بدأ البشر منذ بدء الخليقة على الأرض في اختراع الأسلحة، سواء للحرب أو الصيد أو للدفاع على أنفسهم، ويعد القوس والسهم من أكثر الأسلحة القديمة استخداماً، وكان جزء كبير في الجيش يسمى بالرماة، وكانوا يستخدمون القوس في الحرب، وتم تطوير هذا السلاح ليظهر لنا سلاح القوس النشاب، الذي سبب نقلة نوعية في الحرب.

القوس والنشاب

يعود استخدام القوس والسهم للصيد وللحرب إلى العصر الحجري القديم في إفريقيا وآسيا وأوروبا، كان يستخدم على نطاق واسع في مصر القديمة وبلاد ما بين النهرين وبلاد فارس والأميركتين وأوروبا حتى تم إدخال البارود، وكان يستخدم منذ أكثر من ألفي عام في الصين، وتم اختراع القوس والنشاب باعتباره ابتكاراً وتطوير للقوس والسهم الأساسيين الذي يعتبر مدد هام باستخدام الأسلحة اليدوية الميكانيكية في جميع أنحاء العالم.

بالبداية صنعت رؤوس السهام أولاً من خشب محترق ثم حجر أو عظم ثم معادن، تم استخدام الخشب والعظام المختلفة للقوس نفسه، ومع ذلك، لم يكن سلاحاً قوياً في ذلك الوقت.

يتكون القوس المركب من مواد مختلفة (خشب، قرن، خيط) ملتصقة معاً لزيادة قوتها الطبيعية ومرونتها، كانت الأقواس والسهام من بين الأسلحة المهيمنة التي تستخدمها العربات الآشورية وسلاح الفرسان البارثيين والفرسان المغول وقوس الخيول الإنجليز.

في أوروبا كانت قطع المدفعية من نوع القوس والنشاب معروفة لدى الإغريق القدماء واستخدمت في عام 397 قبل الميلاد في سيراكيوز، استخدمه القرطاجيون في القرن الثاني قبل الميلاد قوساً محمولاً يدعى العقرب، حيث قيل إنه تم تسليم 2000 من هذه الأسلحة إلى الرومان بعد سقوط قرطاج، في وقت لاحق مع تراجع روما، سقط القوس والنشاب وتراجع استخدامه ولكنه عاد إلى الظهور مرة أخرى في أوروبا في القرن العاشر.

في الصين القوس والنشاب هو القوس الذي وضع أفقياً على الأسهم، إنه يطلق السهام أو البراغي المدفوعة بواسطة الطاقة الميكانيكية لخيط مشدود، قد يكون هذا النوع أقوى من القوس العادي لأنه قد يطلق سهام متعددة أو رشق أو حجارة.

الجدير بالذكر أنه كانت هناك بعض التصاميم أبطأ في الإطلاق من القوس الطويل وكانت هناك تصاميم أخرى صغيرة ومفيدة للقتال المباشر.

التطور التاريخي للقوس

تقليديا، تم ابتكار القوس والنشاب الصيني لأول مرة من قبل شين شيه من ولاية تشو في وقت ما في القرن السادس قبل الميلاد، كانت هناك بعض أمثلة المبكرة المصنوعة من الخشب فقط ولكنها اختفت منذ وقت طويل من السجل الأثري، لكن أول استخدام مسجل للأقواس النفاثة في الحرب الصينية كان في معركة ما لينغ 341 قبل الميلاد بين ولايتي تشي ووي، وضعهم زعيم Qi Sun Pin في الاستخدام الجيد وقام بتوجيها نحو العدو بوسطة جيوش أسرة تشو الشرقية(771-256 قبل الميلاد) التي اشتهرت بشكل خاص بوحدات النخبة الخاصة بهم المسلحة بالنشاب، والذين تم تدريبهم على مدى سبع سنوات وارتدوا الدروع، وقيل إنهم قادرون على السير لمسافة 160 كم (100 ميل) دون راحة.

أصبح اعتقاد عام في الأطروحات العسكرية في تلك الفترة أن رجل الرماية الجيد، كان يوازي 100 من جنود المشاة العاديين، يشير كتاب (ستة تعاليم سرية) من تأليف T’ai Kung العسكري في القرن الخامس إلى الثالث قبل الميلاد إلى أن أبعاد الجيش المثالي يجب أن تكون 10000 من المشاة و 6000 من رجال القوس و 2000 من الرجال ذوي الخراف والدروع، و 2000 من الرماة والدروع.

سلالة هان(206 ق.م. – 220 م) استخدمت القوس والنشاب بشكل جيد لدرجة أنه كان لهم الفضل إلى حد كبير كسبب لهيمنة تلك الدولة، كان فيلق القوس المدربين تدريباً جيداً له القدرة على التغلب على سلاح الفرسان مع تكبيدهم خسائر بشرية مدمرة إذا أطلقوا النار كدفعة واحدة داخل جناح مشاة العدو خلال الكمين، وكان القبض على قوات العدو يتم في تبادل لإطلاق النار من خلال تقسيم رجال القوس إلى مجموعتين بتكتيك ناجح للغاية، واستخدم الهان الأقواس الخفيفة والثقيلة، وتمكن أن يجعل رجال القوس متشابكين في القوات وهم مسلحون أنفسهم أيضاً بالحبل.

الأدلة الأثرية للقوس

تشير العديد من الأدلة الأثرية الإضافية إلى أن تقنية القوس والنشاب كانت تستخدم بشكل واسع الانتشار في الصين، تم اكتشاف قبر في منتصف القرن الخامس قبل الميلاد في مقاطعة هوبي، يعود إلي ولاية تشو حيث وجدوا مسامير من القوس النحاسي، وكانت هناك مقبرة في ساوباتانغ بمقاطعة هونان من منتصف القرن الرابع قبل الميلاد احتوت أيضاً على قوس من البرونز، ووجد بعض من محاربى التيراكوتا المدفونين مع تشين شي هوانغ دي (260-210 قبل الميلاد) يحملون أقواساً، وتم اكتشاف أول قوس ونشاب مكرر معروف في مقبرة أخرى تعود إلى القرن الرابع قبل الميلاد في كينجيازوي بمقاطعة هوبى.

النشاب المدفعي للقوس

تم تطوير نوع أثقل وأكبر من القوس والنشاب الذي يمكن استخدامه كسلاح مدفعي، بالإضافة إلى إطلاق مسامير مفردة أو متعددة من مواقع ثابتة، يمكن تركيب هذه الأقواس على العربات لنقلها بسرعة إلى الأماكن التي كانت في أمس الحاجة إليها في ساحة المعركة، خلال فترة الدول المتحاربة، كانت حرب الحصار أمراً متكرراً، حيث كانت المدن المحصنة جيداً محمية بجدران وأبراج عالية، وكان تستخدم الأقواس المتشابكة مع البكرات والشدات لسحب الحبل، وبالتالي أصبحت سلاح دفاعي مفيد.

استخدم جيش الهان قوساً ثقيلاً يزن 159 كيلوجرام (350 رطل)، كانت مثبتة على قاعدة دوارة، وكان الرجال أقوياء بما يكفي للعمل عليه وكانوا يعرفون باسم تشويه تشانغ، كما استخدم سونغ الأقواس المدفعية ذات الأعمدة الثابتة والرافعات، لكن هذه لم تكن شائعة مثل القاذفات الحجرية ذات السلاح الواحد التي استخدمت بمئات من المعارك وعمليات الحصار المختلفة.

تأثير القوس على الحرب

كان القوس والنشاب سلاحاً تقنياً يحتاج إلى الدراية من أجل بنائه واستخدامه بشكل فعال، وهما عاملان أعطيا الولايات الصينية ميزة واضحة على جيرانها الأقل تطوراً لهذا السلاح، فعندما كانت الولايات تقاتل بعضها البعض، كان السلاح فعالاً بشكل خاص ضد مركبات الخصم التي كانت تتحرك ببطء على أرض والمحمية فقط بواسطة أغطية جلدية، تشير رسالة رسمية تصف النصر إلى أنه حيثما وصلت براغي القوس والنشاب، كانت مسارات العربات فوضوية وتناثرت العربات في كل مكان، قد يكون هذا أحد العوامل في زوال عربة الحرب الصينية، وكان البعض الآخر يقول أن السبب هو وصول سلاح الفرسان وقوات المشاة الأخف وزناً والأكثر تنوعاً.

عندما أصبحت فرق سلاح القوس بالجيوش أكثر شيوعاً بدأ الجيش يجهز نفسه بدروع وخوذات أفضل نتيجة لقوة اختراق القوس المحسنة مقارنة بالماضي، حيث تم وضع المعدن البرونز ثم الحديد لاحقاً مربوطة بالأشرطة الجلدية مع الحبال والخوذات المصنوعة من المعدن لتوفير حماية أفضل، إلا أنه مع كل ذلك كان من الصعب من مسافة قريبة أن يوقف مسمار القوس بشكل جيد.

شهدت فترة سونغ على سبيل المثال، تخصص رجال القوس مع استخدام القناصة بغرض استهداف أهداف محددة بعيدة المدى، تم تسجيل نجاح واحد في ذلك بمعركة شان تشو 1004 م حيث تم إسقاط الجنرال هسياو لين لين من خلال القوس والنشاب التي أطلقت من بعيد.