تعد معركة الكرامة من إحدى المعارك الشديدة الأهمية في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي ، و ذلك راجعاً إلى تمكن الجيش الأردني علاوة على المجاهدين ، و الفدائيين الفلسطينيين فيها من تحقيق الانتصار على الجيش الإسرائيلي بعد تمكنه من تحقيق عدداً من الانتصارات على عدة جيوش عربية ، و تمكنه طبقاً لذلك من احتلال بعضاً من المناطق العربية بعد نكسة حزيران (1967م) .

إذ أتت تلك المعركة لتضع حداً لهذا العدو المتغطرس ، و لتكسر تلك الأسطورة الكاذبة عن الجيش الإسرائيلي ، و الذي كان يقال عنه أنه لا يقهر .

أهداف إسرائيل من الهجوم العسكري على الأردن :- يوجد عدداً من الأهداف التي قد سعت إسرائيل إلى تحقيقها من هجومها العسكري على الأردن ، و من أهم تلك الأهداف :-

أولاً :- العمل على إرغام الأردن على قبول السلام ، و التسوية ، و التي بالطبع ستفرضها إسرائيل ، و بالشروط التي تراها تخدم مصالحها .
ثانياً :- ضمان تحقيق عنصري الهدوء العسكري ، و الأمن على خط وقف إطلاق النار مع الأردن .
ثالثاً :- تحطيم القيادة الأردنية عن طريق توجيه عدداً من الضربات العسكرية الموجعة لها .
رابعاً :- القضاء على الروح المعنوية لدى السكان المدنيين ، و إجبارهم على النزوح من أراضيهم من اجل حرمان المقاومة الفلسطينية من وجود أي قواعد مسلحة لها بين المدنيين .
خامساً :- رفع الروح المعنوية لدى جنود وضباط الجيش الإسرائيلي بعد تأثرها بشكل كبير نتيجة العمليات المسلحة التي تشنها عناصر المقاومة الفلسطينية على وحدات الجيش الإسرائيلي .

أحداث معركة الكرامة :-
كانت إسرائيل قد توسعت جغرافياً بعد تمكنها من إلحاق الهزائم ببعض الجيوش العربية (دول المواجهة) فأرادت أن تحصل على أراضي إضافية ، و بالفعل تمكنت من احتلال منطقة الجولان ، و الواقعة في سوريا .

بينما ظلت قوات الفدائيين تشكل عامل إزعاج قوي للقوات الإسرائيلية انطلاقاً من الأراضي الأردنية فقررت إسرائيل ، و بناءا على ذلك أن تتدخل عسكرياً في الجهة الشرقية في نهر الأردن ، و ذلك تحت ذريعة القضاء على قوات الفدائيين .

بينما كان من أهداف ذلك التدخل العسكري الإسرائيلي هو إيجاد موطئ قدم لها في الجهة الشرقية من نهر الأردن مما يشكل عامل حماية للقوات الإسرائيلية في مرتفعات الجولان السورية .

هذا بالإضافة إلى رفع الروح المعنوية الخاصة بجنود الجيش الإسرائيلي بعد قيام المقاومة بشن العديد من الهجمات العسكرية الناجحة على قوات الاحتلال ، و بالفعل انطلقت شرارة المعركة في صبيحة يوم (21) من شهر آذار لعام (1968م) .

إذ تقدمت القوات الإسرائيلية من عدة محاور على نهر الأردن من أجل اجتياز الحدود الأردنية ، و كان الهجوم الإسرائيلي معززاً بغطاءاً جوياً مكثفاً لكن الجيش الأردني بالإضافة إلى قوات الفدائيين الفلسطينيين قام بالتصدي لتلك القوات الغازية ، و ذلك على طول الجبهة ، و من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب وصولاً إلى البحر الميت .

و في قرية الكرامة قام الجيش الأردني بالتعاون مع قوات الفدائيين الفلسطينيين من أجل التصدي للقوات الإسرائيلية المعتدية ، و بالفعل استمرت المعركة بين الجانبان قرابة الساعة هذا مع استمرار معركة شديدة فيما بين الجيش العربي الأردني ، و قوات الاحتلال المهاجمة .

و ذلك لمدة زمنية أكثر من ستة عشر ساعة متواصلة حيث قامت القوات الأردنية بمساعدة المقاومة بخوض المعركة ، و إظهار ملاحم البطولة ، و الفداء ، و التضحية فيها .

و بالفعل تمخضت المعركة عن تحقيق انتصاراً عربياً على القوات الإسرائيلية المتغطرسة ، و المعتدية ، و الذي شفى الصدور العربية بعد هزيمة (1967 م).

حصيلة معركة الكرامة :-

أولاً :- بالنسبة للإسرائيليين :-
خسرت إسرائيل في تلك المعركة ما عدده (88) ألية عسكرية ، و هي عبارة عن ما عدده
(27) دبابة علاوة على ما عدده (18) ناقلة جنود هذا بالإضافة إلى ما عدده (24) سيارة مسلحة هذا علاوة على ما عدده (19) سيارة شحن ، و طائرة عسكرية واحدة .

ثانياً :- خسائر القوات الأردنية :-
ما عدده (87) شهيدا علاوة على ما عدده (108) جريحاً هذا بالإضافة إلى تدمير ما عدده (13) دبابة وما عدده (39) ألية عسكرية متنوعة .

ثالثاً :- الخسائر الخاصة بالمقاومة الفلسطينية :-
خسرت المقاومة الفلسطينية ما عدده (130) شهيداً (عنصراً مقاتلاً ) هذا علاوة على تمكن القوات الإسرائيلية من أسر ما عدده (170) عنصراً من المقاومة .

الآثار المترتبة على معركة الكرامة :- ترتب على معركة الكرامة عدداً من النتائج ، و الآثار ، و أهمها :-

أولاً:- اعتبرت معركة الكرامة نقطة تحول كبيرة لكل من حركة فتح ، و المقاومة الفلسطينية بشكلاً عاماً حيث برز ذلك من خلال أعداد المتطوعين في المقاومة الفلسطينية إذ لعبت معركة الكرامة دوراً أساسياً في رفع المعنويات العربية بشكل عام سواء على المستوى العسكري أو الشعبي بعد اهتزازه بشكل كبير عقب هزيمة حزيران (1967م) ، و إيقاع إسرائيل أكبر خسائر عسكرية في القوات العربية ممثلة في دول المواجهة .
ثانياً :- تغير النظرة العسكرية المتغطرسة للجيش الإسرائيلي إلى الجيوش العربية ، و انكسار  أكاذيبه ، و  ادعاءاته المتمثلة في أن الجيش الإسرائيلي لا يقهر مما ساهم في زيادة خوف الإسرائيليين ، و انعزالهم نظراً لانهيار ذلك الاعتقاد الخاطئ داخلهم .
ثالثاً :- إثبات قدرة القوات الأردنية القتالية ، و قدرتها الكبيرة على الصمود ، و وضع الخطط العسكرية .
رابعاً :- أكدت معركة الكرامة على أن العرب قادرين على تجاوز خلافاتهم السياسية ،و القتال معاً صفاً واحداً .