة بدون عمد .

أراد العلماء في ذلك الوقت اجراء اختبار فقاموا بإختراع جهاز مشابه لجهاز العرض السينمائي يسمى جهاز ” تاتشيستوسكوب ” ، و قاموا باستخدامه لعرض مجموعة من صور الطائرات  بشكل سريع على الجنود ، ثم ملاحظة ردود أفعالهم ، فكانت المفاجأة أن الجنود استطاعوا تمييز الصور و معرفتها على الرغم من رؤيتهم لها بشكل خاطف .

اكتشافات التجربة :
توصل العلماء أن العقل الباطن يستطيع أن يميّز الأشياء ( صور ، أشكال ، كلمات .. ) إذا تحركت أمام العينين بشكل سريع جداً ، كما أن هذه الأشياء تؤثر في الشخص بشكل أكبر من الأشياء الطبيعية التي يدركها عقله الواعي .

بداية استغلال السبليمنال في الدعاية :
بعد التوصل لهذا الاكتشاف قرر المروج الاعلاني ” جيمس فيساري ” استغلالها لصالحه ، فقام باستخدام جهاز ” تاتشيستوسكوب ” في عرض جمل لتظهر على شاشة السينما بشكل سريع للجمهور أثناء مشاهدتهم للفيلم ، و من ضمن هذه العبارات : هل أنت عطشان ؟ اشرب كوكاكولا .

ظل ” جميس ” يراقب نتائج هذا الأمر لمدة ستة أسابيع ، فلاحظ التأثير الذي أحدثته هذه الجمل ، فقد أقبل الجمهور على شراء مشروبات الكوكاكولا بطريقة غريبة ، و من هنا بدأت الفكرة تكبر شيئاً شيئاً و بدأ بعرض تلك الفكرة على الشركات و المؤسسات التجارية الكبيرة ، و لقى هذا الاكتشاف اهتمام كبير من قِبل وسائل الاعلام .

تطور الاختراعات المتعلقة بالسبليمنال :
أخذ العلماء يبحثون أكثر في هذه الظاهرة ، و اكتشفوا أنها لا تشتمل على الأفلام السينمائية فقط ، بل إنها توجد في العديد من الأشياء مثل : الصور ، الإعلانات المطبوعة ، و الموسيقى .

في عام 1979 قام أحد العلماء بابتكار جهاز يمنع السرقة في المتاجر و ذلك من خلال إصدار الموسيقى التي تحمل رسائل خفية تدفع الزبائن لعدم السرقة و ساعد هذا الجهاز على تقليل معدل السرقة بشكل كبير في هذه المتاجر .

الدراسات النفسية حول ظاهرة السبليمنال :
توصل علماء النفس بعد العديد من الدراسات أن تأثير عرض الرسائل الخفية باستخدام بعض الأجهزة مثل ” التاتشيستوسكوب ” مشابه لتأثير التنويم المغناطيسي على الأفراد ، بل أنها تستطيع أن تكون ذات تأثير أقوى و ذلك لقدرتها على مخاطبة العقل الباطن و توجيهه بطريقة مباشرة ، بخلاف التنويم المغناطيسي الذي يحتاج إلى وقت لتنويم العقل الواعي و إبعاد سيطرته على الإنسان  .

فوائد الرسائل الخفية للإنسان  :
– استعانة الخبراء بها في مساعدة الإنسان على التخلص من العادات و الجوانب السيئة في شخصيته ، و استبدالها بالجوانب الطيبة .

– العمل على التخلص من بعض النزعات السلبية في الإنسان مثل اليأس ، النفور ، الغضب ، الحقد و غيرها  من النزعات النفسية المختلفة التي تؤثر على الشخص .

نماذج لاستخدام الرسائل الخفية بشكل جيد :
– إنتاج الشركات التجارية لشرائط كاسيت مخصصة لعلاج بعض الحالات النفسية ، من خلال احتوائها على بعض الرسائل و الايحائات التي تساعد على شفاءهم .

– تقوم أحدى المحطات الإذاعية في كندا بإطلاق رسائل خفية خلال برنامج الموسيقى الخاص بها ، حيث تعمل هذه الرسائل على تهدئة الأعصاب في المساء ، و الشعور بالنشاط في الصباح .