تعد نعمة العقل من بين تلك النعم الكثيرة واللامحدودة واليت أنعم بها الله عز وجل على الإنسان ونعمة العقل هي تلك النعمة التي ميز الله عز وجل بها الإنسان عن سائر الكائنات الأخرى وهي من فضل التكريم الرباني للإنسان وهو أيضاً تلك الميزة التي تجعل الإنسان مكلفاً فخطاب التكليف كما هو معروف قد نزل على العقلاء من البشر لأن أساس فكرة التكليف هي أن يميز الإنسان بين الخطأ و الصواب أي أن يكون لديه القدرة على عملية الاختيار و التحديد ثم يكون جزاءه على أساس ما أختاره فالعقل هو من يجعلنا نستطيع التفريق بين الخطأ و الصواب أي ما بين التصرف الخاطئ والتصرف الصحيح وما بين النافع و الضار من الأعمال ، و ذلك عن طريق وظيفة العقل ، وهي التفكير و الإدراك وكان اهتمام الدين الإسلامي بالعقل كبير ، وأكد على ضرورة أن يتم استغلال واستخدامه في طريق الحلال ورضا الله عز وجل بل في التفكير في خلق الله وكونه ، والقرآن الكريم يوجد به العديد من الأيات التي تتحدث عن ذلك ومنها قول الله تعالى جل شأنه ( إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لأيات لأولي الألباب ) ، و المقصود بأولي الألباب في الأية الكريمة هم أصحاب العقول وأيضاً كان تأكيد الدين الإسلامي على تحريم أي عمل يؤذي العقل ويفقده وظيفته الأساسية أو حتى يؤثر عليها لبعض الوقت مثال تحريم الإسلام لشرب الخمور و المسكرات التي يترتب عليها إيذاء وظيفة العقل في الإنسان والعقب في الجسم البشري يحتاج إلى غذاء يقويه ويعينه على أداء مهامه فكما أن الطعام هو غذاء الجسد البشري فإن العلم هو غذاء العقل ، حيث أنه كلما زاد مقدار العلم لدى الإنسان زاد علمه بالأشياء وطبيعتها وزاد عنصر المعرفة لديه بشكل عام علاوة على اتساع نطاق تفكيره والإبداع لديه ، حيث أن الإبداع مركزه الأساسي هو العقل ، ولذلك كان اهتمام الإسلام وحرصه الشديد على العلم و التعلم ، وبالتالي زيادة الكفاءة العقلية لدى الإنسان ، إذاً فمن الضروري للإنسان أن يقوم بحمد الله عز وجل على نعمه كلها ومنها نعمة العقل والذي يجب علينا أن تقوم بحسن استخدامه في الدنيا لنستطيع من خلاله النجاة في الأخرة .

أهمية العقل في حياة الإنسان

 يوجد أهمية غير محدودة للعقل في حياة الإنسان ، ومنها :-

أولاً :- العقل هو السبب الرئيسي لاستخلاف الله عز وجل للإنسان في الأرض ، حيث أنه إذا لم يكن لدى الإنسان عقلاً لما أستطاع أن يدرك ماهية حياته أو السبب في وجوده في الدنيا وبالتالي فإن وجوده لن يكون له فائدة فعمارة الأرض و القيام باستصلاحها تحتاج دائماً إلى عقل يفكر في ابتكار الوسائل أو الأساليب التي تمكن من ذلك إذاً فإن العقل هو مظلة الاستخلاف في الأرض للإنسان .

ثانياً:- العقل هو الوسيلة الرئيسية والتي يتمكن من خلالها الإنسان التمييز بين الحق والباطل والصواب والخطأ فالإنسان العاقل هو من يمتلك تلك القدرة الأتية من العقل .

ثالثاً :- العقل في الدين الإسلامي هو مناط التكليف فكثير من العبادات والفرائض التي فرضها الله جل شأنه على الإنسان من أهم شروطها أن يكون العبد المسلم شخصاً عاقلاً وبالغاً مثل الصلاة أو الصوم أو الحج وغيرها من الفرائض والعبادات التي شرعها المولى جل شأنه علاوة على أن العديد من تلك المعاملات الحياتية للإنسان في الدنيا مثال عقود البيع أو الشراء أو الزواج لا تتم إلا إذا كان طرفي العقد عاقلين فالمجنون كما هو معروف غير مكلف أي أنه غير مؤاخذ على تصرفاته أو أعماله ، و ذلك بسبب فقده لنعمة العقل ، حيث كان قول رسول الله صلى الله عليه وسلم للتأكيد على ذلك من خلال حديثه الشريف عمن رفع عنهم القلم أي السؤال قوله عليه الصلاة والسلام ( وعلى المجنون حتى يعقل ) .

رابعاً :- يعد العقل هو مصدر أساسي للحكمة و التي تميز بها الكثيرون من البشر عبر التاريخ البشري الممتد فغير العاقل لا يتصور بأي شكل كان أن يبلغ مرتبة الحكمة ، وذلك راجعاً إلى أن الوصول لمرتبة الحكمة هو أمر يتطلب التبصر ، و التعقل بل و التفكر في الأمور والأشياء من جانب الإنسان.

خامساً :- العقل هو ذلك الميزان الإلهي الذي أختص بها الله جل شأنه الإنسان لكي تستقيم حياته ويستطيع العيش في هذه الحياة الدنيا بشكلاَ سليماً ومتوازناً وفيه راحته وصلاحه فمن خلال العقل يستطيع الإنسان أن يقوم ببناء علاقته بالآخرين بوضوح ، والتفكر فيما حوله بشكل جيد علاوة على تمكنه من مراجعة أفعاله أو تصرفاته والتحكم فيها .

سادساً :-  العقل سبب أساسي فيما حققه الإنسان عبر تاريخه البشري من عوامل التقدم والتطور والازدهار بكل أشكاله فمن خلاله أستطاع التوصل إلى العديد من العلوم الإنسانية الهامة والتي أفادته بشكل غير محدود في حياته وفيما يختص بها من أمور عديدة.