شهر التاريخ الأسود أو شهر التاريخ الإفريقي الأمريكي ، هو حفل سنوي يقام في الولايات المتحدة الأمريكية وتم الاعتراف به رسميًا من قبل الحكومة ، كذلك أيضًا تحتفل به المملكة المتحدة ولكن في شهر أكتوبر ولكن بشكل غير رسمي ، يرجع تاريخ هذا الاحتفال لعام 1926 ، عندما دعا إليه المؤرخ كارتر.ج وودسون وقد قامت فكرته على أن يتم اعتبار الأسبوع الثاني من شهر فبراير احتفال وطني للسود الأمريكيين ، وذلك لكونهم أثروا الحياة الإنسانية والمجتمع الأمريكي بالكثير من الإنجازات ، وقد اختير هذا التاريخ على وجه التحديد نظرًا لأنه شهد ميلاد شخصيتين تمكنوا من تغيير مستقبل الأشخاص الأمريكيين ذو الأصل الأفريقي هما الرئيس الأمريكي الأسبق أبراهام لينكولن 12 فبراير ، وفريدرك دوغلاس 14 فبراير .

شهر التاريخ الاسود

قام المؤرخ كارتر.ج وودسون بتأسيس ” جمعية دراسة حياة الزنوج والتاريخ ” وشهد القرن التاسع عشر انعقاد هذه التجمعات من الزنوج والاحتفال بـ ” شهر التاريخ الأسود ” في الأسبوع الثاني من فبراير ، لكن لم يتم الاعتراف به رسميًا ، إلى أن أقر العلماء بوجود سببين للاحتفال بها هما ” الاعتراف والأهمية ” ، وكان وودسون يرى أن هذه التجمع سيجعل من هذا الأمر شيئًا يتم الاحتفال به سنويًا ، وبالفعل مر عشر سنوات من التاريخ المبهر للزنوج وحينها أدرك أن هذا التاريخ المشرف يستحق أن يحتفل به الجميع . [1]

بداية الاحتفال بشهر التاريخ الاسود

ولم يرحب بالفكرة بشكل عام في بدايتها من قبل جميع الولايات الأمريكية ، فبالرغم من أن التركيز الأكبر منذ البداية كان على تدريس تاريخ الأشخاص الأمريكيين من أصل أفريقي في المدارس إلا أن رد الفعل كان فاترًا ، ولم يطبق إلا في عدة ولايات هم ” ولاية كارولينا الشمالية ، ووديلاوير ، ووست فرجينيا ، ومدينة بالتيمور والعاصمة واشنطن ” لكن شهر التاريخ الأسود لم يكن قد تم تعميمه بعد أو الاعتراف به عالميًا ، إلا أن وودسون قد اعتبرها خطوة على الطريق ، وظل يحتفل سنويًا بشهر التاريخ الأسود لرؤية وودسون أن تلك هي الطريقة لدس جذور الوجود الجسدي والفكري للسود داخل التاريخ ووضع ساقهم على حلبة السباق بجانب الجميع . [1]

وحملت رؤية وودسون جانبًا براقًا من للفكر إذ اعتبر أن إذا لم يكن للسود تاريخًا من الإنجازات فليس له أهمية تضعه في السباق ، ويصبح تاريخهم أمرًا لا يذكر في فكر العالم ، بل ويجعلهم معرضون لخطر الإبادة ، واستشهد بالسكان الأصليين لأمريكا ” الهنود الأمريكيين ” حيث لم يتركوا سجلًا تاريخيًا من الفكر فأين هم اليوم؟ كما استشهد ببقاء اللغة العبرية التي دعمت أيضًا من الكتاب المقدس إذ أنها بالرغم من تعرضها للاضطهاد العالمي لكنها ظلت ذات أثرًا هائلًا في الحضارة . [1]

وفي عام 1929 أشارت مجلة تاريخ الزنوج إلى أن جميع الإدارات التعليمية في الولايات المتحدة الأمريكية- خاصة الولايات التي بها عدد كبير من الزنوج –  باستثناء إدارتين فقط ، قد اعترفوا بشهر التاريخ الأسود وأبلغوا به المعلمين من خلال تسليمهم مؤلفات رسمية – كتب دراسية – خاصة بالحدث ، كذا وقد كان للكنائس دورًا هامًا في الدعم حيث قامت بتوزيع هذه المؤلفات بجانب أسبوع التاريخ الأسود ، كما ساهمت الصحافة بدورها في نشر الفكرة والدعاية لها . [1]

وهو ما أدى إلى الاستجابة الكبيرة للحدث والتي نتج عنها إنشاء نوادي للتاريخ الأسود ، وزيادة اهتمام المعلمين به ، وبدأ البيض من الامريكين يهتموا كثيرًا بالأمر ، وهو ما جعل الفكرة تقوى عقدًا بعد عقد ، إلى أن اعترف كافة رؤساء البلديات في كافة الولايات المتحدة الأمريكية بأسبوع التاريخ الأسود واعتبروه عطلة . [1]

جدير بالذكر أن في السادس عشر من فبراير 2016 أبان حكم الرئيس السابق باراك أوباما وهو من الأمريكيين ذو الأصل الأفريقي ، جاءت فرجينيا ماكلورين ، المتطوعة بالإقامة في مدرسة واشنطن ، قامت بزيارة البيت الأبيض ، وعندما سألها الرئيس لماذا أنت هنا ؟ قالت : ” رئيس أسود ، وزوجة سوداء ، وأنا هنا من أجل الاحتفال بشهر التاريخ الأسود ” . [1]

انجازات الامريكيين الافارقة

 تشعب أذرع الأمريكيين الأفارقة في شتى المجالات واستطاعوا ترك بصمة حقيقية للفكر والعقل الزنجي وأجبروا العالم كافة على احترامهم والوقوف لتحية تاريخهم وصلابتهم وسيرهم نحو هدفهم دون أن يثنيهم عن هذا تنمر المجتمع الأمريكي المعروف بالبشرة البيضاء ، فقد ساهموا في مجالات العلوم والقانون والسياسة والرياضة والفنون والترفيه وغيره ، نذكر منهم مايلي: [2]

مارتن لوثر كينج جونيور

وهو سياسي أمريكي ، من أصول أفريقية ، ولد في 15 يناير 1929 ، كان أحد الزعماء الداعمين لفكرة إنهاء التمييز العنصري في أمريكا ضد أصحاب البشرة السوداء ، حصل على جائزة نوبل للسلام ، وقد كان أصغر من يحصل على هذه الجائزة ، ظلت قضيته هي الحرية والمساواة بين جميع أطياف المجتمع الأمريكي تلك القضية التي اغتيل وهو يدافع عنها بكل بسالة وشجاعة واعتزم في مطالبه هذه ألا يتجه نحو العنف لذا لم يتفق معه بقية الزعماء الذين اتخذوا من الحرب أسلوبًا لفرض كيانهم واستعادة حقوقهم ، فقد كان مثابرًا حكيمًا يطالب بحقه بكل لطف وسلام ، حتى تم اغتياله في 4 أبريل 1968 .

هارييت توبمان

كرست هارييت توبمان حياتها من أجل تحرير العبيد ، وإلغاء الرق ، ولدت في 1821 ، أثرت الهروب من العبودية بدلًا من الاستسلام لها ، وقامت بثلاثة عشر عملية تحرير لسبعين من الأشخاص الذين كانوا عبيدًا ، وذلك من خلال بيوت آمنة وأنفاق سرية ، وبعد الحرب الأهلية الأمريكية عكفت توبمان على المناضلة من أجل حقوق المرأة في التصويت ، وأثناء الحرب الأهلية كانت تعمل في جيش الاتحاد طاهية ثم ممرضة ثم جاسوسة وكانت أول امرأة قائد لحرب مسلحة ، وحررت 700 شخص من العبودية في حملة كانت هي قائدها ، وبعد أن تمكن منها المرض دخلت دار مسنين مخصصة للأمريكيين من أصل أفريقي كانت قد ساهمت في بنائها ، وماتت هنالك عام 1911 وهي محاطة بأحبائها وأصدقائها .

روزا باركس

ولدت في 4 مارس 1913 ، وهي ناشطة أمريكية من أصول أفريقية ، طالبت بالمساواة بين الأمريكيين البيض والأفارقة ، التفتت أنظار العالم إليها من خلال اعتقالها بسبب عدم تخليها عن الكرسي التي جلست عليه في الحافلة من أجل مواطن أمريكي أبيض ، كما كانت تنص قوانين ألاباما ، توفت باركس في 2015 إثر أزمة قلبية .

محمد علي كلاي

ولد في 17 يناير 1942 ، وكان اسمه كاسيوس مارسيلوس كلاي جونيور  قبل أن يعتنق الديانة الإسلامية ، هو ملاكم أميركي من أصل أفريقي ، استطاع أن يحقق اسمًا كبيرًا وهو لم يتخطى الـ18 عامًا بعد ، حيث حصل على العديد من الألقاب المحلية ، وفاز بالميدالية الذهبية لأولمبياد روما الصيفية عام 1960 ، وتمكن من هزيمة بطل العالم للملاكمة وقت ذاك عام 1964 ، وفاز بلقب بطل العالم للملاكمة كأصغر الفائزين بهذا اللقب وكان عمره 22 عامًا .

المراجع