قد تتأثر اللغات ببعضها البعض ، ويبدو هذا التأثر في ظهور بعض الكلمات من لغات في لغات أخرى ، أو اكتساب لهجة معينة لنطق بعض الكلمات من لغة أخرى قد تكون مشابهة أو مختلفة تمامًا تبعًا لأسباب التأثير والتأثر ، ومما ظهر في اللغة العربية من بعض الكلمات الغريبة أو المشتقة ما ينتسب إلى اللغة السريانية التي تنتسب إلى عائلة اللغات السامية ، وقد يعود تأثير السريانية في العربية إلى التقارب والتشابه بينهما ؛ حيث أنهما يعودان إلى أصل واحد وهو الكنعانية.

ما هي اللغة السريانية

تنتمي اللغة السريانية إلى اللغات السامية ، وقد أُخذت من اللغة الآرامية ؛ حيث أن اللغة الآرامية هي أصل اللغة السريانية ، وقد نشأت في الألف الأول قبل الميلاد ، وكانت هي اللغة الوحيدة للتخاطب في منطقة الهلال الخصيب من القرن السادس قبل الميلاد إلى ما بعد الميلاد ، وقد تطورت بشكل تدريجي لتكتسب الاسم الجديد وهو السريانية ، والتي عُرفت كأحد الأبجديات السامية والمشتركة بصورة كبيرة مع الأبجديات الموجودة باللغات الفينيقية والعربية والعبرية.

التواصل بين اللغة العربية واللغة السريانية

لقد أكد الباحثون في مجال اللغات بوجود عملية تواصل بين اللغة العربية والسريانية نتيجة لعوامل الهجرة والاختلاط ، كما تم التأثر بين اللغتين بسبب عمليات الإتصال والتبادلات التجارية والثقافية التي كانت منتشرة وشائعة بين منطقة شبه الجزيرة العربية وبلاد الشام  ، وقد حدث الامتزاج العميق بين اللغتين مع بداية ظهور نشأة الدولة الأموية ؛ حيث أن اللغة السريانية كانت تمثل الهيئات والدواوين في بداية الدولة الأموية ، واستمرت السريانية كلغة تخاطب بين المدن والقرى السورية بشكل متفاوت وغيرها من البلدان الأخرى ؛ حتى دخلت اللغة العربية إلى الدواوين وظهور العهد المملوكي ؛ حيث بدأت اللغة العربية في فرض سيطرتها بعد ذلك.

كلمات سريانية في اللغة العربية

هناك العديد من الكلمات في العربية التي تعود إلى الأصل السرياني ومنها ما هو منتشر في اللغات العامية واللهجات المختلفة وخاصةً في بلاد الشام ، كما أن السريانية اكتسبت كذلك العديد من اللغة العربية ، ومن الكلمات المستخدمة في اللغة العربية من أصل اللغة السريانية :

كلمة “حلب” وهي تعني الأرض الخصبة أو البيضاء ، ويُذكر أن اللبن في بلاد الشام يُطلق عليه اسم حليب بسبب لونه الأبيض ، وفي السريانية تكون كلمة أبيض بمعنى حليب ، وقد تم اشتقاق كلمة حلب منها وفعلها “يحلب” ومشتقاته اللغوية ، وفيما يختص باسم مدينة حلب ؛ فإنها قد جاءت من اللغة السريانية بمعنى المدينة البيضاء بسبب كثرة تواجد الحجر الأبيض بها

كمة “درب” وهي تعني طريق ، ومنها الفعل تدرب بمعنى تمرن على شيء ، وكأن التدريب على شيء معين ما هو إلا طريق يسلكه المتدرب ، ليكون الأصل لكلمة درب في المعنى بأنها طريق

كلمة “نتع” بمعنى حمل الشيء وسحبه ، أو قد تأتي بمعنى أن الشخص ذهب مشيًا رغمًا عنه

كلمة “شكارة” وتعني قطعة أرض صغيرة تتم زراعتها بالحبوب ، ويعود أصلها إلى كلمة “اشكارة” السريانية ، ويتم استخدام هذه الكلمة في الشام وجنوب العراق ، وفي الأردن تكون بمعنى الشيء الصغير

كلمة “طابون” بمعنى أداة تُستخدم في صناعة الخبز ،  أو فرن صغير يتم صناعته بطبقتين من الطين ؛ بحيث تكون طبقة للنار والأخرى للخبز

كلمة “مبهدل” وهي صفة سريانية يتصف بها الشخص الذي يبدو سخيفًا وهي نوع من أنواع الإهانة ؛ حيث أن كلمة “بهدل” تعني شتم أو أهان.