معاهدة بورتسموث هي تلك المعاهدة التي تعرف باسم المعاهدة الإنجليزية العراقية ، و قد تم توقيع هذه المعاهدة في الخامس عشر من يناير من عام 1948 .

خلفية المعاهدة
– بعد أن دارت الحرب العالمية الثانية كانت بريطانيا في وضع مختلف في منطقة الشرق الأوسط ، و كان عليها الحفاظ على علاقاتها حتى تتمكن من الحفاظ على امتيازتها ، و من ثم ظهرت ضرورة إقامة معاهدة مع إحدى القوى العربية.

– بعد استقالة رئيس وزراء العراق أرشد العمري ، أصرت بريطانيا على تشكيل وزارة جديدة بقيادة نوري السعيد ، و كان السبب في هذا الإصرار الرغبة في تحقيق أهدافها ، و من بين هذه الأهداف القضاء على كافة معارضي الاحتلال البريطاني و ضرب الحزب الشيوعي.

– سعت الحكومة البريطانية لعمل معاهدة جديدة بدلا من معاهدة حزيران ، من خلالها يتم عمل تسهيلات عسكرية لتجنب حدوث مشاكل في الخليج العربي و ايران.

– في هذا الوقت رفض الشارع العراقي هذا الأمر ، و شكلوا جبهة معارضة للوقوف أمام هذا المخطط ، و لكن الحكومة الإنجليزية قامت بالعديد من أحكام الإعدام ، و هنا قامت حكومة صالح جبر بفتح باب المفاوضات مع بريطانيا ، و ذلك بغرض اجراء تعديلات على معاهدة حزيران.

تصريحات فاضل الجمالي
فاضل الجمالي هو العضو المفوض في لندن من الوفد العراقي ، و قد شملت تصريحاته الموافقة على توقيع معاهدة جديدة مع الحكومة البريطانية ، و قد كانت هذه التصريحات صادمة بالنسبة للشعب العراقي ، و ذلك لأن الشعب العراقي كان على دراية بأن هذه المعاهدة الجديدة ، و هنا خرج طلاب الجامعات بمظاهرات سلمية للتعبير عن رفضهم ، و تم تعطيل الدراسة في جميع الجامعات .

مرحلة المفاوضات
دارت هذه المفاوضات في يناير من عام 1948 ، و كانت بين وزير الخارجية البريطاني إرنست بيفن ، و بين صالح جبر رئيس الوزراء العراقي و فاضل الجمالي وزير الخارجية العراقي ، و قد دارت هذه المفاوضات في ميناء بورتسموث و اتسمت بالشد و الجذب ، و انتهت بتعقد المفاوضات نظرا لأن الجانب العراقي كان يرغب في الحفاظ على حقوق العراق .

التوقيع على المعاهدة
– من أهم ما ميز الأيام الأخيرة قبل التوقيع على المعاهدة ، أن المظاهرات تحولت من رفض لتفاصيل المعاهدة و ما تعلق بها من الناحية العراقية إلى مظاهرات من أجل القضية الفلسطينية ، و بعدها تم التكتيم على أحداث هذه المعاهدة ، و تم تغيير اسمها إلى معاهدة بورتسموث ، و تم توقيع هذه المعاهدة في ضيافة الأسطول البريطاني ، و نصت المعاهدة على السماح للجيوش البريطانية بالتمركز في العراق و الاشتباك مع ايران ، على أن تقوم العراق بإمداد بريطانيا بكافة المساعدات و التسهيلات الأرضية و الجوية .

– و قد اشترط صالح جبر أن تكون التأسيسات العسكرية لمدينة البصرة تعود للعراق ، فضلا عن حرية العراق في التصرف في كافة المرافق الحيوية ، و تم إرسال مسودة للمعاهدة باللغة الإنجليزية إلى جمال بابان وزير العدل ، و ذلك ليتولى نشر المعاهدة بعد ترجمتها في الصحف ، و بالفعل تم نشر نصوص المعاهدة التي لاقت انتقادا لاذعا ، و تواترت الأجواء بسببها و احتج الجميع و اضرب طلاب الجامعات .

نتائج المعاهدة
– دارت العديد من الأحداث المتوترة بعد توقيع المعاهدة ، و التي نتج عنها احتجاز عدد كبير من أساتذة الجامعات و مقتل عدد من الطلاب ، و اجتمع رجل السياسة و الأحزاب الوطنية على رفض و استنكار المعاهدة.

– دارت العديد من المفاوضات من جانب الحكومة ، و طالب صالح جبر بالاجتماع للتفاوض ، و لكن كانت النتيجة تحدي الشعب و الوقوف أمامه بإطلاق الرصاص ، مما أدى إلى سقوط عدد كبير من الشهداء ، و استمر الرفض حتى تم عزل الحكومة .