تمتع الفنان الفرنسي إدغار ديغا بشهرة كبيرة أثناء القرن التاسع عشر ، فقد عمل نحاتاً و رساماً أيضاً و قام بتشكيل العديد من المشاهد الفنية الرائعة الجمال التي تميزت بأسلوبها الواضح و التقليدي ، و قد أثرت أعماله على مختلف الفنانين الذين عاشوا في عصره من بينهم بابلو بيكاسو .

بداية حياة الفنان إدغار ديغا
ولد الفنان إدغار ديغا في 19 يوليو 1834م في باريس ، و قد كانت والدته تنتمي إلى الطبقة المتوسطة ، و لكنهم كانوا يعشقون الموسيقى حيث كانت والدته تقوم بالغناء في الاوبرا كهاوية ، أما والده فقد كان يحب تنظيم الحفلات المختلفة في منزلهم التي كان يحضرها العديد من الموسيقيين ، و قد التحق إدغار بمدرسة لوي لو جراند الموسيقية ، و التي تلقى فيها التعليم التقليدي .

ظهرت موهبة إدغار في الرسم و التصوير منذ أن كان طفلاً و كان والده يشجعه على تنمية تلك الموهبة ، و عندما بلغ سن الثامنة عشرة عاماً استطاع أن يحصل على إذن من متحف اللوفر في باريس ، و أثناء القرن 19 اتيحت له الفرصة لتطوير فنه من خلال العمل مختلف الفنانين المشهورين في عصره مثل إينغرس و ديلاكروا .

اتخاذ إدغار النهج التقليدي في الرسم
عام 1855م تمكن إدغار من دخول مدرسة قصر الفنون الجميلة في باريس ، و لكنه سافر بعد سنة واحدة فقط من الدراسة و ذلك لكي يكمل دراسته بالفن في إيطاليا ، و قام هناك برسم نسخ للوحات الفنانين المشهورين الايطاليين من أمثال مايكل انجلو و دافنشي ، و استطاع أن يضع الاساسيات التي ظل يتبعها فيما بعد في أغلب لوحاته .

عندما عاد إدغار إلى باريس عام 1859م بدأ حياته كرسام و بدأ في اتباع النهج التقليدي في الرسم ، حيث قام برسم العديد من اللوحات و الصور لأفراد الأسرة و مقتطفات من الأحداث التاريخية الكبرى ، مثل رسم بعض المشاهد التي حدثت أثناء الحرب في العصور الوسطى ، و لم يتردد إدغار ديغا في رسم تلك الأفكار بقوة و الابداع بها .

مع حلول عام 1862م حدث لقاء ديغا مع زميله الرسام إدوارد مانيه و كان ذلك في متحف اللوفر ، و تعاون الاثنان لتنمية فن يكون أساسه اللجوء إلى التقنيات الحديثة و الموضوعية ، و بعد مرور عدة أعوام اجتمع ديغا و صديقه مع مجموعة أخرى من الفنانين ذوي أهداف مشتركة ، و كانوا يتناقشون في سبل الفن الحديث ، و كانت هذه الاجتماعات تتم حتى في أكثر الأوقات العصيبة التي عاصرتها فرنسا .

جمعية الفنانين الانطباعيين في فرنسا
بعد انتهاء عام 1873م شكل مجموعة الفنانين الذين من بينهم إدغار و مونية جمعية للفنانين المتسقلين بقصر الفنانين ، و أطلق على هؤلاء الفنانين إسم الانطباعيين ، فقد كان إدغار دائماً ما يصف أعماله بالواقعية ، و مع مرور السنوات قام هؤلاء الانطباعيين بإنشاء المعارض التي عرضوا فيها لوحاتهم المختلفة ، و قد كانت لوحات ديغا هي الأكثر شهرة بينهم .

على الرغم من اعجاب الكثيرون بالافكار التي تناولتها لوحات ديغا ، إلا أن رأي البعض في رسوماته أنها كانت قاسية ، بينما الحقيقة أن رسوماته كانت سياسية و اتسمت بالوضوح الشديد ، إذ أنها كانت تهتم بتوضيح و عكس الظروف الاجتماعية و الاقتصادية التي كانت تمر بها فرنسا في ذلك الوقت ، و قد كانت لوحاته السبب في ظهور اقتصاد الخدمات ، كما أنها جعلت للمرأة مجال كبير في العمل .

وفاة الرسام الشهير إدغار ديغا
عاش إدغار ديغا حياته كلها متفرغاً للفن و لم يتزوج على الاطلاق بل أهتم بمساعدة النساء و اعالتهم ، من بينهم الرسامة الاميريكية ماري كاسات و قد توفي إدغار في 27 سبتمبر 1917م ، و قد كان متوقفاً عن الرسم منذ عام 1912م حيث عاش في اواخر حياته معزولاً عن الناس ، و على الرغم من الايحاءات الغير لائقة التي ظهرت في لوحاته الاخيرة للنساء ، إلا أن الجميع يعترف بأنه أحد أفضل الرسامين الانطباعيين .