الصحة تاج على رؤوس الاصحاء لا يراه إلا المرضى هي مقولة اختلف الكثيرين حول قائلها فمنهم من قال أنها تعود إلى الإمام علي كرم الله وجهه ومنهم من قال أنها تعود إلى الطبيب أبو قراط الذي يطلق عليه أبو الطب، وفي الحقيقة وإن كان يهمنا أن نعرف من قائلها إلا أن هذا الأمر لا يقل أهمية عن معنى هذه العبارة وما تحوي وراءه من حكمة عظيمة قد يغفل الكثيرين منا عنها.

الصحة تاج على رؤوس الاصحاء لا يراه إلا المرضى

فالصحة هي أحد النعم المهمة التي لا تقدر بثمن والتي يغفل عنها الكثير منا بسبب الكثير من مشاغل الحياة قال رسول الله صل الله عليه وسلم: « نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة، والفراغ » أي نسيهما كثير من الناس فلا يدرك الإنسان قيمة هذه النعمة إلا بعد زوالها، لذا فالمرضى هم أكثر من يقدر هذه النعمة ويعي قيمتها.

أهمية الصحة في الإسلام

أعطانا الله عز وجل أجساد وجعلها أمانة في رقابنا نسأل عنها يوم القيامة فيما أبلينها، لذا كانت الصحة من الأمور التي حثنا عليها الإسلام وجعل الطهارة والنظافة التي هي أساس للصحة ، عنوان لكل مسلم فقال الله تعالى: {  وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا } [سورة الإسراء: 70]، وقال: { لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِين َ} [سورة التوبة: 108].

بل وجعل الطهارة والنظافة شرط للقائه كل يوم فلا صلاة إلا بوضوء وطهارة { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } [المائدة: 6].

حتى أن الله تعالى فضل المؤمن القوي المحافظ على صحته وقوته عن المؤمن الضعيف المتخاذل والمهمل فيها، قال رسول الله صل الله عليه وسلم: « المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف ، وفي كل خير »

أحاديث عن الصحة

وردت العديد من الأحاديث في السنة النبوية عن أهمية الصحة والنظافة والطهارة، وتناول بعض منها بعض أنواع العلاجات التي يطلق عليها الطب النبوي ومن هذه الاحاديث:

– قام أبو بكر الصديق، على المنبر ثم بكى فقال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الأول على المنبر ثم بكى فقال: «اسألوا الله العفو والعافية، فإن أحدا لم يعط بعد اليقين خيرا من العافية». [سنن الترمذي] ومعنى العافية كما ذكر المناوي رحمه الله: السلامة من الأسقام والبلاء… والعافية تدفع عنه أمراض الدنيا في قلبه وبدنه.

– روى ابن المبارك في الزهد عن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إلا إن الناس لم يؤتوا في الدنيا شيئا خيرا من اليقين، والعافية، فسلوهما الله عز وجل».

– قال عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: دخل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : « ألم أخبر أنك تقوم الليل وتصوم النهار ؟ ». قلت: بلى ، قال: « فلا تفعل ، قم ونم ، وصم وأفطر ، فإن لجسدك عليك حقا وإن لعينك عليك حقا وإن لزوجك عليك حقا وإن لزورك عليك حقا وإن بحسبك أن تصوم كل شهر ثلاثة أيام فإن لك بكل حسنة عشر أمثالها فإن ذلك صيام الدهر كله »

قصة عن نعمة الصحة

قال رجل لصاحبه بينما كانا يسيران في اتجاه عملهما وكانا ينظران إلى القصور الفخمة والأراضي الشاسعة والبساتين اليانعة: أين نحن حين قسمت هذه الأموال – أي أنه يرى أنه قد حرم من هذه الأموال ولم يشمله عطف الله وكرمه- وهنا انتبه له صاحبه وقال له: تعالى معي حتى أجيبك، وأخذه وذهب به إلى المشفى فرأى المرضى يشتكون الآلام وبعضهم يصرخ من شدة المرض والوجع وأحدهم يصرخ لموت عزيز لديه بعض صراعه من المرض وهنا نظر الرجل لصاحبه وقال له: أين نحن عندما قسمت هذه الأمراض، فاستحى الرجل من نفسه وعلم أنه أنكر نعمة الله عليه ولم ينظر لفيض الله عليه من كرمه في عافيته فشكر صاحبه وانطلق في طريقه وهو يحمد الله على ما أعطاه من نعم لا تعد ولا تحصى.