امتلأ التاريخ بعدد كبير جدًا من الكتاب والفلاسفة والمفكرين الذين قد ذكروا العديد من النظريات والاراء التي لاقت اهتمام البشرية بأكملها ولاقت نصيب وافر أيضًا من البحث والتنقيب لإثبات صحتها أو خطأها ، وقد أثار كتاب المفكر فرانسيس فوكوياما الذي يحمل اسم نهاية التاريخ العديد من التساؤلات الهامة حول تلك النظرية .

فرانسيس فوكوياما

فرانسيس فوكوياما هو كاتب ومفكر يحمل الجنسية الأمريكية ولكنه ذات أصل ياباني ، وفيما يخص نشأته ؛ فقد ولد فوكوياما في الـ 27 من شهر أكتوبر عام 1952م في ولاية شيكاغو الأمريكية ، وكانت أسرته ذات أصول يابانية ولكنها قد فرت إلى أمريكا منذ عام 1905م هروبًا من شبح الحرب القائم حينذاك بين روسيا واليابان .

ونظرًا لطبيعة عمل والده الذي قد حصل على درجة الدكتوراه في علم الاجتماع ؛ فقد ساعده الاختلاط مع الكثير من الأدباء والمفكرين منذ صغره إلى أن يكون لديه نظرية مختلفة ونظرة صائبة في الحياة .

وقد التحق للدراسة بجامعة كورنيل قسم الدراسات الكلاسيكية وقد تمكن أيضًا من الحصول على درجة الدكتوراه في مجال العلوم السياسية من جامعة هارفارد الأمريكية .

وتُعد أشهر كتب ومؤلفات فوكوياما هو كتابه الذي قد حمل اسم (نهاية التاريخ والإنسان الأخير)

نظرية نهاية التاريخ

تم نشر هذا الكتاب للمرة الأولى عام 1992م عقب أن قام فوكوياما بنشر مقالة نارية في جريدة ناشيونال إنترست والتي قد جاءت بعنوان (نهاية التاريخ) وقد تناولت هذه المقالة فكرة مُحددة وهي أن الفكر الديمقراطي الليبرالي والعمل به يُعد نهاية مطاف السعي  البشري الذي يطمح طوال الوقت إلى الحصول على حقوق الإنسان المتمثلة في الحرية والكرامة والتقدم الفكري والعلمي والاقتصادي ، وقد أثارت تلك المقالة ضجة كبيرة قادت فوكوياما إلى تأليف كتاب (نهاية التاريخ والإنسان الأخير) .

كتاب نهاية التاريخ والإنسان الأخير

تناول هذا الكتاب إشارة الكاتب إلى أن التقاليد والمواصفات المرتبطة بالديمقراطية والليبرالية قد ساعدت بشكل كبير على أن تُحافظ على مكانتها وقوتها على الساحة السياسية خلال القرن الماضي ، وعلى الرغم من السعي الحثيث للأنظمة والاعتناقات الفكرية السياسية إلى النهوض والسيطرة في الكثير من البلدان وأهمها نظام الملكية والشيوعية والفاشية ؛ إلا أن نظام الديمقراطية الليبرالية استطاع أن يظل صامدًا رغم قوة تلك الأنظمة .

كما قد ذكر الفيلسوف فوكوياما أن الفكر الديمقراطي الليبرالي قد نجح بقوة في أن يصير الخيار الأساسي لدى عدد كبير جدًا من الأنظمة السياسية المتقدمة وتسعى إليه أيضًا الدول النامية .

وفيما يخص النظرية الخاصة بنهاية للتاريخ ؛ فإن فوكوياما قد وضع فكرة وتصوره بأن التاريخ البشري يسعى دائمًا إلى تقليل حجم الدمار والخراب واستبدال ذلك بالسلام والأمن وهذا ما تحققه الديمقراطية الليبرالية ، وبالتالي فهو يرى أن تطبيق هذا النظام الذي يرى أنه نظام سياسي مثالي هو الهدف الذي تسعى إليه البشرية منذ نشأتها ، كما أنه يرى أن الكثير من البلدان ومنها الولايات المتحدة الأمريكية تزعم أنها تطبيق نظام الديمقراطية الليبرالية ولكنها في حقيقة الأمر لا تطبقه بالمعنى المثالي له .

كما أن الديمقراطية التي يتم تطبيقها في أي نظام سياسي تظهر بشكل تلقائي دون زعم بوجوها ؛ حيث أنها تبدو جليّة فيما تكفله من حرية التعبير عن الاراء إلى جانب وجود الانتخابات النزيهة التي تتميز بأعلى درجات الشفافية ، وفي نهاية الأمر وصف فوكوياما تصوره بأن النظام الديمقراطي الليبرالي هو نظام مثالي من جميع جوانبه ويأمل أن يتم تطبيقه بشكل كامل في جميع الأقطار والدول ليسمو بالبشرية تجاه الأفضل وهنا سوف يكون هو نهاية ما يسهى ويطمح إليه الإنسان .