اليوم العظيم الذي يشهده الأولون والآخرون ويحشر الله فيه كل طوائف الناس، الأغنياء والفقراء والملوك والرجال والنساء لا فرق بين أحد فيهم، كلهم حفاة عراة لا ينفع أحد يومها المال ولا الجاه ولا السلطان الذي كان يتباهى به في حياته، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم ” يا أيها الناس إنكم تحشرون إلى الله حفاة عراة غرلا” ثم قرأ “كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا قاعدين” فسألت عائشة رضي الله عنها، الرجال والنساء فقال النبي صل الله عليه وسلم ” يا عائشة الأمر أشد من أن ينظر بعضهم بعضا”

مواقف يوم القيامة

هم خمسين موقفا كل موقف مقداره ألف سنة كما قال الله تعالى” في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة” لكن طول المدة يشعر فقط من كان عمله سيئ، يوم شديد كما وصفه الله تعالى في القران ” يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَىٰ وَمَا هُمْ بِسُكَارَىٰ وَلَٰكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ” سورة الحج، فالمؤمن الصالح تكون هذه المدة الطويلة تمر عليه مقدار صلاة فريضة، فاحرص في الدنيا على الصبر على الشهوات واجتنب كل ما حرمه الله واتعب في الدنيا القصيرة حتى تربح في الآخرة النعيم الأبدي، ويشمل يوم القيامة على مراحل عظيمة ذكرها الله، فتبدأ بالنفخ في الصور ثم البعث من القبور فحشر الناس، ثم تأتي لكل أمة بنبيها حتى يفصل في الأمور وتكون الشفاعة الكبرى لمحمد صل الله عليه وسلم، وبعدها تنصب الموازين وتوزن الأعمال ثم الصراط ثم الجنة أو النار.

موقف النفخ في الصور

يوم القيامة حدث عظيم والنفخ في الصور قادر على إسماع الأموات في القبور، ينتفضون وقتها من نفخة الصور ويخرجون من قبورهم متربين الرؤوس والأبدان، فهو أمر صعب لأنه مقدمة يوم القيامة والحساب، والنفخ في الصور يكون نفختين الأولى نفخة الصعق، وهذه النفخة قادرة على موت من في الأرض إلا من شاء الله أن يبقي، وهي تأتي على غفلة ويكون الناس مشغولين بالدنيا، أما النفخة الثانية فهي نفخة البعث وهي توقظ الأموات جميعا، يحشروا جميعا إلى أرض المحشر ومن ثم الحساب والجزاء، والفترة الزمنية بين النفختين غير معلومة فأخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم أنها أربعين، دون ذكر أربعون ماذا يوم أو ساعة أو سنة.

موقف البعث والنشور

معني البعث هو إحياء الموتى من قبورهم بعد أن يأكلهم التراب ومر عليهم الزمن، عندما يأتي موعد البعث فيأمر الله الملك الموكل بالنفخ فينفخ النفخة الثانية فتعود على روح إلى جسدها ويقوم الناس للقاء الله، وشبه الله لحظة بعث الأرواح بإنبات النبات من الأرض بعد نزول مياه الأمطار عليه، فيقول الله تعالى ” وهو الذي يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته حتى إذا أقلت سحابا ثقالا سقناه لبلد ميت فأنزلنا به الماء فأخرجنا به من كل الثمرات كذلك نخرج الموتى لعلكم تذكرون”.

موقف الحشر

الحشر بمعنى الجمع فبعد بعث الأموات من قبورهم، يجمع الله الناس جميعا في ارض المحشر ويقومون فيها قياما طويلا كألف سنة، و يحشر الله الناس على ثلاث أقسام قسم كاسون وليس عراه، ويطعمهم الله ويسقيهم وهم الصالحون في الدنيا، وقسم الحفاة العراة وهم العصاة والقسم الأخير من الناس يحشرهم الله حفاة عراة على وجوههم وهم الكفار، ويأتي الرسول صل الله عليه وسلم حتى يسقي الصالحين من أمته، وأرض المحشر جاء في وصفها قال النبي صلى الله عليه وسلم” يحشر الناس يوم القيامة على أرض بيضاء عفراء كقرصة النقي ليس فيها علم لأحد”.

موقف الشفاعة

في هذا اليوم العصيب الذي يشتد فيه الكرب على الناس، يبحثون عن زعمائهم بأنبيائهم والصالحين عند ربهم حتى يشفعوا لهم، فيذهبوا إلى أبيهم آدم عليه السلام ليشفع لهم في الحساب ليخلصوا من هذا اليوم العصيب، فيذكرون بفضله وإكرام الله له لكنه يأبى ويقول نفسي نفسي، ثم يذهبون إلى نبي الله نوح عليه السلام لكنه أيضا يأبى ويقول نفسي نفسي، ثم يذهبون إلى أولي العزم من الرسل وكل واحد منهم يقول نفسي نفسي ويبعثه إلى الآخر، إلى أن يصلوا إلى النبي محمد صل الله عليه وسلم ولكنه يشفع ويقول أمتي أمتي.

ثم يأتي بعد ذلك عرض الأعمال و الحساب ويكون الأمر شديدًا جدًا على المؤمن و الكافر ولايدخل احد يومها بعمله وانما برحمة من الله، و بعد ذلك تعرض الجنة و النار وبينهما الصراط المستقيم كل حسب أعماله اما يمرق كلمح البصر أو يتعثر و يصمد الى الجنة أو يسقط في النار.