تعد اللغة العربية من أجمل اللغات، حيث تحتوي على العديد من القواعد والقوانين التي تضبطها وتزيد من جمالها وخصوصاً علم البلاغة، واللغات هي إرث بشري تتطور مع تطور البشر وتتجدد، وتعد الكناية من أجمل الألفاظ التي تعبر عن مدى فصاحة العرب وقدرتهم على التلاعب بالمعاني في كلامهم، وكتاباتهم الشعرية والنثرية وغيرها، وبالطبع لا يوجد أجمل من القرآن الكريم وأكثر منه بلاغة.

الكناية

الكناية هي ألفاظ يتم الاعتماد عليها حتى تعطي معنى ظاهر وأخر مخفي أي أن بها معنيين، المقصود هو المخفي خلف الصيغة والظاهر غير مقصود، وبمعنى آخر أن الجملة من الممكن أن تعبر بشكل واضح عن معنى معين وبشكل مباشر إلا أنها تخفي معنى اخر غير مباشر وهو المقصود، حيث تعد الكناية من أجمل الأساليب التي تستخدم في اللغة العربية وهي من ضمن علم البلاغة.

تستخدم البلاغة في العديد من النصوص، وخصوصاً في قصائد الشعر العربي، حيث يحرص الشعراء العرب في كل العصور على استخدام الكناية في شعرهم، حتى يتمكنوا من وصف الموصوف في شعرهم بصفات أخرى مقترنة به ولكن أكثر جاذبية.

انواع الكناية

كناية عن صفة

حيث تُكنى الصفة بمعنى آخر ملازم لها مثل الكرم، والقوة، والعزة.

كناية عن موصوف

وهي التي يُكنى بها الموصوف الشخص أو الشيء نفسه.

كناية عن نسبة

تُكني الصفة ولكن هذه الصفة منسوبة بشكل متصل بالموصوف مثل الكناية عن فصاحته أو بلاغته وهكذا، فنأتي بصفة لا تنسب إلى الموصوف بشكل مباشر ولكنها منسوبة به أو متصلة به أو تعود عليه.

امثلة عن الكناية في القران

-قول تعالي: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنتُمْ سُكَارَىٰ حَتَّىٰ تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىٰ تَغْتَسِلُوا ۚ وَإِن كُنتُم مَّرْضَىٰ أو عَلَىٰ سَفَرٍ أو جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أو لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ ۗ أن اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا) (النساء:43)
الغائط هنا تعني المكان المنخفض تأتي منها الغيط والغيطان والغوطة، وهذا هو المعنى الظاهر، أما المعنى المخفي فيقصد الله بالغائط المكان الذي يقضي الإنسان فيه حاجته مثل المراحيض، وهو مكان مستور.
وتأتي لكلمة لامستم، فيها مبالغة في اللمس وكناية عن الجماع وهو المعني المخفي، حيث أن المعني الظاهر هنا هو اللمس.

-قول تعالي: (مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ ۖ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ ۗ انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ) (المائدة:75)
يأكلان الطعام هنا لها معنى واضح ومباشر أن السيد المسيح عليه السلام وأمه السيدة مريم يأكلان الطعام، ولكن هي كناية عن معنى أخر خفي يقصد به بشريتهم وهو رد على من يضعون صفة الألوهية على سيدنا عيسى عليه السلام، حيث أن الأكل والشرب من الحاجات البشرية التي يحتاج بعدها إلى عملية الإخراج وقضاء الحاجة مثل باقي البشر وباقي المخلوقات بوجه عام، وهذا ينفي عنه صفة الألوهية.

-قوله تعالي: (وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ ۗ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ ۗ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا) (الفرقان:20).
(يمشون في الأسواق) كناية على أن الرسل مثل باقي البشر يقضون حوائجهم بأنفسهم ويعملون لكسب رزقهم وغيرها من حوائج البشر.

-قوله تعالى: (أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ)، (الزخرف:18)
هنا كناية بديعة في هذه الآية الكريمة حيث أن المعنى الظاهر هم النساء التي تتربى على الزينة ولباس الحلية، ولكن المعني الحقيقي هو أن الذين يعيشون في ترف ورفاهية لا يستطيعون الوقف في المواقف الشديدة.