لاشك أن الصداقة هي إحدى العلاقات المميزة في المجتمعات ، لأنها تساعد في تشكيل شخصية الإنسان وخاصة بين الشباب ، فالشباب على وجه الخصوص يؤثرون في بعضهم البعض بدرجة كبيرة ، لذلك عادة ما نجد أن الصحبة الصالحة تدفع الإنسان دائمًا نحو الأفضل ، وكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” المرء على دين خليله ، فلينظر أحدكم من يخالل ” صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم .

حوار بين شخصين عن الصداقة

في يوم من الأيام بينما كان الأخوين نائمين ، رن هاتف الأخ الأكبر الذي استيقظ على صوت الهاتف ، وبعد أن رد على الاتصال قام مسرعًا من سريره ، وبدا أنه يجهز نفسه للخروج ، فاستيقظ أخيه الأصغر ودار هذا الحوار بينه وبين أخيه

الأخ الأصغر : أين تذهب يا أخي في مثل هذا الوقت المبكر ؟ ، هل نسيت أننا اتفقنا أن نخرج سويًا لتعلمني قيادة السيارة اليوم !

الأخ الأكبر : أنا أسف يا أخي لن أستطيع أن أخرج معك اليوم ، أعتذر منك وأعدك أن أعوض لك اليوم في أقرب فرصة .

الأخ الصغير (الذي بدا عليه الغضب) : أنت بذلك تخلف الوعد الذي وعدتني أياه ، وأنا لن سامحك أبدًا .

الأخ الكبير : أعتذر منك مرة أخرى يا أخرى يا أخي الحبيب ، وأرجو أن تسامحني ، فقد تعرض صديقي لحادث وهو الآن في المستشفى ، يجب أن أكون إلى جواره في هذا الوقت الصعب .

الأخ الصغير : ولماذا يجب أن تذهب أنت ، فأنت لست قريبه وليس عليك لوم إذا لم تذهب اليوم ، يمكنك أن تخرج عي اليوم ، وتذهب لصديقك في أي يوم أخر .

الأخ الكبير : يا أخي العزيز إنني أقرب صديق إليه ، وسوف يسعده أن يراني بجواره وهو يتألم ، وقد يساهم ذلك في شفاؤه ، أما إذا تأخرت عنه قد لا يسامحني أبدًا ، فكيف أكون أقرب صديق له إذا لم أشاطره أصعب أوقاته قبل أسعدها ، ألم تسمع يا أخي القول القديم الذي يقول ” الصديق وقت الضيق ” .

الأخ الصغير : بالتأكيد سمعتها ، ولكني بصراحة لا أفهم معناها ، فلماذا استعين بصديقي وأنا أملك أهل ، هل يكون صديقي أقرب لي من عائلتي .

الأخ الكبير : سوف أحكي لك يا أخي حكاية سمعتها من شيخنا في المسجد ، يقول الشيخ أنه ذات يوم كان هناك رجلان أحدهما كان غني ويملك أموال كثيرة ، والآخر كان رقيق الحال ، ففكر أن يفتح مشروع تجاري ليزيد به دخله ويحسن معيشته ومعيشة أبناؤه .

وبالفعل بدأ الرجل الفقير بالفعل في تأسيس محله ، ولكن أمواله نفذت قبل أن يشتري بضائع للمحل ، شعر بالحزن واليأس لأنه بعد أن أنفق كل أمواله ، لن يستطيع أن يفتتح مشروعه ، وبذلك يكون قد خسر كل شيء ، وبينما هو حزين وجد صديقه الغني يطلب رؤيته ، وتفاجأ الفقير بأنه صديقه الغني يعطيه شيك ، يغطي قيمة البضاعة ويزيد .

شعر الرجل الفقير بالفرح وشكر صديقه الغني كثيرًا وأخبره أنه سوف يجعله شريك في المحل ، فرفض الغني وقال له أنا أملك أموال كثيرة ، وهذا المبلغ هدية مني لك يا صديقي .

قبل الفقير الهدية وبدأ في تشغيل مشروعه الذي كبر وأصبح شركة استيراد كبيرة ، وبسبب انشغالات العمل انقطع لفترة عن رؤية صديقه ، وفي أحد الأيام دخل إلى المسجد ليصلي ، فوجد الإمام ينادي للصلاة على الميت ، وكانت المفاجأة أن المتوفي هو صديقه الغني الذي أهداه الأموال التي بدأ بها مشروعه .

بكي الرجل كثيرًا على صديقه ، وسلم على أبنائه وأخبرهم أنه كان من أقرب أصدقاء والدهم ، وأنه مثل والدهم تمامًا ويجب أن يلجئوا إليه إذا احتاجوا لشيء .

وفي أحد الأيام نام هذا الرجل ، فرأى صديقه في منامه ، وكان يبدو عليه الحزن الشديد ، فلما سأله لماذا أنت حزين ، فأجابه أنه حزين بسبب الدين ، في الصباح ذهب الرجل مسرعًا لزيارة أبناء صديقه ، وسألهم إذا كان على والدهم دين ، فقالوا له لقد أتى إلينا أحد التجار وأخبرنا أنه كان بينه وبين والدنا تجارة وأن الوالد مدين له بمبلغ كبير ، ولكنه لا يملك أي أوراق تثبت الدين وهذا مبلغ كبير جدًا ، ولن نستطيع أن ندفع هذا المبلغ الكبير دون سند ، فأخبرهم عن رؤية والدهم ، ولكنهم رفضوا الاعتراف بهذه الرؤيا ، وقرروا عدم دفع دين والدهم .

شعر الرجل بالحزن الشديد على صديقه ، فذهب للتجار المدعى ، وسأله عن المبلغ ، فعلم أن الدين يعادل تقريبًا كل الأموال السائلة الموجودة في حوزته ، وأنه إذا دفع المبلغ قد تتوقف تجارته !

أصبح الرجل في حيره شديدة ، ولكنه تذكر أن هذه في التجارة في الأصل بدأت بأموال صديقه ، وأنه يجب أن يرد الدين لصديقه حتى لو دفع أخر نقود معه ، وبالفعل ذهب ودفع دين صديقه ، وعاد وهو يشعر بالسعادة والرضا بالرغم من أنه لن يستطيع إدارة تجارته بعد الآن .

بعد ذلك بدأ الحال يضيق مع الرجل ، وبدأ التجار يرفضون التعامل معه بسبب نقص أمواله ، وبينما هو جالس يفكر فيما فعله ، وجد أحد التجار الذين كان يتعامل معه ، قد أرسل إليه سيارة كبيرة محمله بالبضائع ، فأخبره أنه لا يملك سعر لك البضائع ، فقال له أنت مصدر ثقة ، ولن أخذ ثمنها الآن ،ولكن عندما تتحسن ظروفك ، وبالفعل بدأت تجارته تزدهر من جديد ومع الوقت تحسنت أحواله مرة أخرى ، فشكر الله الذي هداه لدفع الدين عن صديقه ، وألا يجحد فضله مثلما فعل أبناؤه وإلا كان اليوم يشعر بالندم الشديد .

الأخ الكبير : والآن يا أخي الصغير هل عرفت قيمة الأصدقاء .

الأخ الصغير : بالطبع يا أخي إن الصداقة بالفعل شيء عظيم ، والآن سوف أرتدي ملابسي ، وأذهب معك لزيارة صديقك .