الراحل كمال الدين حسين من رجال الثورة المصرية ، الذين كانت لهم أدوار مؤثرة فى نجاحها ، هؤلاء الرجال لم يحركهم طمع أو نهم السلطة أو المال ، وظلوا على رجولتهم ووطنيتهم حتى النهاية ، وانتهى الأمر بمعظمهم فى دائرة (المغضوب عليهم) ، أو دائرة النسيان . وشارك واتفق واختلف كمال الدين حسين مع الثورة فى كل مراحلها ، وتقلد مناصب عديدة، بلغ مجموعها 9 مناصب ، ورغم ذلك خرج من الحكم قبل أن يبلغ الـ 42 عاما .

من هو كمال الدين حسين

دوره فى الثورة يوليو ونشاطه بعدها

يقول كمال الدين حسين كنت مسؤولا عن ضباط المدفعية فى منطقة ألماظة ، ووزعنا القوات للسيطرة على مدخل ألماظة ، وتمركزت القوات بعد الكيلو 4.5 لمواجهة احتمال تدخل القوات البريطانية ، رغم أننى كنت وقتها مدرساً فى كلية أركان الحرب ، سيطرنا على المنطقة ، ثم تحركت بعض الوحدات إلى الأماكن المحددة وفق الخطة . ويتابع : توجهت بعد ذلك إلى القيادة العامة فى كوبرى القبة ، عقب احتلالها بواسطة كتيبة مدافع الماكينة بقيادة البكباشى يوسف صديق

وأذكر من الضباط الذين اشتركوا وقادوا العمليات فى منطقة ألماظة اليوزباشية محمد أبوالفضل الجيزاوى وأحمد كمال وخالد فوزى وعلى فوزى يونس . عندما قررنا القيام بالثورة وبدأنا نخطط لها لم يكن يجول بخاطر واحد منا التصدى للحكم ، وكنا نستهدف تصحيح الأوضاع والقضاء على الفساد المستشرى حتى بدأ يشمل قيادات الجيش ، وعندما خططنا للثورة كان لا بد من اختيار زعيم لها ، قائد يعرفه الناس ، فنحن جميعا أعضاء تنظيم الضباط الأحرار مازلنا شبابا غير معروفين ، وبحثنا عمن يكون قائدا للثورة لنقدمه إلى الناس ليقتنعوا به . ورشح المرحوم عبدالحكيم عامر، اللواء محمد نجيب، وكان يمتاز بالشجاعة والوطنية وما له من تاريخ فى العسكرية، خاصة دوره البطولى فى حرب فلسطين .

دوره كقائد للمقاومة الشعبية

يوضح كمال الدين حسين أنه بعد تأميم قناة السويس مباشرة، كان لابد أن تحسب احتمال قيام إسرائيل والدول العظمى بعمليات ضدنا ، وصار لزاما أن نستأنف نشاط الحرس الوطنى ، واقترح جمال عبدالناصر أن نسميه جيش التحرير ، وأن أتولى قيادته ، ولم أكن أعلم أن عبدالحكيم عامر كان يقترح أن يتولى قيادته عبدالفتاح فؤاد، وكانت نظرة جمال عبدالناصر أن أتولى قيادته ، لأن هذا التعيين يوحى بالاهتمام الزائد بالموضوع ، إذ يتولاه أحد أعضاء مجلس قيادة الثورة ووزير التربية والتعليم.

وباعتبار تاريخى فى الحرب والثورة وإعداد الحرس الوطنى والعمليات الفدائية فى القناة ، والنقطة الثانية التى استهدفتها من ذلك أن موضوع الحرس الوطنى أصبح موضوعا تغلب عليه الروتينية ، وكان من اللازم أن تنبعث حركة عسكرية جديدة لمواجهة الطارئ الجديد . وبعد ذلك عرض علىّ عبدالناصر الذهاب إلى منطقة القناة لتفقد الحالة والوجود مع القوات ، حتى تعلم أن القيادة معها ، وعرض الأمر على عبدالحكيم عامر ولم يبد استعدادا لذلك ، فأبديت له منتهى الاستعداد ، وذهبت بالفعل ، وكانت القوات الشعبية (جيش التحرير) فى أشد الحاجة إلى السلاح والذخيرة ، فاتصلت بعبدالناصر لأبلغه ، وعلمت أنه أعطى أوامر للجيش عن طريق القيادة العامة ولم يستجب أحد إلى هذه الطلبات باستثناء إحدى الكتائب . واتصل بى عبدالناصر وأخطرنى بالتحرك إلى الإسماعيلية، وأن أتولى قيادة قوات الجيش الموجودة فى منطقة القناة .

مواجهة كمال الدين حسين بعد الانتهاء من ثورة يوليو

يقول عضو مجلس قيادة الثورة كانت هناك خلافات فى وجهات النظر مع جمال عبدالناصر منذ الشهور الأولى لحركة الضباط الأحرار ، وكانت تجرى تصفيتها فى حدود المناقشة الطبيعية . وبعد ذلك، اكتشفنا وجها جديداً لصديق ورفيق المشوار الثورى الرئيس جمال عبدالناصر ، فبدأ ينصرف عن الأصدقاء المخلصين لمجرد أن رأيهم يختلف عن رأيه ، بالسماح للمنافقين بالاقتراب منه ، حتى أصبحوا من أقرب المقربين فاستخدموا كل الوسائل ليتبنى خطاً متطرفاً باسم الاشتراكية .

ويروى كمال الدين حسين : كان البقاء مستحيلاً ، لذا تقدمت باستقالتى لأن وجودى سيكون سبباً لإدانتى على كل ما يجرى من أمور لا أوافق عليها ، ولم يجُل بخاطرى التحدث عنها علناً أو سراً خارج المجال الرسمى ، لأن طبيعتى تأبى مهاجمة نظام مازلت جزءاً منه . وعقب 1956 بدأ الإعداد لصياغة الدستور الدائم ، وانتخاب رئيس الجمهورية وعرض مشروع الدستور على مجلس قيادة الثورة لمناقشة مسودته ،  وأقره مجلس الأمة بعد اختلافه حول بنوده ما بين معارض وموافق عليها ، رغم الآثار المترتبة بعد ذلك على الصلاحيات التى منحها الدستور لعبد الناصر باعتباره رئيسا للجمهورية . وكانت هذه الموافقة نابعة من ثقتنا المطلقة فى عبدالناصر ، وأنه لن يستغل صلاحياته سوى لمصلحة الوطن ولإظهار روابطنا ووحدتنا أمام الشعب .

من جهة أخرى كان فى ذهننا أحداث عام 54 وما ترتب عليها من أحداث وقوى الثورة المضادة وأحزاب منحلة وإخوان وشيوعيين إلخ ، واستعدادهم لانتهاز الفرصة للانقضاض على الثورة بدعم القوى الخارجية التى وجدت فى الثورة قوة عنيدة تسير عكس أغراضها .