معركة باشنديل ، تعتبر واحدة من أشهر معارك الحرب العالمية الأولى ، التي بدأت بين القوات البريطانية والألمانية في عام 1917 بين السادس من نوفمبر والواحد والثلاثين تحديداً في بلجيكا مدينة باشنديل ، حيث راح ضحيتها العديد من الجنود البريطانيون يقدر عددهم بـ 300 ألف محارب رغم نجاحهم وانتصارهم العظيم حيث استمرت المعركة ثلاث أشهر وجهت فيها بريطانيا أكثر من 8 هجمات على القوات الألمانية ، وفي هذا المقال سنتحدث بالتفصيل عن معركة باشنديل فتابع معنا .

احداث معركة باشنديل

يذكرها التاريخ بالحرب العظمى حيث بدأت الحرب في صباح 31 يوليو 1917 ، ولكن بسبب الأمطار الغزيرة توقفت المعركة ليجد الجنود أنفسهم في مستنقعاً من الطين بدلاً من الرصاص ، وبعد مرور ثلاث أشهر وعشرة أيام استعد الحلفاء البريطانيون لشن الحرب التي خرجوا منها منتصرين بسبب سياستهم وخبرتهم العسكرية ، وتقدمهم على أعدائهم الألمان بما يقارب الخمس أميال ، وبعد ذلك استكملت بريطانيا هجماتها لتحقق فوزاً ساحقاً حيث دُمرت قرية باشنديل بالكامل أثناء المعركة ، ولكن بعد الحرب وفي العصر الحديث تم بنائها من جديد لتعتبر موقعناً سياحياً يزوره العديد من السياح سنوياً ، نظراً للمعركة التي تمت على أراضيها وكذلك متحف باشنديل الذي يحتوي على العديد من بقايا المعركة الممتعة للمستكشفين .

تحضيرات وهجمات بريطانيا

في ربيع 1917 بدأ الألمان في حرب الغواصات وقاموا بإغراق العديد من السفن التجارية في المياه الدولية ، وعلى الرغم من تحالف بريطانيا مع العديد من الدول في الحرب إلا أن تلك الهجمات هددت شحن الطعام الأسلحة وغيرها التي تصل إلى بريطانيا والجنود ؛ لذلك في نفس الوقت قدم بعض القادة في البحرية البريطانية طلب إلى الحكومة البريطانية تطلب فيه إجبار الألمان عسكرياً في الابتعاد عن الموانئ البلجيكية ، ولكنهم فشلوا وأصبحت الحدود الساحلية البلجيكية ملكاً للجنود السفن والغواصات الألمانية .

وفي نفس الوقت بدأ الجنود الفرنسيون المحالفة لبريطانية بالتمرد وخاصة بعد فشل آخر هجوم منهم على الألمان بالجبهة الغربية ، ولعل ذلك يرجع إلى أن الجنود الفرنسيون أصبحوا غير قادرين على استكمال الحرب ولا على القتال بالإضافة إلى اعتقاد الجنرال الرئيسي للجنود الفرنسيون أن الحملة البريطانية عدوانية جداً ، لذلك اقترح تنفيذ هجوم قوي لإنهاء المعركة تحديداً في منطقة ايبرس أو ما تعرف بالباشنديل حيث اعتقد أن السيطرة على هذا المكان المميز الواقع في شرق إبرس ذو الأهمية العسكرية الكبيرة نظراً لارتفاعه الذي يسيطر على ثلاث جهات في بلجيكا سوف يساعد جداً في توفير مكان جديد وعالي لبدء شن الهجوم منه على السواحل البلجيكية والجنود الألمانية .

أصاب الشك رئيس الوزراء البريطاني ديفيد لويد جورج حول خطة الجنرال الفرنسي حيث كان يعتقد أن الامتياز في تلك الخطوة قد لا يساعد بريطانية في الدخول إلى صفوف ألمانيا وبلجيكا الساحلية بالإضافة إلى أنه كان يعتقد أن الهجوم داخل بلجيكا لا ينهي الحرب بين بريطانيا وحلفائها والألمان ولكن بسبب تقدم بريطانيا عدة خطوات على ألمانيا ، تمت الموافقة على خطة الجنرال الفرنسي نظراً لأنه لم يكن يوجد خطة بديلة ورغم الشكوك حول الحرب تم تنفيذ الخطة وضياع العديد من الأرواح .

كندا في معركة باشنديل

كان يبلغ الجيش الكندي المشارك في الحرب والتحالف لبريطانيا ما يقارب 100000 جندي مما أعطاها الأفضلية في شن هجوم على الألمان في مدينة نيس الفرنسية ؛ وذلك من أجل التأثير على الموارد الألمانية قدر الإمكان ، وفي منتصف يوليو بدا الهجوم على الألمان من قبل المدافع البريطانية .

كان النزاع القائم قبل المعركة في المنطقة أثر عليها بصورة سلبية حيث أصبحت عبارة عن صحراء جرداء خالية من الأشجار ومملوءة بالحفر وبسبب المدافع التي أفسدت نظام الصرف أصبحت باشنديل تتكون من حفر عميقة مملوءة بالمياه التي من الممكن أن تغرق جندي في حالة سقوطه بداخلها ، وازداد الوضع سوء بسبب القبور والجثث .

أمر الجنرال القائد للجيش الكندي دوجلاس هايج الملازم الأول آرثر كوري بإحضار أفضل أربع فرق في الجيش الكندي إلى بلجيكا للمشاركة في معركة باشنديل ولكن اعترض الملازم الأول على تنفيذ الأمر نظراً لأنه سيكلف الجيش الكندي ما يقارب 16000 جندي دون جدوى أو أي مكسب استراتيجي ولكن في النهاية لم يستطع إلا أن ينفذ الأوامر بعد أن تم رفض احتجاجه .

انتقلت الفرق الأربعة إلى المشاركة في معركة باشنديل واحتلت جزء كبير من جهة الدفاع عن الجيش البريطاني في تلال المدينة أثناء المطر والقصف المستمر ولكن استنزفت الفرق الأربعة بسبب شدة المعركة ، وكتب الملازم الأول الكندي كوري في مذكراته بعد الحرب أنه لم يتم إسعاف أي جندي بعد الحرب ودفن عدد قليل من الضحايا .

بعد انتهاء المعركة ، تم منح صليب فيكتوريا إلى الجيش الكندي ، ويعتبر أعلى جائزة تعبر عن الشجاعة من الإمبراطورية البريطانية نظراً لما ظهر من شجاعة وكفاءة الجنود الكنديين في الحرب ، وكذلك بسبب الخسائر الفادحة في الأرواح الكندية ، كما تم إعادة إحياء ذكرى الجنود الكنديين في شرق باشنديل وعلى بوابة المدينة من خلال نصب تذكاري مُدرج به أسماء بعض الجنود الكنديين الذين لقوا حتفهم في المعركة في باشنديل .

اسباب معركة باشنديل

تكاثرت الأسباب التي أدت إلى بداية الحرب ولكن يمكن جمعها في النقاط التالية :

  • تمرد الجيش الفرنسي بسبب ضغط الحرب لفترات طويلة ، مع اعتقادهم بأن الروح المعنوية الألمانية منخفضة للغاية مما يجعله وقتاً مثالي لشن المعركة .
  • أراد الجنرال الفرنسي هيج السيطرة على جميع المنطقة ، ونظراً إلى حنكته العسكرية فهو يدرك جيدًا أن باشنديل مليئة بالتضاريس العالية التي ستجعلهم الأقوى في أي معركة أخرى .
  • رغبة الجنرال الفرنسي التحرك نحو الساحل البلجيكي لمهاجمة السفن والغواصات الألمانية ، والاستيلاء عليها ، ومن ثم طرد وهروب الألمان من بلجيكا بالكامل .

اهمية معركة باشنديل

بعد مرور أكثر من قرن على معركة باشنديل ، تُذكر الآن بأنها واحدة من أبشع معارك الحرب العالمية الأولى حيث كانت الأولوية للفوز على حساب الأرواح والجنود ، ولم يعقبها أي تقدم على السواحل البلجيكية ، ويرجع ذلك إلى أن الألمان لم يتوقفوا وقاموا بشن هجوماً كبيراً على البريطانيين والفرنسيين تحديداً في ربيع 1918 وبعد مرور ما يقارب عام على المعركة حيث انتشر الضعف بين جنود فرنسا ، واستنزفت جنود بريطانيا طوال مدة الحرب ؛ لذلك وصف رئيس وزراء بريطانيا ما حدث في باشنديل بأنه شجاعة الحياة دون جدوى .

خسائر معركة باشنديل

بعيداً عن نتائج المعارك فأن الخسائر عادةً ما تكون الأكبر حيث عانى الجيش البريطاني من خسارة أكثر من 300000 ضحية في باشنديل منهم 38000 جندي أسترالي ، 5300 جندي نيوزيلندي ، وأكثر من 15600 جندي كندي وهو الرقم الذي تنبأ به الملازم الأول كوري قبل المعركة ، وعانى الألمان أيضاً من خسائر بشرية كبيرة تصل إلى 220000 قتيلاً ، لذلك يرمز إلى المعركة التي تمت في باشنديل إلى أنها أسوء معارك الحرب العالمية الأولى ، وواحدة من أعظم الكوارث العسكرية والبشرية ، ومقبرة الجنود ، وتجاهل القادة للخسائر الناتجة عن الحرب .